للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ مَنْفَعَةً كَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ كَكَلْبٍ نَافِعٍ وَزِبْلٍ (بِلَا حَقٍّ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ كَالرَّافِعِيِّ عُدْوَانًا فَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ فَإِنَّهُ غَصْبٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إثْمٌ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتُهُ مَمْنُوعٌ وَهُوَ نَاظِرٌ إلَى أَنَّ الْغَصْبَ يَقْتَضِي الْإِثْمَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنْ كَانَ غَالِبًا، وَالْغَصْبُ (كَرُكُوبِهِ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَجُلُوسِهِ عَلَى فِرَاشِهِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْغَيْرِ مِنْ حَقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَرِيبًا كَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدِ شَيْخِنَا فَهُوَ اسْتِيلَاءٌ حُكْمًا وَمَدَارُهُ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا يَظْهَرُ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ الِاسْتِيلَاءِ سَوَاءٌ قَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهُ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ وَفَارَقَ هَذَا مَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً فَهَلَكَ وَلَدُهَا مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِأَنَّهُ ثَمَّ أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا م ر وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مَنْعًا خَاصًّا كَمَنْعِ الْمَالِكِ وَأَتْبَاعِهِ مَثَلًا. أَمَّا الْمَنْعُ الْعَامُّ كَأَنْ مَنَعَ جَمِيعَ النَّاسِ مِنْ سَقْيِهِ فَيَضْمَنُ بِذَلِكَ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْ اللُّغَوِيَّيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ أَعَمُّ مِنْ الْأَخْذِ لِشُمُولِهِ الْمَنَافِعَ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَقٍّ أَعَمُّ مِنْ ظُلْمًا لِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا أَخَذَ مَالِ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ جِهَتَيْنِ وَهَذَا عَلَى غَيْرِ الْغَالِبِ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ أَخَصُّ وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلسَّرِقَةِ. وَأَجَابَ م ر بِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ يُشْعِرُ بِالْقَهْرِ فَهُوَ فِي قُوَّةِ جِهَارًا (قَوْلُهُ: مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ. . . إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَى مَحَلِّهِ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ مَالٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إثْمٌ أَوْ لَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَجِبَ رَدُّهُ أَمْ لَا فَتَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ أَرْبَعَةٌ فِي الْمَالِ وَأَرْبَعَةٌ فِي الِاخْتِصَاصِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَعِبَارَةُ م ر وَقَدْ أَفَادَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ حَقِيقَةً وَإِثْمًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِثْمًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْمُتَمَوَّلِ بَدَلَ الْمَالِ لِيَخْرُجَ نَحْوُ حَبَّةِ بُرٍّ فَإِنَّهُ مَالٌ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَكَلْبٍ نَافِعٍ) خَرَجَ بِهِ الْعَقُورُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ فَلَا يَدُلُّنَا عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا وَمِثْلُ الْعَقُورِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ مِنْ قَبُولِ تَفْسِيرِهِ بِنَجَسٍ لَا يُقْتَنَى فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُسَوِّغُ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ: بِلَا حَقٍّ) خَرَجَ بِهِ الْعَارِيَّةُ، وَالسَّوْمُ وَنَحْوُهُمَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَدَخَلَ فِيهِ. . . إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِهِ يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ، وَالْمُسْتَامِ، وَالْأَمَانَاتِ إذَا خَانَ فِيهَا تُضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ سم

(قَوْلُهُ: حُكْمُ الْغَصْبِ) وَهُوَ وُجُوبُ الرَّدِّ عِنْدَ الْبَقَاءِ، وَالضَّمَانُ بِالْبَدَلِ عِنْدَ التَّلَفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ لَا حَقِيقَتُهُ وَهِيَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَقَوْلُهُ وَهُوَ نَاظِرٌ. . . إلَخْ كَالْعِلَّةِ لِقَوْلِهِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ صُورَةٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَيْ اقْتِضَاؤُهَا الْإِثْمَ (قَوْلُهُ: كَرُكُوبِهِ دَابَّةَ غَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ مَالِكُهَا حَاضِرًا وَسَيَّرَهَا وَلَوْ نَقَلَ الدَّابَّةَ وَمَالِكُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا بِأَنْ أَخَذَ بِرَأْسِهَا مَعَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ غَاصِبًا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا مَعَ اسْتِقْلَالِ مَالِكِهَا بِالرُّكُوبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَاهَا أَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا حُكِمَ بِهَا لِلرَّاكِبِ وَاخْتَصَّ بِهِ الضَّمَانُ انْتَهَى سم وَيُصَرِّحُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مَا ذَكَرَهُ م ر فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا اهـ. ع ش وَفِي ق ل فَخَرَجَ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ سَوْقُهَا فَلَيْسَ غَصْبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَلَوْ رَكِبَ مَعَ مَالِكِهَا فَهُوَ غَاصِبٌ لِصَفِّهَا كَمَا يَأْتِي فِي الدَّارِ

(قَوْلُهُ: وَجُلُوسِهِ) خَرَجَ بِالْجُلُوسِ ضَمُّهُ إلَى بَعْضِهِ بِغَيْرِ حَمْلٍ فَلَيْسَ غَصْبًا أَيْضًا وَبِالدَّابَّةِ، وَالْفِرَاشِ غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ فَلَا بُدَّ فِي غَصْبِهِمَا مِنْ الِاسْتِيلَاءِ بِالنَّقْلِ فَلَوْ اسْتَخْدَمَ عَبْدَ غَيْرِهِ وَلَوْ بِبَعْثِهِ فِي حَاجَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا بَعَثَهُ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِيلَاءِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: وَجُلُوسِهِ عَلَى فِرَاشِهِ) وَلَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إبَاحَةِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَوْ لِنَاسٍ مَخْصُوصِينَ مِنْهُمْ هَذَا الْجَالِسُ كَمَا فِي ح ل كَفَرْشِ مَصَاطِبِ الْبَزَّازِينَ لِمُرِيدِ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ وَمِثْلُ الْجُلُوسِ مَا لَوْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ أَيْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَإِنْ تَحَامَلَ مَعَهَا عَلَى الرِّجْلِ الْأُخْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>