للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهُوَ مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ) حَالَةَ التَّيَمُّمِ كَالْمُتَقَاطَرِ مِنْ الْمَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي ذَلِكَ صِحَّةُ تَيَمُّمِ الْوَاحِدِ أَوْ الْكَثِيرِ مِنْ تُرَابٍ يَسِيرٍ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ رَفَعَ يَدَهُ فِي أَثْنَاءِ مَسْحِ الْعُضْوِ ثُمَّ وَضَعَهَا صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْهُ مَا تَنَاثَرَ مِنْ غَيْرِ مَسِّ الْعُضْوِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ

(وَأَرْكَانُهُ) أَيْ: التَّيَمُّمِ خَمْسَةٌ: أَحَدُهَا (نَقْلُ تُرَابٍ، وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ وَيَدٍ) بِأَنْ يَنْقُلَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ أَوْ إلَى الْآخَرِ، فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ نُقِلَ مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ أَوْ عَكْسِ كَفَى وَكَنَقْلِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا نَقْلُهُ مِنْ الْهَوَاءِ وَنَقْلُهُ يَتَضَمَّنُ قَصْدَهُ لِوُجُوبِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِهِ كَمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِالْقَصْدِ لِلْآيَةِ فَإِنَّهَا آمِرَةٌ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ الْقَصْدُ، وَالنَّقْلُ طَرِيقُهُ (فَلَوْ سَفَّتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ) أَيْ: الْوَجْهِ أَوْ الْيَدِ (فَرَدَّدَهُ) عَلَيْهِ (وَنَوَى لَمْ يَكْفِ) ، وَإِنْ قَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التُّرَابَ، وَإِنَّمَا التُّرَابُ أَتَاهُ لَمَّا قَصَدَ الرِّيحَ، وَقِيلَ: يَكْفِي فِي صُورَةِ الْقَصْدِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ (وَلَوْ يُمِّمَ بِإِذْنِهِ) وَنِيَّتِهِ (صَحَّ) ، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ إقَامَةً لِفِعْلِ مَأْذُونِهِ مَقَامَ فِعْلِهِ

(وَ) ثَانِيهَا (نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقَرٍ إلَيْهِ) أَيْ: التَّيَمُّمِ كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ، فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الطَّهَارَةِ ع ش، وَعِبَارَةُ شَوْبَرِيٍّ لَا بِمُسْتَعْمَلٍ أَيْ فِي حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ وَإِنْ غَسَلَ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ أَيْ فِي الْمُغَلَّظَةِ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ الَّذِي غَسَلَ بِهِ الْمُغَلَّظَ مَرَّةً ثَانِيَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَعْرِيفُ الْمُسْتَعْمَلِ الْمَذْكُورُ غَيْرَ شَامِلٍ لَهُ لِأَنَّ مُرَادَهُ تَعْرِيفُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ بَلْ قَضِيَّةُ الْحَصْرِ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ بِعُضْوِهِ) أَيْ الْمَمْسُوحِ (قَوْلُهُ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ جَمِيعًا ع ش. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ حَصْرِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَقَامَ الْبَيَانِ يُفِيدُهُ وَحِينَئِذٍ سَقَطَ مَا قِيلَ الْحَصْرُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا فِي كَلَامِهِ مَوْصُولَةٌ، فَإِنْ جُعِلَتْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً فَلَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ صِحَّةُ تَيَمُّمِ الْوَاحِدِ أَوْ الْكَثِيرِ مِنْ تُرَابٍ يَسِيرٍ) إلَّا أَنْ يَخْتَلِطَ بِهِ مَا تَنَاثَرَ مِنْ الْعُضْوِ بَعْدَ مَسِّهِ ح ل، وَلَا يُقَدَّرُ بِمُخَالِفٍ كَمَا فِي الْمَاءِ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ وَلَوْ رَفَعَ يَدَهُ إلَخْ) لَمْ يَجْعَلْهُ مُسْتَفَادًا مِمَّا ذَكَرَ بَلْ تَقْيِيدًا لِقَوْلِهِ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُتَنَاثِرُ انْفَصَلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ جَمِيعًا، وَقَوْلُهُ صَحَّ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ جَمِيعًا وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ إلَخْ لِأَنَّ الْمُتَنَاثِرَ مِنْهُ ظَاهِرٌ فِي الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بَعْدَ مَسِّهِ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ صَادِقٌ بِمَا تَنَاثَرَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ ح ل

(قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهُ خَمْسَةٌ) بِإِسْقَاطِ التُّرَابِ إذْ لَوْ حَسُنَ عَدُّهُ رُكْنًا لَحَسُنَ عَدُّ الْمَاءِ رُكْنًا فِي الْوُضُوءِ وَالْقَصْدِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي النَّقْلِ الْوَاجِبِ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ، فَالنَّقْلُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْقَصْدِ وَلَا عَكْسَ إذْ هُوَ مَسْأَلَةُ الرِّيحِ الْآتِيَةِ قَاصِدٌ غَيْرُ نَاقِلٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التُّرَابَ رُكْنٌ فِي التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ لَيْسَ مُطَهِّرًا بَلْ الْمُطَهِّرُ إنَّمَا هُوَ الْمَاءُ، وَالتُّرَابُ شَرْطٌ ز ي. (قَوْلُهُ وَنَقْلُهُ يَتَضَمَّنُ) الْمُرَادُ بِالتَّضَمُّنِ هُنَا الِاسْتِلْزَامُ لَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَنْطِقِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَنَقَلَهُ إلَخْ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعُدَّ الْقَصْدَ مِنْ الْأَرْكَانِ كَمَا عَدَّهُ الْأَصْحَابُ مِنْهَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ النَّقْلَ مَتَى كَانَ مُقْتَرِنًا بِالنِّيَّةِ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِلْقَصْدِ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقَصْدِ مَعَ ذِكْرِ النَّقْلِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِالْقَصْدِ مَعَ النَّقْلِ الْآيَةَ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: ٦] ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ، وَالنَّقْلُ طَرِيقٌ لَهُ وَانْظُرْ لِمَ خَالَفَهُمْ الْمُصَنِّفُ قَالَ ز ي الْمُخَاطَبَاتُ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الدَّلَالَةِ الْمُطَابِقِيَّةِ اهـ. وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَصْدُ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ اسْمَ الْغُسْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ يُطْلَقُ مَعَ انْتِفَاءِ الْقَصْدِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ. وَالنَّقْلِ هُوَ التَّحْوِيلُ. وَالْقَصْدُ هُوَ قَصْدُ الْمَسْحِ بِهِ.

وَالنِّيَّةُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِبَاحَةَ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي غَيْرَهَا كَمَا يَأْتِي فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ طَرِيقُهُ) أَيْ مُحَقَّقٌ لَهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ) عَدَلَ عَنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَهِيَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يُقَالَ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الصِّحَّةِ ع ش. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التُّرَابَ) أَيْ بِنَقْلٍ أَيْ لَمْ يَنْقُلْهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا التُّرَابُ أَتَاهُ وَإِنَّمَا آثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ عَنْ النَّقْلِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ طَرِيقُهُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ح ل فَلَوْ تَلَقَّاهُ بِوَجْهِهِ أَوْ يَدَيْهِ كَانَ نَاقِلًا بِالْعُضْوِ وَهُوَ كَافٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَنِيَّتُهُ) أَيْ الْآذِنِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ عِنْدَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَيَمِّمُ م ر. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ) لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ ح ل.

(قَوْلُهُ إقَامَةً لِفِعْلِ مَأْذُونِهِ مَقَامَ فِعْلِهِ) أَخَذَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلطَّهَارَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَيَكْفِي كَوْنُهُ كَافِرًا أَوْ حَائِضًا حَيْثُ لَا نَقْضَ وَغَيْرَ مُمَيِّزٍ كَقِرْدٍ، وَلَا يُقَالُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يَتَأَتَّى الْإِذْنُ لَهُ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَشْمَلُ الْإِشَارَةَ ح ل

(قَوْلُهُ وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةٍ مُفْتَقَرٌ إلَيْهِ) بِأَنْ يَنْوِيَ هَذَا الْأَمْرَ الْعَامَّ أَوْ يَنْوِيَ بَعْضَ أَفْرَادِهِ كَمَا مَرَّ وَإِذَا نَوَى الْأَمْرَ الْعَامَّ اسْتَبَاحَ أَدْنَى الْمَرَاتِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>