للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] وَإِخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» (أَرْكَانُهَا) لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ (مُوصًى لَهُ، وَ) مُوصًى (بِهِ وَصِيغَةٌ وَشُرِطَ فِيهِ تَكْلِيفٌ وَحُرِّيَّةٌ وَاخْتِيَارٌ) وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ مَحْجُورَ سَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِمْ وَاحْتِيَاجِهِمْ لِلثَّوَابِ (فَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِدُونِهَا) أَيْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَرَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُكْرَهٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَلِعَدَمِ مِلْكِ الرَّقِيقِ، أَوْ ضَعْفِهِ وَالسَّكْرَانُ كَالْمُكَلَّفِ وَقَيْدُ الِاخْتِيَارِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُوصَى لَهُ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ جِهَةً أَمْ غَيْرَهَا (عَدَمُ مَعْصِيَةٍ) فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ (وَ) حَالَةَ كَوْنِهِ (غَيْرَ جِهَةٍ كَوْنُهُ مَعْلُومًا أَهْلًا لِمِلْكٍ) وَاشْتِرَاطُ الْأَوَّلَيْنِ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ مِنْ زِيَادَتِي (فَلَا تَصِحُّ) لِكَافِرٍ بِمُسْلِمٍ لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً وَلَا (لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ) لِعَدَمِ وُجُودِهِ (وَلَا لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ) لِلْجَهْلِ بِهِ نَعَمْ إنْ قَالَ: أَعْطُوا هَذَا لِأَحَدِ هَذَيْنِ صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ: لِوَكِيلِهِ بِعْهُ لِأَحَدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الدَّيْنِ وَإِنْ وَقَعَ التَّدْبِيرُ فِي الصِّحَّةِ كَعِتْقٍ عُلِّقَ بِصِفَةٍ قُيِّدَتْ بِالْمَرَضِ، أَيْ مَرَضِ الْمَوْتِ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فِي مَرَضِ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ، أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ وَوُجِدَتْ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ، أَيْ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ وُجِدَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ) ، أَيْ بِمَرَضِ الْمَوْتِ كَتَقْدِيمِهِ لِلْقَتْلِ وَنَحْوِهِ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مَا حَقُّ امْرِئٍ) قَالَ: الطِّيبِيُّ وَالْكَرْمَانِيُّ مَا نَافِيَةٌ وَلَهُ شَيْءٌ صِفَةٌ لِمُسْلِمٍ وَيُوصِي فِيهِ صِفَةُ شَيْءٍ وَيَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ صِفَةٌ أَيْضًا لِمُسْلِمٍ وَالْمُسْتَثْنَى خَبَرٌ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْخَبَرَ لَا يَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَبِيتُ هُوَ الْخَبَرُ وَكَأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ أَنْ، وَمَفْعُولُ يَبِيتُ مَحْذُوفٌ، أَيْ مَرِيضًا اهـ شَوْبَرِيٌّ

هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ يَبِيتُ خَبَرًا وَالْمُسْتَثْنَى حَالًا، أَيْ مَا الْحَزْمُ وَالرَّأْيُ حَقُّهُ أَنْ يَبِيتَ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْرِي مَتَى يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ، أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاللَّيْلَتَانِ لَيْسَتَا لِلتَّقْيِيدِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَمْضِي عَلَيْهِ زَمَنٌ مِنْ مِلْكِ الشَّيْءِ الْمُوصِي فِيهِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ، أَيْ مُشْهِدٌ عَلَيْهَا لَكِنْ سُومِحَ لَهُ فِي اللَّيْلَتَيْنِ وَقَوْلُ الْمُحَشِّي مَفْعُولُ يَبِيتُ صَوَابُهُ خَبَرُ يَبِيتُ وَقَوْلُهُ: مَرِيضًا لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا فَالْأَوْلَى جَعْلُ يَبِيتُ تَامَّةً وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: أَرْكَانُهَا لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ) أَمَّا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا لَكِنْ يُبْدَلُ الْمُوصَى بِهِ بِالْمُوصَى فِيهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: مُوصًى لَهُ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي صَحَّ وَصُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ سَبْط ط ب. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مُوصَى لَهُ وَلَوْ ضِمْنًا وَهُوَ هُنَا مَذْكُورٌ ضِمْنًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ صَرْفُ الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ (قَوْلُهُ: وَحُرِّيَّةٌ) ، أَيْ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا م ر (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) لَا يُغْنِي عَنْهُ التَّكْلِيفُ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ مُكَلَّفٌ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَلَوْ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ اقْتَضَى صِحَّةَ وَصِيَّةِ الْمُكْرَهِ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ ع ن مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) وَفَارَقَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) ، أَيْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: وَشَرْطٌ فِي الْمُوصَى لَهُ إلَخْ) وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ صِحَّتُهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ جِهَةٍ وَلَا شَخْصٍ كَأَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ بِثُلُثِهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا أُولَئِكَ فَكَانَ إطْلَاقُهَا بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهِمْ فَفِيهِ ذِكْرُ جِهَةٍ ضِمْنًا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مَعْلُومًا) ، أَيْ مَوْجُودًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَهْلًا لِلْمِلْكِ) ، أَيْ حِينَ الْوَصِيَّةِ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقُيُودِ ثَلَاثَةً فَرَّعَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ تَفْرِيعَيْنِ وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ فَصَلَ بَيْنَهُمَا فَذَكَرَ أَحَدَهُمَا بِقَوْلِهِ فَلَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ بِمُسْلِمٍ إلَخْ وَثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ لِعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ فَلَعَلَّ الْأَنْسَبَ ذِكْرُ الثَّانِي مُلَاصِقًا لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِمُسْلِمٍ) وَمِثْلُهُ الْمُصْحَفُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ فَلْيُرَاجَعْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إذَا كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِهِ) ؛ وَلِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ مُمْتَنِعٌ نَعَمْ إنْ جُعِلَ الْمَعْدُومُ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ كَأَنْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ زَيْدٍ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ صَحَّتْ لَهُمْ تَبَعًا قِيَاسًا عَلَى الْوَقْفِ هُنَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَالْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا مُعَيَّنٌ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ؛ لِلدَّوَامِ الْمُقْتَضَى لِشُمُولِهِ لِلْمَعْدُومِ ابْتِدَاءً مَرْجُوحٌ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>