فَلَا يَضْمَنُهُ الْفَاتِحُ؛ لِأَنَّ ضَيَاعَهُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَهَابَهُ بَعْدَ مُكْثِهِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ.
(وَضَمِنَ آخِذُ مَغْصُوبٍ) مِنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ وَكَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَالْجَهْلُ وَإِنْ أَسْقَطَ الْإِثْمَ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَاكِمِ وَنَائِبِهِ إذَا أَخَذَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَا عَلَى مَنْ انْتَزَعَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ عَبْدًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ الْغَاصِبِ جَاهِلًا بِالْحَالِ (وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى آخِذِهِ (إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ) كَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ فَيُطَالَبُ بِكُلِّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْأَوَّلُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ غَرِمَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ إنْ غَرِمَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ فَيُطَالَبُ بِالزَّائِدِ الْأَوَّلُ فَقَطْ (إلَّا إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (وَيَدُهُ) فِي أَصْلِهَا (أَمِينَةٌ بِلَا اتِّهَابٍ كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ (فَعَكْسُهُ) أَيْ فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ لَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِنْ غَرِمَ هُوَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي بِلَا اتِّهَابٍ الْمُتَّهِبُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ وَكَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً) أَيْ وَسَوَاءٌ تَلِفَ عِنْدَهُ أَمْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَكَانَ عَلَيْهِ التَّعْمِيمُ بِهَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ الْمُطَالَبَةُ وَكُلُّ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِهِ وَإِنْ تَلِفَ عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ) كَرَدِّهِ عَلَى مَالِكِهِ الْغَائِبِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ عَبْدًا. . . إلَخْ) أَيْ لَا غَيْرَهُمَا وَإِنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلضَّيَاعِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ مُعَرَّضًا لِلضَّيَاعِ كَمَا فِي س ل أَيْ فَإِنَّ الْآخِذَ مِنْ غَيْرِهِمَا يَضْمَنُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَعْرُوضًا لِلتَّلَفِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَتَاعًا مَعَ سَارِقٍ أَوْ مُنْتَهِبٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لِلْآخِذِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ بِصُورَةِ شِرَاءٍ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ غَرِمَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ فِي اسْتِخْلَاصِهِ عَلَى مَالِكِهِ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ لَوْ بَقِيَ بِيَدِ السَّارِقِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ مَالِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِهِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ الْمَغْصُوبَةَ. . . إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، وَالْكَلَامُ حَيْثُ تَلِفَتْ بِغَيْرِ وِلَادَةٍ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ حَيْثُ يَضْمَنُهَا ح ل وسم وَلَعَلَّ صُورَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهَا وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِهَا فَغَصَبَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا فَيُقَالُ إنَّ الزَّوْجَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ آخِذٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلضَّمَانِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ) اُنْظُرْ هَذَا التَّنْظِيرَ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَهُ: وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ فَيُطَالَبُ. . . إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَضَمِنَ آخِذُ مَغْصُوبٍ وَقَوْلُهُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ فَفَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلَهُ فَيُطَالَبُ بِكُلِّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْأَوَّلُ وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ غَرِمَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ كَالضَّامِنِ وَمِنْ ثَمَّ يَبْرَأُ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ لِلثَّانِي مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ ح ل
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ بِكُلِّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْأَوَّلُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَمِنْ قَوْلِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ إنْ غَرِمَ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ فَيُطَالَبُ بِالزَّائِدِ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيُطَالَبُ بِالزَّائِدِ الْأَوَّلُ فَقَطْ) وَأَمَّا قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ فَيُطَالَبُ بِهَا كُلٌّ مِنْهُمَا، وَالْقَرَارُ عَلَى الْآخِذِ ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ جَهِلَ الْحَالَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ بِأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ قَدْ قُلْت لَك إنَّهُ مَغْصُوبٌ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ أَوْ قَالَ: عَلِمْت الْغَصْبَ مِنْ غَيْرِي صُدِّقَ الْآخِذُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَجْهُ تَصْدِيقُ الْآخِذِ مُطْلَقًا بِرْمَاوِيٌّ وز ي (قَوْلُهُ: وَيَدُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ يَدَهُ فِي أَصْلِهَا أَمِينَةٌ وَخَرَجَ الْمُرْتَهِنُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَمِينَةً لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا التَّوَثُّقُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْ فَإِذَا كَانَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ مُرْتَهِنًا أَيْ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ بَدَلَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَأَصِّلَةٍ فِي الْأَمَانَةِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي أَصْلِهَا أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ الْأَخْذُ فِيهَا مِنْ الْغَاصِبِ أَمِينًا إذْ هُوَ فِي الْوَاقِعِ غَيْرُ أَمِينٍ (قَوْلُهُ: أَيْ فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ مَا لَمْ يُقَصِّرْ الْآخِذُ مِنْهُ فِي إتْلَافِهِ وَإِلَّا كَانَ كَإِتْلَافِهِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ ح ل (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي كَوْنِ الْقَرَارِ عَلَى الْغَاصِبِ لَا الْمَصُولِ عَلَيْهِ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ الْمَصُولَ عَلَيْهِ يُطَالَبُ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ مُرَادًا فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّ الْمَصُولَ عَلَيْهِ مَعْذُورٌ فِي الدَّفْعِ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ كَاتِبُهُ اط ف وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: عَلَى الشَّخْصِ وَلَوْ الْمَالِكَ وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ أَيْ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ اهـ. وَالضَّمِيرُ لِآخِذِ الْمَغْصُوبِ الْجَاهِلِ الَّذِي يَدُهُ أَمِينَةٌ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مِثْلُ حُكْمِهِ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا لَا يُطَالَبُ (قَوْلُهُ: فَأَتْلَفَهُ) أَيْ أَتْلَفَ الْمَصُولَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّهَبِ) مُقْتَضَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute