للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحيث كان الإسلام نورًا يشع على المسلمين كلهم، وحقًّا لكل من اجتهد فيه عالمًا، غير مقصور على طائفة أو متمثلًا في مؤسسة (١)؛ فهذه أقوال فقهاء المسلمين في المسألة ابتداءً بالخلفاء الراشدين وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم -، وسائر فقهاء الصحابة والتابعين ومن تتلمذ عليهم وسار على نهجهم من العلماء المحققين؛ مرورًا بالأئمة الأربعة:

القول الأول: مدة الرضاع ثلاثون شهرًا؛ فلا يحرم من الرضاع إلا ما كان في عامين وستة أشهر، فما كان بعد ذلك فإنه لا يحرم.

وبه قال أبوحنيفة (٢)، وهو قول لبعض الحنفية وعليه الفتوى عندهم (٣).

القول الثاني: مدة الرضاع سنتان، فإذا مضى الحولان لم يتعلق بالرضاع أثر في التحريم.

وهو مروي عن عمر (٤)، وعلي (٥)، وابن عمر (٦)، وابن مسعود (٧)، وابن عباس (٨)، وأبي هريرة (٩)، وصححه عنهم دون عليٍّ ابنُ القيم (١٠)، وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى عائشة (١١)، وعروةُ بن الزبير (١٢) - رضي الله عنهم أجمعين -.


(١) في التجربة الغربية انتهى اعتبار الثقافةِ الكنسيةِ الدينَ إرثًا خاصًّا لها وللقائمين عليها إلى ظاهرة الإلحاد الواسعة هناك، ومن تبعات السياق الكنسي الغربي ما يمارسه الخطاب الليبرالي اليوم في استخدام بعض التعبيرات؛ مثل: "رجال الدين"، " المؤسسة الدينية". ينظر: رشود التميمي: تأملات في البواعث النفسية للإلحاد (ص ٢٧ - ٢٨).
(٢) الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٥٥، ٢٦٣). ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٣٩٤). الميداني: المصدر السابق، (٤/ ٧٦). ابن حزم المصدر السابق، (١٠/ ٢٣).
(٣) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٣٩٥). الميداني: المصدر السابق، (٤/ ٧٦).
(٤) القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦٢). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٧).
(٥) ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٧).
(٦) ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص ٤٦٤)، برقم (١٣٢٥)؛ من طريق نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يقول: لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير ا. هـ ابن جرير: المصدر السابق، (٤/ ٢٠٣ - ٢٠٤)؛ من طريق المثنى، عن آدم، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن ابن عمر؛ أنه قال: لا أرى رضاعًا بعد الحولين يحرم شيئًا ا. هـ، ومن طريق ابن حميد، عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن ابن عمر؛ أنه قال: لا رضاع بعد الحولين ا. هـ ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٢٢)؛ معلقًا على مالك، عن عبد الله بن دينار؛ أنه سمع ابن عمر - وقد سأله رجل عن رضاع الكبير -، فقال له ابن عمر: قال عمر بن الخطاب: إنما الرضاعة رضاعة الصغير ا. هـ، ومعلقًا على مالك، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يقول: لا رضاعة إلا ما أرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير. وينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٧).
(٧) ابن جرير: المصدر السابق، (٤/ ٢٠٤)؛ من طريق أبي السائب، عن حفص، عن الشيباني، عن أبي الضحى، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله؛ أنه قال: ما كان من رضاع بعد سنتين، أو في الحولين بعد الفطام؛ فلا رضاع ا. هـ، ومن طريق ابن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم؛ أنه كان يحدث عن عبد الله: لا رضاع بعد فصال أو بعد حولين ا. هـ ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٢٤)؛ من طريق الحجاج بن المنهال، أنا أبو عوانة، عن المغيرة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود؛ قال: لا رضاع بعد حولين ا. هـ، ويأتي تخريجه عند الأدلة. القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦٢). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٧).
(٨) ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص ٤٦٤)، برقم (١٣٢٣)؛ من طريق ثور بن زيد الدِّيلي، عن ابن عباس؛ أنه كان يقول: ما كان في الحولين - وإن كان مصة واحدة - فهو يحرم ا. هـ ابن جرير: المصدر السابق، (٤/ ٢٠٣ - ٢٠٤)؛ من طريق المثنى، عن آدم، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن ابن عباس؛ أنه قال: لا أرى رضاعًا بعد الحولين يحرم شيئًا ا. هـ، ومن طريق ابن حميد، عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن ابن عباس؛ أنه قال: لا رضاع بعد الحولين ا. هـ، ومن طريق هلال بن العلاء الرَّقِّي، عن أبيه، عن عبيد الله، عن زيد، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس؛ أنه يقول: لا رضاع إلا في هذين الحولين ا. هـ ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٢٤)؛ معلقًا على أبي عبيد، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس؛ قال: لا رضاع إلا في الحولين ا. هـ القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦٢). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٧).
وأعل سند مالك: بأن ثورًا لم يسمع من ابن عباس. وأجيب: بأن بينهما عكرمة، وأن الأثر محفوظ عن ابن عباس من حديث عكرمة وغيره.
(٩) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٧).
(١٠) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٧٧).
(١١) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٢٢)؛ معلقًا على مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير؛ أن أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حاش عائشة وحدها؛ كن يرين رضاع سالم مولى أبي حذيفة خاصة له ا. هـ ثم نفى أبو محمد ابن حزم أن يرد عنهن في الصغر حد. وينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٧).
(١٢) ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص ٤٦٥)، برقم (١٣٢٩)؛ من طريق إبراهيم بن عقبة، عن عروة؛ به. البيهقي: السنن الكبير (١٦/ ٣٨)؛ من طريق مالك، عن إبراهيم بن عقبة؛ أنه سأل سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير؛ عن الرضاعة؟ فقالا جميعًا: كل ما كان في الحولين - وإن كانت قطرة واحدة - فهي تحرم، وما كان بعد الحولين فإنما هو طعام يأكله ا. هـ

<<  <   >  >>