للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يمكن أن يناقش دليلهم بما يأتي: ج- إن هذا تخصيص للحكم الشرعي بالعرف اللغوي، والعرف الشرعي يقدم عليه إذا تعارض معه.

- الترجيح: الراجح ثبوت التحريم من الحليب الذي يوجر به الرضيع أو يسعط، وذلك؛ لعموم النصوص المثبتة للتحريم من لبن الآدمية، ولأن حليب الآدمية إذا وصل إلى الجوف بأي طريق فقد تحقق معنى الغذاء الذي يقع به نشوز العظم ونبات اللحم، وهذا المعنى هو الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم، وكما يصل الحليب بطريق الفم فهو يصل بطريق الأنف؛ لأن الأنف منفذ من منافذ الجهاز الهضمي، وأما الاعتقاد باتصال الأنف بالدماغ؛ فقد ثبت في الطب الحديث أنه لا علاقة بين الأنف والدماغ، وأن جدارًا يحول دون ذلك (١).

- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:

١ - لو أرضعت امرأة صبيًّا أربع رضعات، ثم حلب منها لبن، ثم ماتت، فأوجره الصبي بعد موتها؛ كان ابنها، وهو ماصرح به الشافعي (٢)، ومقتضى قول الجمهور، خلافًا لابن حزم.

٢ - إذا تغذى الرضيع من حليب الآدمية بطريق الأنابيب التي تدخل من طريق الأنف أو الفم؛ ثبت بها التحريم في قول الجمهور، ولم يثبت بها التحريم مطلقًا؛ في قول ابن حزم، ولم يثبت التحريم بما كان من طريق الأنف فيما نسب إلى عطاء ومالك، وبعض المالكية والشافعية.

- سبب الخلاف: يعود سبب الخلاف في هذه المسألة إلى ما يأتي:

١ - الاحتجاج بالقياس الخفي.

فمن احتج به - وهم الجمهور -؛ عدَّى الحرمة إلى كل لبن آدمية يتوافق مع التقام الثدي في تقوية العظم وإنبات اللحم، ومنه التوجير والتسعيط.

ومن خالف في هذا من الظاهرية؛ لم يعتبر في الحرمة بغير التقام الثدي والمص المباشر. (٣)


(١) د. عبد المجيد الشاعر: المصدر السابق، (ص ١٠٧).
(٢) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٨٩).
(٣) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٩).

<<  <   >  >>