للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١) رواهما مسلم، ولما كان العرف عند النساء أن الرضيع لا يسمى مرتضعًا إذا شرب من حليب الآدمية حتى يرتوي منه ويسكن جوعه؛ حمل الحكم الشرعي على الحال العرفي، ولذلك؛ فلو حلبته مرة واحدة فسقته خمس مرات؛ تشبعه كل مرة؛ فهي رضعة معتبرة في كل مرة تشبعه؛ لأنها وجبة سدَّت جوعته.

- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في فروع، منها:

١ - سقي المرضعِ الصبيَّ لبنًا مجموعًا جرعةً بعد جرعة؛ متتابعةً.

ظاهر قول الخرقي أنه رضعة واحدة (٢)، ويحتمل عند الحنابلة أيضًا أن يخرَّج على الخلاف فيما إذا قطعت عليه المرضعة الرضاع، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى عند الكلام على ضابط الرضعة (٣).

٢ - إذا حلبت المرضع من صدرها دفعة واحدة أو دفعتين، ثم سقت رضيعها منه خمس رضعات مشبعات؛ ثبت بينهما التحريم؛ فيما ترجح من الأقوال، وهو مذهب الحنابلة، ولم يثبت التحريم؛ في القول المرجوح، وهو مذهب الشافعية.

٣ - لا يلتفت في بنوك الحليب إلى مرات سحب الحليب من المرضعة لتقدير عدد رضعات المستفيد، بل يقدر ذلك بما يتناوله الرضيع حتى يشبع، فتكون رضعة، وهذا على القول المترجح، وهو مذهب الحنابلة وقول للشافعية، واعتبر الشافعي فيما نسب إليه وعامة أتباعه مراتِ خروج اللبن من المرضع في حساب عدد رضعات الرضيع.

وقبل بيان النتائج المتصلة بعنوان هذا المطلب، أشير إلى أنه وقع من بين الباحثين المعاصرين من أطلق الحكم نافيًا انتشار حرمة النكاح من ألبان بنوك الحليب الحالية. (٤)


(١) مسلم: المصدر السابق، (كتاب النكاح وإجابة الداعي - باب رضاعة الكبير - ٤/ ٨٢)، برقم (١٤٧٥)؛ من طريق عمرو الناقد، وابن أبي عمر؛ عن سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة؛ به مرفوعًا.
(٢) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٤)؛ لاعتبار الخرقيِّ خمسَ رضعات متفرقات، ولأن المرجع في الرضعة إلى العرف، وهم لا يعدون هذا رضعات؛ فأشبه ما لو أكل الآكل الطعام لقمة بعد لقمة، فإنه لا يعد أكلات.
(٣) ينظر: المبحث الأول من الفصل الثالث.
(٤) ينظر: د. أمل الدباسي: المصدر السابق، (ع ٢٦/ ٥١١). وقد تقدم بيان آراء الباحثين المعاصرين حول حكم إنشائها، ولكن عنوان هذا المطلب متعلق بأثر بنوك الحليب في انتشار المحرمية.

<<  <   >  >>