للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلِفَ (وَهُوَ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ وَجَازَ سَلَمُهُ) أَيْ السَّلَمُ فِيهِ (كَمَاءٍ) لَمْ يَغْلِ (وَتُرَابٍ وَنُحَاسٍ) بِضَمِّ النُّونِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا كَمَا مَرَّ (وَمِسْكٍ وَقُطْنٍ) وَإِنْ لَمْ يُنْزَعْ حَبُّهُ (وَدَقِيقٍ) وَنُخَالَةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ (بِمِثْلِهِ) أَيْ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ لِآيَةِ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّلَفِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مُتَقَوِّمٌ كَالْمَذْرُوعِ، وَالْمَعْدُودِ وَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَمَعْجُونٍ وَغَالِيَةٍ وَمَعِيبٍ وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْبُرَّ الْمُخْتَلِطَ بِشَعِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمِثْلُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ فَيَخْرُجُ الْقَدْرُ الْمُحَقَّقُ مِنْهُمَا وَيُجَابُ بِأَنَّ إيجَابَ رَدِّ مِثْلِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا كَمَا فِي إيجَابِ رَدِّ مِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ فِي الْقَرْضِ وَبِأَنَّ امْتِنَاعَ السَّلَمِ فِي جُمْلَتِهِ لَا يُوجِبُ امْتِنَاعَهُ فِي جُزْأَيْهِ الْبَاقِيَيْنِ بِحَالِهِمَا وَرَدُّ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمَا، وَالسَّلَمُ فِيهِمَا جَائِزٌ وَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ (فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ) وَلَوْ تَلِفَ فِي مَكَان نُقِلَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُطَالَبًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَإِنْ فُقِدَ فَبِأَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ. إلَخْ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ وُجُوبُ الْمِثْلِيِّ وَإِلَّا عَدَلَ لِلْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ شَرْعًا قُدِّرَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا أَمْكَنَ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ مَالٍ يُمْكِنُ وَزْنُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ وَيُعْرَفْ بِهَذَا أَنَّ الْمَاءَ، وَالتُّرَابَ مِثْلِيَّانِ لِأَنَّهُمَا لَوْ قُدِّرَا كَانَ تَقْدِيرُهُمَا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ ز ي وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ مُتَقَوِّمَةٌ وَتُضْمَنُ بِمِثْلِهَا وَلَوْ فِي الرَّقِيقِ ق ل (قَوْلُهُ: كَمَاءٍ) أَيْ مُطْلَقًا عَذْبًا أَوْ مِلْحًا مَغْلِيٍّ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ هُنَا وَفِي الرِّبَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ شَوْبَرِيٌّ.

وَمِنْ الْمِثْلِيِّ الْخُلُولُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا مَاءٌ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهَا بِاَلَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهَا وَمِثْلُهَا سَائِرُ الْمَائِعَاتِ سَوَاءٌ أَغُلِيَتْ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا ع ش مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَقُطْنٍ) أَيْ وَصُوفٍ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مَا يُوهِمُ تَوَقُّفَهُ فِي مِثْلِيَّتِهِ وَمِنْ الْمِثْلِيِّ الْعِنَبُ وَسَائِرُ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَأَمَّا التَّمْرُ، وَالزَّبِيبُ فَمِثْلِيَّانِ بِلَا خِلَافٍ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ) أَعَادَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ الْآيَةَ. . . إلَخْ وَإِلَّا فَهُوَ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَيُضْمَنُ مَغْصُوبٌ مِثْلِيٌّ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ أَوْ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ سَلَمُهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَمَعِيبٍ) ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَنْضَبِطُ (قَوْلُهُ: وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ) أَيْ تَعْرِيفِ الْمِثْلِيِّ أَيْ عَلَى مَنْطُوقِهِ وَصُورَةُ الْإِيرَادِ أَنْ يُقَالَ لَنَا: مِثْلِيٌّ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَيَجِبُ فِيهِ رَدُّ الْمِثْلِ، وَالتَّعْرِيفُ غَيْرُ شَامِلٍ لَهُ لِعَدَمِ جَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ فَيَكُونُ غَيْرَ جَامِعٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَارِدًا عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَازَ سَلَمُهُ. وَأُجِيبُ بِجَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ بِمَنْعِ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا، وَالثَّانِي بِتَسْلِيمِهِ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِلْجُزْأَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ أَيْ فَقَوْلُهُ وَجَازَ سَلَمُهُ أَيْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَإِنْ طَرَأَ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّعْرِيفِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمِثْلُ) فَيَقْتَضِي أَنَّهُ، مِثْلِيٌّ (قَوْلُهُ: الْقَدْرُ الْمُحَقَّقُ) أَيْ الْمُتَيَقَّنُ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ أَيْ الَّذِي تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ بِيَقِينٍ قَالَ الْمَرْحُومِيُّ عَلَى الْخَطِيبِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ كَمَا إذَا كَانَ الْمُخْتَلِطُ إرْدَبًّا وَشَكَّ هَلْ الْبُرُّ ثُلُثٌ أَوْ نِصْفٌ؟ فَيُخْرِجُ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الشَّعِيرِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْبُرِّ ثُلُثًا، وَالنِّصْفُ مِنْ الْبُرِّ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ فِي قَدْرِ ذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِ الْغَارِمِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّائِدِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ) قَضِيَّةُ هَذَا الْجَوَابِ الِاكْتِفَاءُ بِرَدِّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ وَلَوْ كَانَ مُتَقَوِّمًا كَمَا فِي الْقَرْضِ وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: بِحَالِهِمَا) أَخْرَجَ الْمَعَاجِينَ الْمُرَكَّبَةَ لِاسْتِهْلَاكِ أَجْزَائِهَا شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيُضْمَنُ الْمِثْلِيُّ بِمِثْلِهِ) قَدَّرَهُ لِطُولٍ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِمِثْلِهِ، وَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ الطَّلَبُ أَيْ يُطَالَبُ فِي أَيِّ مَكَان وَقَوْلُهُ فِي أَيِّ مَكَان أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَأَمِنَ الطَّرِيقَ وَإِلَّا فَبِأَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ فَاشْتِرَاطُهُ فِيمَا يَأْتِي دُونَهُ هُنَا يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ فَلَوْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ هُنَا وَضَمَّ هَذِهِ الصُّورَةَ إلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ م ر فِي حَلِّ الْمِنْهَاجِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُضْمَنُ الْمِثْلِيُّ إلَخْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُعْتَرَضَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْمِثْلِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ وَالْمَاءُ الَّذِي أَتْلَفَهُ بِالْمَفَازَةِ لَمْ يَحِلَّ عِنْدَ النَّهْرِ الَّذِي اجْتَمَعَا فِيهِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لَهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْمِثْلِيُّ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمِثْلِهِ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَأَمِنَ الطَّرِيقَ كَمَا يَأْتِي وَأَيْضًا هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْمَاءُ بِالْحِجَازِ وَاجْتَمَعَ هُوَ مَعَهُ بِمِصْرَ وَجَبَ رَدُّ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ بِالْمَفَازَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ) أَيْ فِي كُلِّ مَكَان نَقَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ الْمِثْلِيَّ إلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ فِي مَكَان نُقِلَ إلَيْهِ) غَايَةٌ أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ الَّذِي غُصِبَ فِيهِ أَوْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ نُقِلَ إلَيْهِ فَلَا تَتَقَيَّدُ الْمُطَالَبَةُ بِمَحَلِّ الْغَصْبِ بَلْ وَلَا بِمَحَلِّ التَّلَفِ بَلْ يُطَالَبُ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ بِهِ بِأَنْ وُجِدَ الْغَاصِبُ فِي غَيْرِ مَكَان حَلَّ بِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>