للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا يقرر نظام المرافعات الشرعية المحلِّي أن القاضي يكون ممنوعًا من نظر الدعوى وسماعها إذا كان أحد الخصوم قريبًا له أو صهرًا إلى الدرجة الرابعة ولو لم يطلب تنحيه أحد الخصوم، وأن عمل القاضي يقع باطلًا لو قضى في هذه الحال.

ولكن؛ هل يتعدى هذا الأمر القريب النسبي إلى القريب الرَّضاعي؟

لم أجد فيما نقله الفقهاء أو قرره المنظِّم ما يشير إلى منع الحاكم من الحكم لقريبه الرضاعيِّ؛ كوالد القاضي من الرضاع؛ إلا ما يمكن أن يندرج تحت بعض فقرات المادة السادسة والتسعين من نظام المرافعات الشرعية، والتي أجازت ردَّ القاضي إذا كان أحد الخصوم خادمًا للقاضي، أو اعتاد مؤاكلته أو مساكنته، أو تلقى منه هدية قبيل رفع الدعوى أو بعده - أي: الرفع -، أو عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكمَ دون تحيُّز؛ لأن القريب الرضاعي مظنة تلك الأسباب المجيزة لرد القاضي (١).

غير أن تعميمًا أصدره وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية (٢) نص على أن القرابة من الرضاعة ليست من موانع نظر الدعوى وسماعها.

وإذا كان الفقهاء - رحمهم الله - يقررون أن الرضاع لا يشترك مع النسب في حكم رد الشهادة؛ اعتبارًا بكون النسب أقوى من الرضاع (٣)؛ فليكن ذلك كذلك في حكم سماع الدعوى من القريب الرضاعي؛ لأن الحكم له نوعُ شهادة. (٤)


(١) أفدته من حوار جرى مع فضيلة الشيخ د. إبراهيم الجهني؛ أستاذ الفقه المكلف بالمعهد العالي للقضاء، والقاضي بالمحكمة العامة في الرياض.
(٢) موجَّهًا إلى رئيس محاكم منطقة القصيم، بتاريخ ٢٧/ ٦/١٤٢٤ هـ.
(٣) تقدم قريبًا في المطلب الآنف.
(٤) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١٤/ ١٢، ١٨١). آل خنين: الكاشف (١/ ٤٧٣ - ٤٨١). د. إبراهيم الموجان: شرح نظام المرافعات (ص ٢٩٣ - ٢٩٥). الباب الثامن من أبواب نظام المرافعات الشرعية السعودي (ص ٨٧، ٩٠ - ٩١، مادة ٩٤، ٩٥، ٩٦).

<<  <   >  >>