وَهُوَ سُنَّةٌ لِذَلِكَ وَالْمَوَاتُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي: أَرْضٌ لَمْ تُعْمَرْ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ تَكُنْ حَرِيمَ عَامِرٍ (مَا لَمْ يُعْمَرْ إنْ كَانَ بِبِلَادِنَا مَلَكَهُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (بِإِحْيَاءٍ وَلَوْ بِحَرَمٍ) أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِعْلَاءِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ بِدَارِنَا كَمَا سَيَأْتِي وَلِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ الِاحْتِطَابُ وَالِاحْتِشَاشُ وَالِاصْطِيَادُ بِدَارِنَا، وَقَوْلِي: مَلَكَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: تَمْلِكُهُ لِإِيهَامِهِ اشْتِرَاطَ التَّكْلِيفِ وَلَيْسَ مُرَادًا (لَا عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ بِالْأَوَّلِ وَالْمَبِيتِ بِالْأَخِيرَيْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْمُحَصَّبِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْحَجِيجِ الْمَبِيتُ بِهِ (أَوْ) كَانَ (بِبِلَادِ كُفَّارٍ مَلَكَهُ كَافِرٌ بِهِ) أَيْ: لِإِحْيَاءٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِهِمْ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْنَا فِيهِ (وَكَذَا) يَمْلِكُهُ (مُسْلِمٌ) بِإِحْيَائِهِ. (إنْ لَمْ يَذُبُّونَا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا أَيْ: يَدْفَعُونَا (عَنْهُ) بِخِلَافِ مَا يَذُبُّونَا عَنْهُ أَيْ: وَقَدْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ
(وَمَا عَمَرَ) وَإِنْ كَانَ الْآنَ خَرَابًا، فَهُوَ (لِمَالِكِهِ) مُسْلِمًا كَانَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَيُثَابُ عَلَيْهَا أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَبِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْبَنِينَ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَبِتَخْفِيفِ الْعَذَابِ أَيْ: عَذَابِ غَيْرِ الْكُفْرِ كَبَاقِي الْقُرُبَاتِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ كَانَ بِبِلَادِ كُفَّارٍ مَلَكَهُ كَافِرٌ بِهِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِلْحَدِيثِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُعْمَرْ فِي الْإِسْلَامِ) أَيْ: يَقِينًا وَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ: مَا لَمْ تَتَيَقَّنْ عِمَارَتُهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَلَيْسَ مِنْ حُقُوقِ عَامِرٍ وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ مَا لَمْ تَتَيَقَّنْ عِمَارَتُهُ يَخْرُجُ مَا تُيُقِّنَ عِمَارَتُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا شَكَّ فِيهِ وَسَيَأْتِي عَدَمُ جَوَازِ إحْيَائِهِ ع ش عَلَى م ر، (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِبِلَادِنَا) قَالَ خ ط: وَالْمُرَادُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ كُلُّ بَلَدٍ بَنَاهَا الْمُسْلِمُونَ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ، أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ، أَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً كَخَيْبَرِ وَمِصْرَ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ، أَوْ صُلْحًا وَالْأَرْضُ لَنَا وَالْكُفَّارُ سَاكِنُونَ فِيهَا، وَيَدْفَعُونَ الْجِزْيَةَ وَفِي هَذِهِ عِمَارَتُهَا فَيْءٌ، وَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَحِفْظُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ فَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لَهُمْ، وَمَعْمُورُهَا مِلْكٌ لَهُمْ وَلَوْ غَلَبَ الْكُفَّارُ عَلَى بَلْدَةٍ يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ كَطَرَسُوسَ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ س ل وَق ل.
(قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ) وَلَوْ رَقِيقًا، وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ سم وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ، أَمَّا هُوَ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَهُوَ لِمَنْ وَقَعَ الْإِحْيَاءُ فِي نَوْبَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَصْدِهِ بِخُصُوصِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر، وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَيْ: بِشَرْطِ تَمْيِيزِهِ. اهـ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِلْكِهِ كَالدُّورِ وَنَحْوِهَا أَمَّا مِثْلُ بِئْرٍ حَفَرَهَا بِمَوَاتٍ لِلْإِرْفَاقِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمْيِيزُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ح ل. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ) وَلَوْ أَحْيَا ذِمِّيٌّ أَرْضًا نُزِعَتْ مِنْهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ إحْيَائِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ فَلَوْ نَزَعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ وَأَحْيَاهَا مَلَكَهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إذْ لَا أَثَرَ لِفِعْلِ الذِّمِّيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنْ بَقِيَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ نَقَلَهَا، وَلَوْ زَرَعَهَا الذِّمِّيُّ وَزَهِدَ فِيهَا أَيْ: تَرَكَهَا صَرَفَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ فِي الْمَصَالِحِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُ الْغَلَّةِ انْتَهَى س ل.
(قَوْلُهُ وَلِلذِّمِّيِّ) بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي س ل، وَقَوْلُهُ الِاحْتِطَابُ وَالِاحْتِشَاشُ قَالَ م ر: أَيْ: لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ تَغْلِبُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ لِإِيهَامِهِ اشْتِرَاطَ التَّكْلِيفِ) أَيْ: أَنَّ الْمُحْيِيَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْهُ وَيُوهِمُ أَيْضًا اشْتِرَاطَ الصِّيغَةِ شَيْخُنَا، وَفِي ح ل مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الصِّيغَةِ بِخِلَافِ حُصُولِ الْمِلْكِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اشْتِرَاطُ التَّمْيِيزِ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا) أَيْ: لِأَنَّهُ يَصِحُّ إحْيَاءُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَالْمَجْنُونِ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لَا عَرَفَةَ) مُسْتَثْنًى مِنْ الْحَرَمِ وَفِيهِ أَنَّ عَرَفَةَ مِنْ الْحِلِّ، وَقَالَ ع ن: هُوَ مُوَزَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْغَايَةِ وَمَا بَعْدَهَا، فَإِنَّ عَرَفَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْحَرَمِ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى مِنْهُ فَتَكُونُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ قَوْلِهِ بِبِلَادِنَا. (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ إلَخْ) كَالْحُقُوقِ الْعَامَّةِ مِنْ الطُّرُقِ كَمُصَلِّي الْعِيدِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَمَوَارِدِ الْمَاءِ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِالْعِمَارَةِ عَلَى شَاطِئِ النِّيلِ وَالْخُلْجَانِ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَمَنْ لَهُ قُدْرَةٌ مَنْعُ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ. اهـ شَرْحُ م ر وَع ش. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بِبِلَادِ كُفَّارٍ) أَيْ: أَهْلِ ذِمَّةٍ أَمَّا بِدَارِ الْحَرْبِ فَيَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَمَلُّكُ عَامِرِهَا فَمَوَاتُهَا أَوْلَى وَلَوْ لِغَيْرِ قَادِرٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهَا. اهـ س ل.
(قَوْلُهُ مَلَكَهُ كَافِرٌ بِهِ) وَلَوْ حَرْبِيًّا ح ل (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا) اقْتَصَرَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ عَلَى الضَّمِّ فَلَعَلَّهُ الْأَفْصَحُ وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الشَّيْخِ بِخِلَافِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَذُبُّونَا) كَذَا فِي النُّسَخِ وَالْأَوْلَى يَذُبُّونَنَا بِإِثْبَاتِ نُونِ الرَّفْعِ لَكِنَّهَا قَدْ تُحْذَفُ تَخْفِيفًا لِغَيْرِ جَازِمٍ. (قَوْلُهُ وَقَدْ صُولِحُوا) فَإِنْ لَمْ يُصَالَحُوا فَهِيَ دَارُ حَرْبٍ يَمْلِكُهَا الْمُسْلِمُ بِالْإِحْيَاءِ وَإِنْ ذَبُّونَا عَنْهُ ح ل
. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْآنَ خَرَابًا) وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ هَلْ هِيَ جَاهِلِيَّةٌ أَوْ إسْلَامِيَّةٌ؟ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي: فَفِي ظَنِّي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا الْإِحْيَاءُ شَرْحُ م ر، وَمَا ظَنَّهُ هَذَا الْبَعْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute