فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ فَعَلَى مَا مَرَّ آنِفًا فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ وَإِذَا بِيعَ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ: كُنْت أَعْتَقْتُهُ قُبِلَ قَوْلِهِ وَحُكِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ، وَتَعْبِيرِي بِالرَّقِيقِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ وَإِنْ قَيَّدْت الْأَمَةَ بِمَا مَرَّ.
(وَ) لَهُ لَقْطُ (غَيْرُ مَالٍ) كَكَلْبٍ (لِاخْتِصَاصٍ أَوْ حِفْظٍ) ، وَقَوْلِي أَوْ زَمَنَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) لَهُ لَقْطُ غَيْرِ حَيَوَانٍ وَثِيَابٍ وَنُقُودٍ (فَإِنْ تَسَارَعَ فَسَادُهُ كَهَرِيسَةٍ) وَرُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ (فَلَهُ) الْخَصْلَتَانِ (الْأَخِيرَتَانِ) ، وَهُمَا أَنْ يَبِيعَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ ثُمَّ يُعَرِّفَهُ لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ أَوْ يَتَمَلَّكَهُ حَالًا وَيَأْكُلَهُ (وَإِنْ وَجَدَهُ بِعُمْرَانٍ) وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ لِلْمَأْكُولِ فِي الْعُمْرَانِ بَعْدَ أَكْلِهِ وَفِي الْمَفَازَةِ قَالَ الْإِمَامُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنَّ الَّذِي يُفْهِمُهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا قَالَ: وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَنَّهَا لَا تُعَرَّفُ بِالصَّحْرَاءِ لَا مُطْلَقًا (وَإِنْ بَقِيَ) مَا تَسَارَعَ فَسَادُهُ (بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَتَمَّرُ وَبَيْعُهُ أَغْبَطُ بَاعَهُ) بِإِذْنِ الْحَاكِم إنْ وَجَدَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْعُهُ أَغْبَطَ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ (بَاعَ بَعْضَهُ لِعِلَاجِ بَاقِيهِ إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ) أَيْ بِعِلَاجِهِ أَيْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ الْوَاجِدُ أَوْ غَيْرُهُ وَخَالَفَ الْحَيَوَانُ حَيْثُ يُبَاعُ كُلُّهُ لِتَكْرَارِ نَفَقَتِهِ فَيَسْتَوْعِبُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَانِ الشَّارِعُ وَالْمَسَاجِدُ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّهَا مَعَ الْمَوَاتِ مُحَالُّ اللُّقَطَةِ وَقَوْلِي إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ، وَإِطْلَاقِي لِلتَّبَرُّعِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْوَاجِدِ.
(وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لَا لِخِيَانَةٍ) بِأَنْ لَقَطَهَا لِحِفْظٍ أَوْ تَمَلُّكٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ خِيَانَةً وَلَا غَيْرَهَا أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا وَنَسِيَهُ وَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِي (فَأَمِينٌ مَا لَمْ يَتَمَلَّكْ) أَوْ يَخْتَصَّ بَعْدَ التَّعْرِيفِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ أَيْضًا بِأَنْ يُؤَجَّرَ وَيُنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ. أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي يُلْتَقَطُ عَدَمُ تَأَتِّي إيجَارِهِ فَلَوْ فُرِضَ إمْكَانُ إيجَارِهِ كَانَ كَالْعَبْدِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِذَا أَمْسَكَ اللَّاقِطُ الْحَيَوَانَ وَتَبَرَّعَ. . . إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ) قَالَ ح ل: وَانْظُرْ حُكْمَ النَّفَقَةِ اهـ. أَقُولُ: نَظَرْت فَوَجَدْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ اللُّقْطَةُ عَبْدًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ اللَّاقِطُ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حُرٌّ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ عَلَى السَّيِّدِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ نَفْسُهُ لَمْ يُقْصَدْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ مَا إذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ: كُنْت أَعْتَقْته لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: قُبِلَ قَوْلُهُ: إلَخْ) ثُمَّ لَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِبَقَاءِ الرِّقِّ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ فَهَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا وَجْهَانِ اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَبُولِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ؛ وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُيِّدَتْ الْأَمَةُ بِمَا مَرَّ) الْمَعْنَى أَنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلتَّقْيِيدِ بِمَنْ لَا تَحِلُّ لَيْسَ عُذْرًا فِي تَرْكِ التَّعَرُّضِ لَهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: الْأَخِيرَتَانِ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ) أَيْ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا اسْتَقَلَّ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. تُحْفَةٌ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَهُ بِعُمْرَانٍ. . . إلَخْ) أَشَارَ بِهَذِهِ الْغَايَةِ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ مَلْقُوطًا مِنْ الْمَفَازَةِ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا) أَيْ فِي الْمَفَازَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ يَسْمَعُ التَّعْرِيفَ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِإِيجَابِهِ وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُعَرَّفُ بِالصَّحْرَاءِ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا سَابِقًا بِالْمَفَازَةِ أَيْ بَلْ يُعَرَّفُ فِي الْعُمْرَانِ وَقَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْعُمْرَانِ وَتَرَجِّي هَذَا الْجَمْعِ يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَفَازَةِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ لَنَا لُقَطَةٌ مُتَمَوَّلَةٌ لَا يَجِبُ تَعْرِيفُهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَقِيَ بِعِلَاجٍ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ الْآنَ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ اهـ. ح ل وَعِبَارَةُ سم لَمْ يُجَوِّزُوا هُنَا التَّمَلُّكَ حَالًا كَاَلَّذِي لَا يَبْقَى بِعِلَاجٍ وَالْفَرْقُ إمْكَانُ بَقَاءِ هَذَا بِالْعِلَاجِ دُونَ ذَاكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَاعَ بَعْضَهُ لِعِلَاجِ بَاقِيهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى التَّجْفِيفِ لِيَرْجِعَ بِشَرْطِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلْزَامُ ذِمَّةِ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ حَيْثُ أَمْكَنَ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالْمَسَاجِدُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَالْمَقْبَرَةِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا كَانَ مَظِنَّةً لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ كَالْحَمَّامِ وَالْقَهْوَةِ وَالْمَرَاكِبِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَحَالُّ اللُّقَطَةِ) ، وَأَمَّا مَا يَجِدُهُ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ فَلِذِي الْيَدِ إنْ ادَّعَاهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبْلَهُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ لِلْمُحْيِي فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلُقَطَةٌ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُرْجَ مَالِكُهُ رَاجِعْ بَحْثَ الرِّكَازِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصٍ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوْ لَهَا فَضَامِنٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَضْمَنُ الِاخْتِصَاصَاتِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ اهـ. أَقُولُ: أَجَابَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ فِي الِاخْتِصَاصِ وُجُوبُ الرَّدِّ مَا دَامَ بَاقِيًا اهـ. سم ع ش (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ) وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ تَمَلُّكٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ إلَخْ بِجَعْلِ التَّمَلُّكِ وَالِاخْتِصَاصِ أَمْرًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَخْتَصُّ) بِأَنْ يَقْصِدَ الِاخْتِصَاصَ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute