للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتُصْرَفُ التِّرْكَةُ أَوْ بَاقِيهَا كَمَا سَيَأْتِي لِبَيْتِ الْمَالِ إرْثًا لِلْمُسْلِمِينَ عُصُوبَةً لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ» وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَرِثُ شَيْئًا لِنَفْسِهِ بَلْ يَصْرِفُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْ الْمَيِّتِ كَالْعَصَبَةِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِذَلِكَ وَصَرْفُهُ لِمَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ لَا لِقَاتِلِهِ، وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلِلْإِرْثِ أَيْضًا شُرُوطٌ ذَكَرَهَا ابْنُ الْهَائِمِ فِي فُصُولِهِ وَبَيَّنْتهَا فِي شَرْحَيْهَا. وَلَهُ مَوَانِعُ تَأْتِي.

(وَالْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِ مِنْ الذُّكُورِ) بِالِاخْتِصَارِ (عَشَرَةٌ) وَبِالْبَسْطِ خَمْسَةَ عَشَرَ (ابْنٌ وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ وَأَبٌ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا وَأَخٌ مُطْلَقًا) أَيْ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَعَمٌّ وَابْنُهُ وَابْنُ أَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فِي الثَّلَاثَةِ وَإِنْ بَعُدُوا (وَزَوْجٌ وَذُو وَلَاءٍ) . .

(وَ) الْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِ (مِنْ الْإِنَاثِ) بِالِاخْتِصَارِ (سَبْعٌ) وَبِالْبَسْطِ عَشْرٌ (بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ) أَيْ الِابْنُ (وَأُمٌّ وَجَدَّةٌ) أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ وَإِنْ عَلَتَا (وَأُخْتٌ) مُطْلَقًا (وَزَوْجَةٌ وَذَاتُ وَلَاءٍ) ، وَتَعْبِيرِي بِذُو وَلَاءٍ وَذَاتِ وَلَاءٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُعْتَقِ وَالْمُعْتَقَةِ.

(فَلَوْ اجْتَمَعَ الذُّكُورُ فَالْوَارِثُ أَبٌ وَابْنٌ وَزَوْجٌ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِ الزَّوْجِ وَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ثَلَاثَةٌ لِلزَّوْجِ وَاثْنَانِ لِلْأَبِ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ.

(أَوْ) اجْتَمَعَ (الْإِنَاثُ فَ) الْوَارِثُ (بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٌ) وَسَقَطَتْ الْجَدَّةُ بِالْأُمِّ وَذَاتُ الْوَلَاءِ بِالْأُخْتِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا سَقَطَ بِهَا الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَبِالْبِنْتِ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَمَسْأَلَتُهُنَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ثَلَاثَةٌ لِلزَّوْجَةِ وَاثْنَا عَشَرَ لِلْبِنْتِ وَأَرْبَعَةٌ لِكُلٍّ مِنْ بِنْتِ الِابْنِ وَالْأُمِّ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ.

(أَوْ) اجْتَمَعَ (الْمُمْكِنُ) اجْتِمَاعُهُ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الصِّنْفَيْنِ (ف) الْوَارِثُ (أَبَوَانِ) أَيْ أَبٌ وَأُمٌّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِوُجُودِهِ فِيهِمْ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَعَ أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ مَالَهُ وَيَضَعُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ لِمُتَوَلِّيهِ (قَوْلُهُ: إرْثًا لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ مُرَاعًى فِيهِ الْمَصْلَحَةُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِذَلِكَ وَيُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِمَامِ كَأَنْ يَمْلِكَ بِنْتَ عَمِّهِ ثُمَّ يُعْتِقَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ يَمُوتَ وَلَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُهُ فَهُوَ زَوْجُهَا وَابْنُ عَمِّهَا وَمُعْتِقُهَا وَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تُصُوِّرَتْ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ بِجَمِيعِهَا اهـ. أَيْ بَلْ يَرِثُ بِكَوْنِهِ زَوْجًا وَابْنَ عَمٍّ ع ش وَأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِيهِ شَرْحُ م ر أَيْ فَيَكُونُ السَّبَبُ الرَّابِعُ مَوْجُودًا فِيهِ (قَوْلُهُ: يَعْقِلُونَ عَنْ الْمَيِّتِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ جِهَةَ إسْلَامٍ فَتَخْرُجُ الدِّيَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فَعَلَى الْقَاتِلِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ع ش عَلَى م ر فَلَمَّا كَانَ لَهُمْ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَانُوا كَأَنَّهُمْ عَاقِلُونَ وَإِلَّا فَلَا يَدْفَعُونَ شَيْئًا مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ) عِبَارَةُ م ر: لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: يَجُوزُ تَخْصِيصُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِصِفَةٍ وَهِيَ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ فَصَارَ كَالْوَصِيَّةِ لِقَوْمٍ مَوْصُوفِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ وَكَالزَّكَاةِ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ زَكَاةَ شَخْصَيْنِ وَيَدْفَعَهَا إلَى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ) عِبَارَةُ م ر وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا مِنْ الْإِرْثِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ لَا يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ (قَوْلُهُ: لَا لِقَاتِلِهِ) وَلَا لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَلَا لِكَافِرٍ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: شُرُوطٌ) أَيْ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهُمَا تَحَقُّقُ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ إلْحَاقَةُ بِالْمَوْتَى تَقْدِيرًا كَجَنِينٍ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ الْغُرَّةَ أَوْ حُكْمًا كَمَفْقُودٍ حَكَمَ الْقَاضِي بِمَوْتِهِ اجْتِهَادًا، وَثَانِيهَا تَحَقُّقُ وُجُودِ الْمُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ حَيًّا عِنْدَ الْمَوْتِ تَحْقِيقًا كَانَ الْوُجُودُ أَوْ تَقْدِيرًا كَحَمْلٍ انْفَصَلَ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ نُطْفَةً، ثَالِثُهَا تَحَقُّقُ اسْتِقْرَارِ حَيَاةِ هَذَا الْمُدْلِي بَعْدَ الْمَوْتِ، وَرَابِعُهَا الْعِلْمُ بِالْجِهَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِرْثِ تَفْصِيلًا وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْقَاضِي فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِرْثِ الْمُطْلَقَةُ بَلْ لَا بُدَّ فِي شَهَادَتِهِ مِنْ بَيَانِ الْجِهَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ الْإِرْثَ مِنْهُ ز ي.

(قَوْلُهُ: عَشَرَةٌ) اثْنَانِ مِنْ أَسْفَلِ النَّسَبِ وَاثْنَانِ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَرْبَعٌ مِنْ الْحَوَاشِي وَاثْنَانِ مِنْ غَيْرِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: ابْنٌ وَابْنُهُ) قَدَّمَهُمَا عَلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ لِقُوَّتِهِمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَهُ مَعَ أَحَدِهِمَا السُّدُسُ وَلَهُ الْبَاقِي وَكُلٌّ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ. (قَوْلُهُ: وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ) لَمْ يَقُلْ ابْنٌ وَإِنْ نَزَلَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ دُخُولُ ابْنِ الْبِنْتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَابْنُهُ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُهُ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَهُ يَرْجِعُ لِلِابْنِ (قَوْلُهُ: وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا) لَمْ يَقُلْ أَبٌ وَإِنْ عَلَا لِئَلَّا يَشْمَلَ أَبَا الْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدُوا) بَعُدَ الْعَمُّ بِأَنْ يَكُونَ عَمَّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ.

(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ) لِيَشْمَلَ أَوْلَادَ الْعَتِيقِ وَعُتَقَائِهِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ عَلَيْهِمْ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ لَا بِطَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ ز ي وَلِشُمُولِهِ عَصَبَاتِهِمَا وَمُعْتِقَهُمَا.

(قَوْلُهُ: بِالْأُخْتِ) ؛ لِأَنَّ عَصَبَةَ النَّسَبِ تَحْجُبُ عَصَبَةَ الْوَلَاءِ ح ل.

(قَوْلُهُ: الْمُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ) إذْ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَصَوَّرَ بَعْضُهُمْ اجْتِمَاعَهُمَا ظَاهِرًا بِمَا إذَا جِيءَ بِمَيِّتٍ مَلْفُوفٍ فِي كَفَنِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَمَعَهُ أَوْلَادٌ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ زَوْجَتُهُ وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُهُ مِنْهَا وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا أَوْلَادٌ وَادَّعَتْ أَنَّ الْمَيِّتَ زَوْجُهَا وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُهَا مِنْهُ فَكُشِفَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ خُنْثَى وَصُوِّرَ أَيْضًا بِمَا إذَا حُكِمَ بِمَوْتِ غَائِبٍ وَجَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِمَا ادَّعَى وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الرَّجُلِ فَيَرِثُ الْمَيِّتَ أَبَوَاهُ وَالرَّجُلُ وَأَوْلَادُهُ، وَتُمْنَعُ الْمَرْأَةُ وَعَنْ النُّصُوصِ تَوْرِيثُ الْجَمِيعِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>