فَبَيْعُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ مُحْتَمَلٌ، وَبِثَمَانِيَةٍ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ
وَقَوْلِي: كَالشَّرِيكِ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (فَلَوْ خَالَفَ) فَبَاعَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ (وَسَلَّمَ) الْمَبِيعَ (ضَمِنَ) قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّسْلِيمِ وَلَوْ مِثْلِيًّا لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ وَلَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ غَرَّمَ الْمُوَكِّلُ بَدَلَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي، وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ لَوْ كَانَ بِالْبَلَدِ نَقْدَانِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِأَغْلَبِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمُعَامَلَةِ بَاعَ بِأَنْفَعِهِمَا لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَاعَ بِهِمَا قَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ وَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ.
(وَلَوْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مُؤَجَّلًا صَحَّ) وَإِنْ أَطْلَقَ الْأَجَلَ (وَحُمِلَ مُطْلَقُ أَجَلٍ عَلَى عُرْفٍ) فِي الْمَبِيعِ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ رَاعَى الْوَكِيلُ الْأَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَحَيْثُ قَدَّرَ الْأَجَلَ اتَّبَعَ الْوَكِيلُ مَا قَدَّرَهُ الْمُوَكِّلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَصْلَحَةِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِكَامِلِ الْقِيمَةِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مَا يُسَاوِي عَشْرَةً) أَيْ: مِنْ الدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ " بَيْعًا مُشْتَمِلًا عَلَى أَحَدِ " إلَخْ، وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: " عَلَى " بِمَعْنَى " مَعَ " عِبَارَةُ اط ف أَيْ: بَاعَ بَيْعًا مُشْتَمِلًا عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ: الْوَكِيلُ قِيمَتَهُ أَيْ أَقْصَى قِيمَةٍ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ، وَالْقِيمَةُ الْمَغْرُومَةُ لِلْحَيْلُولَةِ وَيَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ التَّصَرُّفُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ كَمِلْكِ الْفَرْضِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّلَفِ وَكَانَ الْبَدَلُ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَهَا لِلْمُوَكِّلِ لِلْحَيْلُولَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بَدَلًا عَنْ الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَهَا، وَيَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِتَرَاضِيهِمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ع ش. (قَوْلُهُ: فَيَسْتَرِدُّهُ) أَيْ: الْوَكِيلُ وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ بِالِاسْتِرْدَادِ، بَلْ إمَّا بِالْبَيْعِ الثَّانِي أَوْ اسْتِئْمَانٍ مِنْ الْمَالِكِ ع ش. (قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ) أَيْ: وَسَهُلَ رَدُّهُ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ س ل. (قَوْلُهُ: وَلَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ أَيْ: الصَّحِيحُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الْخِيَارُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ هُنَاكَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. س ل، وَفِي الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَلَوْ رُدَّ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَادَ الضَّمَانُ أَيْ: فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ) أَيْ: فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَقَطْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ م ر وَعِبَارَتِهِ، وَلَهُ بَيْعُهُ حِينَئِذٍ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَيَدُهُ أَمَانَةٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إنْ بَقِيَ. (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُشْتَرِي، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوَكِيلَ يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُهَا لِلْحَيْلُولَةِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَيُطَالَبُ بِبَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ إنْ كَانَ تَالِفًا لِأَنَّ عَلَيْهِ قَرَارَ الضَّمَانِ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا رَدَّهُ إنْ سَهُلَ فَإِنْ عَسِرَ طُولِبَ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ مِثْلِيًّا لِلْحَيْلُولَةِ ز ي وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَا يَغْرَمُهُ الْوَكِيلُ لِلْحَيْلُولَةِ فَهُوَ الْقِيمَةُ، وَلَوْ فِي الْمِثْلِيِّ وَمَا يَغْرَمُهُ الْمُشْتَرِي لِلْحَيْلُولَةِ، وَهُوَ الْبَدَلُ الشَّرْعِيُّ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ غَرِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ وَلَوْ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّهَا لِلْحَيْلُولَةِ فِيهِمَا فَإِذَا رُدَّ رَجَعَ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ بِهَا، وَالْمَغْرُومُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ إمَّا مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُشْتَرِي، لَا قِيمَتَانِ مِنْهُمَا، كَمَا تَوَهَّمَ، وَعَلَى مَا ذُكِرَ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ نَعَمْ: يَجُوزُ أَنْ يَغْرَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ الْقِيمَةِ مِثْلًا فَرَاجِعْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلَى مَا فُهِمَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّرِيكِ، وَقَوْلِهِ: وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: بِأَغْلَبِهِمَا) وَلَوْ غَيْرَ أَنْفَعَ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَنْفَعِهِمَا) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَيَسَّرَ مَنْ يَشْتَرِي بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَنْ يَشْتَرِي بِغَيْرِ الْأَنْفَعِ، فَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ مِنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الثَّانِي، وَلَوْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ الْأَنْفَعَ حِينَئِذٍ كَالْمَعْدُومِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: تُخُيِّرَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بِأَنْ يَبِيعَ بِهَذَا أَوْ هَذَا، وَلَهُ الْبَيْعُ بِهِمَا أَيْضًا، وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ نَقْدَ الْبَلَدِ لَمْ يَبِعْ بِهِ الْوَكِيلُ، وَإِنْ كَانَ عَيَّنَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَا يَبِيعُ بِالْحَادِثِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ) وَإِنْ كَانَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ شَوْبَرِيٌّ وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّرَدُّدِ فِيمَا إذَا بَاعَ بِهِمَا مَعَ اسْتِوَائِهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِأَحَدِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْ مَعَ التَّسَاوِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ إلَخْ) مُقَابِلُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ النَّاسِ) هَلْ الْمُرَادُ بِالنَّاسِ نَاسُ بَلَدِ الْبَيْعِ، وَإِنْ تَعَارَفَ نَاسُ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ خِلَافَهُ أَوْ الْمُرَادُ نَاسُ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ إذَا اُخْتُلِفَ يَجِبُ التَّعْيِينُ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ) أَيْ: فِي الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ، كَمَا هُوَ الْمَفْرُوضُ، وَالْإِشْهَادُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ الْإِشْهَادَ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ حَجّ وَح ف أَنَّهُ شَرْطٌ لِنَفْيِ الضَّمَانِ لَا لِلصِّحَّةِ فَإِنْ سَكَتَ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْإِشْهَادِ أَوْ قَالَ: بِعْ وَأَشْهِدْ فَفِي الصُّورَتَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَكِنْ عَلَى الْوَكِيلِ الضَّمَانُ، كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف، وَيَظْهَرُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُشْتَرِي ثِقَةً مُوسِرًا كَمَا فِي س ل وَلَا يُشْتَرَطُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْغَالِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute