(فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَّاهُ فِي عَقْدٍ) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهَا لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ (بَطَلَ) الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ بِمَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ) سَمَّاهُ (بَعْدَهُ) بِأَنْ قَالَ ذَلِكَ (أَوْ اشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ وَسَمَّاهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ) فِيمَا سَمَّاهُ فِي الصُّورَتَيْنِ (فَكَذَلِكَ) يَبْطُلُ؛ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُسَمَّى وَقَدْ ثَبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَكَالتَّصْدِيقِ الْحُجَّةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِيمَا ذَكَرَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْإِثْبَاتِ بِأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ مَا أَذِنْتُ لَهُ بِعِشْرِينَ وَإِنَّمَا أَذِنْت لَهُ بِعَشْرَةٍ قِيَاسًا عَلَى التَّحَالُفِ فِي الْبَيْعِ؟ وَالْجَامِعُ أَنَّ ادِّعَاءَ الْإِذْنِ بِعِشْرِينَ أَوْ عَشْرَةٍ كَادِّعَاءِ الْبَيْعِ بِعِشْرِينَ أَوْ عَشْرَةٍ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا فِي صِفَةِ الْإِذْنِ دُونَ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ ذِكْرُ نَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ وَثَمَّ فِيمَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ الْمُسْتَلْزِمُ أَنَّ كُلًّا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ ذِكْرَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ صَرِيحًا بِخِلَافِ هُنَا سم بِالْمَعْنَى اط ف قَالَ ح ل: فَلَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْوَكِيلُ كَانَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ) أَيْ: سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ فَهَذِهِ بِأَقْسَامِهَا الثَّلَاثِ عَدُّوهَا صُورَةً فِي الْحَاصِلِ الَّذِي ذَكَرُوهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَعَلَى كُلٍّ، إمَّا أَنْ يُسَمِّيَهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ يَنُوبَهُ فِي الْعَقْدِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي الْحَالَيْنِ فَيَكُونَ الْمَجْمُوعُ سِتَّةَ أَحْوَالٍ، وَالْبَائِعُ إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ أَوْ يُكَذِّبَهُ أَوْ يَسْكُتَ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ تُضْرَبُ فِي السِّتَّةِ فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَقَدْ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ مِنْهَا عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ بِجَعْلِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ وَسَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ حَالَةً وَاحِدَةً فَيَسْقُطُ مِنْ قَضِيَّةِ الْقِسْمَةِ ثِنْتَانِ، فَتَسْقُطُ مِنْ الْجُمْلَةِ وَلَوْ نُظِرَ لِضَمِّ الْحُجَّةِ فِي مَسَائِلِ التَّصْدِيقِ لَزَادَتْ عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَرُبَّمَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ جَمِيعُهُ لِكَاتِبِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْحُجَّةَ تَأْتِي فِي سِتَّةِ الْبُطْلَانِ، كَمَا فِي نَظْمِ الْمُنَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ) بِأَنْ أَوْقَعَ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ وَهِيَ لِمُوَكِّلِي وَأَمَّا مُجَرَّدُ كَوْنِ الْمَالِ لَهُ فَلَا يُفِيدُ التَّعْيِينَ، كَمَا لَا يَخْفَى ح ل.
(قَوْلُهُ: وَسَمَّاهُ فِي عَقْدٍ) أَوْ نَوَاهُ فِي الْعَقْدِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَالُ لَهُ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ لَمْ يُحْكَمْ بِبُطْلَانِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِاسْمِهِ فِي الْعَقْدِ وَقَدْ ثَبَتَ بِحَلِفِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الشِّرَاءِ فَيَكُونَ فُضُولِيًّا وَشِرَاؤُهُ بَاطِلٌ فَلَا فَرْقَ فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: وَالْمَالُ لَهُ أَمْ لَا. وَفِي شَرْحِ م ر كَحَجِّ مَا نَصُّهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " وَالْمَالُ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ " مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ بِأَنْ نَوَاهُ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إذْ مَنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ الْغَيْرِ أَيْ: فِي الْعَقْدِ، بَلْ نَوَاهُ فِيهِ يَصِحُّ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْغَيْرُ فِي الشِّرَاءِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِاسْمِ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِمَا مَرَّ وَعَلَيْهِ فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " وَالْمَالُ لَهُ " فِيهِ تَفْصِيلٌ ع ش وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَالْمَالُ لَهُ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ يَعْلَمُهُ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ اكْتِفَاءً بِعِلْمِ الْبَائِعِ فَإِنْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ، ثَبَتَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ، فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَمَّاهُ بَعْدَهُ) فَصَلَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةِ بِجَوَابٍ وَلَمْ يَجْمَعْ الْجَمِيعَ بِجَوَابٍ وَاحِدٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) هُمَا لَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ وَسَمَّاهُ بَعْدَ أَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَمَّاهُ مُطْلَقًا شَوْبَرِيٌّ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْ: بِالصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَاهَا إلَخْ بَاطِلَةٌ وَيُضَمُّ لَهُمَا صُورَتَانِ وَهُمَا إذَا نَوَاهُ فِي الْعَقْدِ وَالشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَيْضًا، كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ ع ش وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِهِمَا) أَيْ: الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُسَمِّي أَيْ الْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ: وَكَالتَّصْدِيقِ) أَيْ: تَصْدِيقِ الْبَائِعِ لِلْوَكِيلِ فِي كَوْنِهِ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ وَسَمَّاهُ وَقَوْلُهُ: الْحُجَّةُ أَيْ: إذَا أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْمُوَكِّلِ، وَسَمَّاهُ فِي عَقْدٍ أَوْ بَعْدَهُ فَالْحُجَّةُ كَالتَّصْدِيقِ فِي إفَادَةِ الْبُطْلَانِ شَيْخُنَا فَالْمُرَاد الْحُجَّةُ عَلَى كَوْنِهِ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَ الْحُجَّةِ فِي الشَّهَادَةِ قَرِينَةٌ غَلَبَتْ عَلَى ظَنِّهَا ذَلِكَ كَعِلْمِهَا بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ لِزَيْدٍ وَسَمِعَتْ تَوْكِيلَهُ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ تَطَّلِعُ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ نَوَى نَفْسَهُ؟ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ مَعَ تَصْدِيقِ الْبَائِعِ بِأَنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا بِأَنْ نَوَاهُ مُطْلَقًا أَوْ سَمَّاهُ فِيهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَكَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ فَقَوْلُهُ: أَوْ سَمَّاهُ فِيهِ هِيَ عَيْنُ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ اشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute