للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [سورة الزمر: ٦]، وقوله: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [سورة النحل: ٧٨]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش" متفق عليه (١).

فنفى الله تعالى الأمومة عن التي لم تلد؛ لأن الوالدة الحقيقية هي التي ولدت، وأناط الإرث بالذي ولدته المرأة، وسمى فاعل الحمل أمًّا؛ لأن البويضة الملقحة إنما نمت وتغذت بدم التي حملتها وتحملت آلام الحمل وآلام المخاض؛ فهل يعقل أن ينسب الولد لغيرها؟

هذا من غير المعقول؛ لأن الأمومة ليست معتمدة على العوامل الوراثية وحدها، وإن كانت لتلك العوامل أهمية كبرى في صفات الخلق إلا أن الأمومة أوسع من ذلك وأشمل علميًّا وشرعيًّا.

وألحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الولد للفراش؛ أي: لا شبهة مع فراش، ولا حكم لأي وطء أو ما في حكمه؛ يقع من زنا، أو شبهة، أو إكراه، أو شتل، أو تلقيح الصناعي، أو غير ذلك؛ فمهما كان شيء من ذلك فإن الولد للزوج الذي ولد على فراشه؛ لأن في تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - الآنف قطعًا لمادة النزاع، وحسمًا لمادة الخلاف - في مثل تأجير الرحم المعاصر - ليعود إلى مواقع الإجماع.

وهذا ما يعم المستأجر رحمها وغيرها؛ لأن الحقيقة الواقعية العلمية ليست بالضرورة هي الحقيقة الشرعية؛ فالشرع يحكم بالظاهر، والحقيقة علمها عند الله سبحانه.

وهذا ما دل على أن الأم البديلة التي استؤجر رحمها هي الأم النسبية الحقيقة في شريعة الإسلام، ولم يخالف في هذا أحد من الباحثين المعاصرين إلا نزر يسير شاذ. (٢)

وإذا كانت كذلك؛ فقد أثمر ذلك في أن المستأجر رحمها هي الأم الرضاعية أيضًا لكل من ترضعه، وإذا كان لها زوج؛ فهو أبو من ترضعه الرَّضاعي؛ لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (٣).


(١) ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب البيوع - باب تفسير المشبَّهات - ٣/ ١٥٧، وغيره)، برقم (٢٠٦٢، وغيره)؛ من طرق عن أبي هريرة، وعائشة. مسلم: المصدر السابق، (كتاب النكاح وإجابة الداعي - باب الولد للفراش وللعاهر الحجر - ٤/ ٨٨، وغيره)، برقم (١٤٧٩، وغيره)؛ من طرق عن أبي هريرة، وعائشة.
(٢) ينظر: منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (٢/ ٢١١ - ٢١٣، ١٨٢ - ١٨٤).
(٣) متفق عليه. ينظر تخريجه عند الضابط الثاني في المبحث الثالث من التمهيد.

<<  <   >  >>