كَغَاصِبٍ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ الْمُكْرِي مِنْ زِيَادَتِي، وَقَوْلِي: بِتَلَفِ مُسْتَوْفًى مِنْهُ مُعَيَّنٍ مَعَ قَوْلِي: لَهُ مُدَّةَ حَبْسِهِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّلَفِ، وَالْحَبْسِ وَمِنْ تَقْيِيدِهِ الْحَبْسَ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَخَرَجَ بِالتَّقْدِيرِ بِالْمُدَّةِ التَّقْدِيرُ بِالْمَحَلِّ كَأَنْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَكَان، وَحُبِسَتْ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ فَلَا تَنْفَسِخُ، إذْ لَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ
(لَا بِمَوْتِ عَاقِدٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِدٌ) لِلُزُومِهَا كَالْبَيْعِ سَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ، وَتَعْبِيرِي بِالْحَيْثِيَّةِ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ، وَخَرَجَ بِهَا مَا لَوْ مَاتَ نَحْوَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ بَعْدَ إيجَارِهِ، وَالنَّظَرُ فِي الْأُولَى لِكُلِّ بَطْنٍ فِي حِصَّتِهِ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ، فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ الْإِجَارَةُ لَا لِكَوْنِهِ مَوْتَ عَاقِدٍ بَلْ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَوْ الْمُوصِي حِينَئِذٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْحَقُّ إلَّا بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ النَّاظِرُ وَلَوْ حَاكِمًا لِلْبَطْنِ الثَّانِي فَمَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ لِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إلَيْهِ، وَالشَّخْصُ لَا يَسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ مَنْ يُعْتَقُ بِمَوْتِهِ كَمُسْتَوْلَدَتِهِ ثُمَّ مَاتَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ قَبْلَ إجَارَتِهِ، (وَلَا بِبُلُوغٍ بِغَيْرِ سِنٍّ) أَيْ: بِاحْتِلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَأَنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ فِيهَا بِغَيْرِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ كَغَاصِبٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْغَصْبُ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ: قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ قَبْضَ الْعَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ شَامِلٌ لِمَا بَعْدَ قَبْضِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ فَلَا تَنْفَسِخُ) أَيْ: وَلَا خِيَارَ انْتَهَى سم
. (قَوْلُهُ لَا بِمَوْتِ عَاقِدٍ) شَامِلٌ لِلْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهَا مَا لَوْ مَاتَ نَحْوُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ: وَقَفْت هَذِهِ الدَّارَ عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي، وَهَكَذَا ثُمَّ إنَّهُ آجَرَهَا الْبَطْنَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ شَهْرًا فَمَاتَ بَعْدَ عِشْرِينَ مَثَلًا، فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ فِي الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِمَنْفَعَةِ دَارِي مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَقَبِلَ زَيْدٌ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ آجَرَ الدَّارَ عِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا عَشَرَةٌ مَثَلًا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ. (قَوْلُهُ لِكُلِّ بَطْنٍ) أَيْ: لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْبَطْنِ. (قَوْلُهُ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ: حَيَاتِهِ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا لَوْ كَانَ النَّظَرُ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى جَمِيعِ الْوَقْفِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ أَوْ كَانَ النَّاظِرُ غَيْرَهُمْ فَلَا تَنْفَسِخُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْضَهُمْ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ أَوْ أَجْنَبِيًّا كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر انْتَهَى ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْحَقُّ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ صَرْفُ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ مَاتَ الْآخِذُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَانْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ لِغَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ يَرْجِعُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى تَرْكِهِ الْقَابِضَ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ شَرْحُ م ر، وَهَذَا فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ فِيمَا إذَا آجَرَ النَّاظِرَ لِغَيْرِ الْبَطْنِ الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ آجَرَهُ النَّاظِرُ) أَيْ: وَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ هَذَا، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ اهـ م ر وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ؟ وَقَالَ: شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ تَنْتَقِلُ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَى تَرِكَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ فَيَكُونُ مِلْكُ الثَّانِي لِمَنْفَعَةٍ بِطَرِيقِ إجَارَةِ النَّاظِرِ لَهُمْ، وَلَا يَرْجِعُ الْبَطْنُ الثَّانِي عَلَى النَّاظِرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ عَامٌّ هَذَا مَا انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَيْخِنَا بَعْدَ التَّرَدُّدِ وَقَالَ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ النَّظَرَ الْمَشْرُوطَ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِمْ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَنَظَرُهُ عَامٌّ لَمْ يُقَيَّدْ بِبَطْنٍ دُونَ بَطْنٍ قَالَ سم: بَقِيَ أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِي هَلْ يَرْجِعُ عَلَى تَرِكَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِمَا يَخُصُّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَبَضَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ أَوْ لَا؟ . إنْ قُلْنَا: يَرْجِعُ أَشْكَلَ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ وَلَزِمَ أَنْ تَبْقَى الْإِجَارَةُ بِلَا أُجْرَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَرْجِعُ أَشْكَلَ بِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ لِمَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَيْفَ تَبْقَى لَهُ الْإِجَارَةُ مَعَ تَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ؟ وَلَوْ صَحَّ هَذَا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فِيمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِالْتِزَامِ الِانْفِسَاخِ أَوْ الْتِزَامِ أَنَّهُ قَدْ تَبْقَى الْإِجَارَةُ مَعَ سُقُوطِ الْأُجْرَةِ لِعَارِضٍ فَلْيُحَرَّرْ. وَقَدْ يُجَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَلَا إشْكَالَ إذْ رُجُوعُهُ لِجِهَةٍ تُبَيِّنُ كَوْنَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَلْ الْأُجْرَةُ فِي الْمَعْنَى هِيَ الْمُسْتَحَقَّةُ لَهُ لَكِنْ لَا بِوَصْفِ أَنَّهَا عَلَيْهِ. اهـ. طب، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ آجَرَهُ النَّاظِرُ نَظِيرٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَوْتِ الْعَاقِدِ وَالْبَطْنُ الْأَوَّلُ هُنَا لَيْسَ بِعَاقِدٍ.
(قَوْلُهُ وَالشَّخْصُ لَا يَسْتَحِقُّ بِنَفْسِهِ إلَخْ) الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ هُوَ قِسْطُ الْأُجْرَةِ عَلَى فَرْضِ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ فَيَسْتَحِقُّ مِنْ حَيْثُ انْتِقَالُ الْمَنَافِعِ إلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُكْتَرِيًا. (قَوْلُهُ وَلَا بِبُلُوغٍ بِغَيْرِ سِنٍّ) أَيْ: وَقَدْ آجَرَهُ مُدَّةً لَا تَزِيدُ عَلَى بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ فَإِنْ كَانَتْ تَزِيدُ بَطَلَ فِي الزَّائِدِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِغَيْرِ سِنٍّ أَنَّهَا بِالسِّنِّ تَنْفَسِخُ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالِانْفِسَاخِ مَا يَشْمَلُ عَدَمَ الِانْعِقَادِ، وَمِثْلُ بُلُوغِهِ بِالِاحْتِلَامِ إفَاقَةُ مَجْنُونٍ وَرُشْدُ سَفِيهٍ وَمِثْلُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ الْحَيْضُ فِي الْأُنْثَى كَمَا قَالَهُ م ر. (قَوْلُهُ كَأَنْ آجَرَهُ مُدَّةَ) أَيْ: آجَرَ الْوَلِيَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَحُكْمُ إيجَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute