للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحجاوي ت ٩٦٨ هـ: وإذا حملت امرأة من رجل يثبت نسب ولدها منه، فثاب لها لبن، فأرضعت به - ولو مكرهةً - طفلًا رضاعًا محرمًا؛ صار ولدًا لهما؛ في تحريم النكاح، وإباحة النظروالخلوة، وثبوت المحرمية ا. هـ (١)

وقال ابن حزم ت ٤٥٦ هـ: لبن الفحل يحرم، وهو: أن ترضع امرأةُ رجلٍ ذكرًا، وترضع امرأته الأخرى أنثى؛ فتحرم إحداهما على الأخرى ا. هـ (٢)

غير أنه لا يصح قياس غير الميتة عليها في إثبات التحريم من الرضاع دون مادة الإذن أو الرضى؛ لعدم إمكان استئمار الميْتة أو استئذانها، ولأنه لا أثر لانتشار الحرمة الرضاعية إليها في تحريم النكاح منها باعتبار خروجها من الحياة الدنيا إلى الحياة البرزخية تمهيدًا للحياة الآخرة.

فيما قد صرح بعض الفقهاء بأن عدم رضى زوج المرضعة الذي ثاب اللبن بوطئه لا يعد صارفًا لحكم التحريم الرضاعي؛ قال النووي ت ٦٧٦ هـ فيمن: "طلق زوجته، أو مات عنها، ولها لبن منه، فأرضعت به طفلا قبل أن تنكح؛ فالرضيع ابن المطلق والميت، ولا تنقطع نسبة اللبن بموته وطلاقه؛ سواء ارتضع في العدة أو بعدها، وسواء قصرت المدة أم طالت كعشر سنين وأكثر، وسواء انقطع اللبن ثم عاد، أم لم ينقطع؛ لأنه لم يحدث ما يحال اللبن عليه، فهو على استمراره منسوب إليه" (٣)، فحيث انتشرت المحرمية من رضاع الميتة، واعتبر به؛ فليعتبر به أيضًا من دون اشتراط رضى زوج المرضعة أو أبي الطفل الأجنبي الرضيع؛ بحيث لا يكون هناك أثر لعدم إذن زوج المرضعة في صرف انتشار المحرمية.

غير أنه يقال في الزوج الميت ما قيل في المرضعة الميتة، وأما إن كان مطلِّقًا، فأرضعت من اللبن الثائب منه؛ ثبت التحريم إليه بأصوله وفروعه وحواشيه ما لم يكن داعي الرضاع الإضرار به؛ فلا يحرم الرضاع شيئًا حينئذ؛ معاملةً لمن أراد ذلك بنقيض قصده (٤)؛ كما لو كان لزوج امرأتان، فأرادت كبراهما أن ترضع الصغرى؛ لإفساد نكاحها عليه ونكاح المرتضعة منه. (٥)


(١) الحجاوي: المصدر السابق، (٤/ ١٢٤).
(٢) ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (١٠/ ٣).
(٣) ينظر: النووي: روضة الطالبين (٩/ ١٨).
(٤) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٧/ ٣١٦٢).
(٥) الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٧١). ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٨ - ٩).

<<  <   >  >>