للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا يَأْتِي وَفِي كَلَامِي هُنَا إشَارَةٌ إلَيْهِ، أَمَّا مُؤَلَّفَةُ الْكُفَّارِ وَهُمْ مَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ، أَوْ يُخَافُ شَرُّهُ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ زَكَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَأَغْنَى عَنْ التَّأْلِيفِ وَقَوْلِي: أَوْ كَافٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَلِرِقَابٍ) وَهُمْ (مُكَاتَبُونَ) كِتَابَةً صَحِيحَةً بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي: (لِغَيْرِ مُزَكٍّ) فَيُعْطَوْنَ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَادَاتِهِمْ أَوْ قَبْلَ حُلُولِ النُّجُومِ مَا يُعِينُهُمْ عَلَى الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَا يَفِي بِنُجُومِهِمْ، أَمَّا مُكَاتَبُ الْمُزَكِّي فَلَا يُعْطَى مِنْ زَكَاتِهِ شَيْئًا لِعَوْدِ الْفَائِدَةِ إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مِلْكَهُ

(وَلِغَارِمٍ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: (مَنْ تَدَايَنَ لِنَفْسِهِ فِي مُبَاحٍ) طَاعَةً كَانَ، أَوْ لَا، وَإِنْ صَرَفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَقَدْ عُرِفَ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ (أَوْ) فِي (غَيْرِهِ) أَيْ: الْمُبَاحِ كَخَمْرٍ (وَتَابَ) وَظُنَّ صِدْقُهُ فِي تَوْبَتِهِ، وَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ (أَوْ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ) فَيُعْطَى (مَعَ الْحَاجَةِ) بِأَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَدَايَنَ لِمَعْصِيَةٍ وَصَرَفَهُ فِيهَا، وَلَمْ يَتُبْ، وَمَا لَوْ لَمْ يَحْتَجْ، فَلَا يُعْطَى. وَقَوْلِي: أَوْ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) تَدَايَنَ (لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) أَيْ: الْحَالِّ بَيْنَ الْقَوْمِ كَأَنْ خَافَ فِتْنَةً بَيْنَ قَبِيلَتَيْنِ تَنَازَعَتَا فِي قَتِيلٍ لَمْ يَظْهَرْ قَاتِلُهُ فَتَحَمَّلَ الدِّيَةُ تَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ فَيُعْطَى (وَلَوْ غَنِيًّا) ؛ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ الْفَقْرُ لَقَلَّتْ الرَّغْبَةُ فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ (أَوْ) تَدَايَنَ (لِضَمَانٍ) فَيُعْطَى (إنْ أَعْسَرَ مَعَ الْأَصِيلِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا بِالضَّمَانِ (أَوْ) أَعْسَرَ (وَحْدَهُ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا) بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا ضَمِنَ بِالْإِذْنِ وَالثَّالِثُ مِنْ زِيَادَتِي

(وَلِسَبِيلِ اللَّهِ) وَهُوَ (غَازٍ مُتَطَوِّعٌ) بِالْجِهَادِ فَيُعْطَى (وَلَوْ غَنِيًّا) ؛ إعَانَةً لَهُ عَلَى الْغَزْوِ وَبِخِلَافِ الْمُرْتَزِقِ الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي الْفَيْءِ فَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُصْرَفُ لَهُ مِنْ الْفَيْءِ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ إعَانَتُهُ حِينَئِذٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ: قَوْلُهُ: وَشَرْطُ آخِذٍ لِلزَّكَاةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْإِسْلَامِ أَيْ: إلَى اشْتِرَاطِهِ حَيْثُ عَطَفَ الشَّرِيفَ وَالْكَافِيَ بِأَوْ فَاقْتَضَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيفِ وَالْكَافِي قَوِيُّ إسْلَامٍ ح ل

. (قَوْلُهُ: وَلِرِقَابٍ) أَيْ: لِتَخْلِيصِهَا مِنْ الرِّقِّ جَمْعُ رَقَبَةٍ عَبَّرَ بِهَا عَنْ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ كَالْحَبْلِ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمُكَاتَبِينَ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ: هُمْ أَرِقَّاءُ يُشْتَرَوْنَ وَيُعْتَقُونَ وَقَوْلُهُ: كِتَابَةً صَحِيحَةً أَيْ: لِكُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ وَبَاقِيهِ حُرٌّ وَلَوْ لِكَافِرٍ وَنَحْوِ هَاشِمِيٍّ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ م ر وَإِذَا صَحَّحْنَا كِتَابَةَ بَعْضِ قِنٍّ كَأَنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ فَعَجَزَ الثُّلُثُ عَنْ كُلِّهِ لَمْ يُعْطَ وَلَا يُنَافِي كَلَامَ الْبِرْمَاوِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَبَاقِيهِ حُرٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ حُلُولِ النُّجُومِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْحُلُولُ كَمَا اُشْتُرِطَ فِي الْغَارِمِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ أَقْوَى، وَالْغَارِمُ يُنْتَظَرُ لَهُ الْيَسَارُ فَإِنْ لَمْ يُوسِرْ فَلَا حَبْسَ وَلَا مُلَازَمَةَ. وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ إلَخْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى الْكَسْبِ كَمَا فِي الْغَارِمِ، وَيُفَارِقُ الْمِسْكِينَ، وَالْفَقِيرَ بِأَنَّ حَاجَتَهُمَا إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِالتَّدْرِيجِ، وَالْكَسُوبُ يُحَصِّلُهَا كُلَّ يَوْمٍ س ل، وَحَاجَةُ مَنْ ذُكِرَ نَاجِزَةٌ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْكَسُوبُ لَا يَدْفَعُهُ إلَّا بِالتَّدْرِيجِ غَالِبًا شَرْحُ الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِ مِلْكَهُ) وَبِهِ فَارَقَ صَاحِبَ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِي لِغَرِيمِهِ مِنْ زَكَاتِهِ مَعَ عَوْدِ الْفَائِدَةِ إلَيْهِ بِأَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ عَنْ دَيْنِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالضَّمِيرُ فِي كَوْنِهِ رَاجِعٌ لِلْمُكَاتَبِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ) وَالْأَوَّلُ مِنْهَا مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ. (قَوْلُهُ: مَنْ تَدَايَنَ لِنَفْسِهِ) وَمِثْلُهُ مَنْ اسْتَدَانَ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ، أَوْ قِرَى ضَيْفٍ، وَعِبَارَةُ التَّصْحِيحِ مَا نَصُّهُ وَحُكْمُ مَنْ اسْتَدَانَ لِمَصْلَحَةِ مَسْجِدٍ، أَوْ قِرَى ضَيْفٍ كَالْمُتَدَايِنِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ عَلَى مَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ ع ن. (قَوْلُهُ وَقَدْ عُرِفَ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ) وَلَوْ بِالْقَرِينَةِ م ر بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ م ر لَكِنْ لَا نُصَدِّقُهُ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَرَائِنَ تُفِيدُ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَرَفَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَتَابَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحُ م ر بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ قَضَى دَيْنَهُ مِمَّا مَعَهُ تَمَسْكَنَ فَيُتْرَكُ لَهُ مِمَّا مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ، ثُمَّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ صَرَفَهُ فِي دَيْنِهِ وَتُمِّمَ لَهُ مِنْ الزَّكَاةِ بَاقِيهِ وَإِلَّا قُضِيَ عَنْهُ الْكُلُّ، وَلَا يُكَلَّفُ كَسُوبٌ الْكَسْبَ هُنَا. (قَوْلُهُ، أَوْ تَدَايَنَ لِإِصْلَاحٍ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى إلَّا إنْ تَدَايَنَ دَيْنًا وَدَفَعَهُ فِي الدِّيَةِ الَّتِي تَحَمَّلَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَى بِمُجَرَّدِ تَحَمُّلِ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا قَالَ: أَوْ تَدَايَنَ لِيَكُونَ غَارِمًا وَكَذَا الضَّامِنُ يُعْطَى بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَتَدَايَنْ فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْحَالِّ) تَفْسِيرٌ لِذَاتِ وَقَوْلُهُ: بَيْنَ الْقَوْمِ تَفْسِيرٌ لِلْبَيْنِ ز ي. (قَوْلُهُ: فِي قَتِيلٍ) أَيْ: أَوْ نَحْوِهِ كَمَالٍ وَاخْتِصَاصٍ لَزِمَ بِسَبَبِ إتْلَافِهِ فِتْنَةٌ أَمْكَنَ تَسْكِينُهَا بِبَذْلِ دَرَاهِمَ م ر ح ل.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَظْهَرْ قَاتِلُهُ) لَيْسَ قَيْدًا. (قَوْلُهُ: فَيُعْطَى) أَيْ: وَلَوْ غَنِيًّا إنْ حَلَّ الدَّيْنُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ س ل. (قَوْلُهُ، أَوْ تَدَايَنَ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ دَفَعَ مِنْ مَالِهِ، أَوْ أَدَّى مِنْهُ مَا اسْتَدَانَهُ فَلَا يُعْطَى ح ل. (قَوْلُهُ: إنْ أَعْسَرَ مَعَ الْأَصِيلِ) أَيْ: فَيُعْطَى مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِذَا قَضَى بِهِ دَيْنَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَصِيلِ وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إذَا غَرِمَ مِنْ عِنْدِهِ وَخَرَجَ بِأَعْسَرَ مَا إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ، أَوْ الضَّامِنُ فَقَطْ فَلَا يُعْطَى وَلَوْ بِغَيْرِ الْإِذْنِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم (قَوْلُهُ: وَكَانَ مُتَبَرِّعًا) بِأَنْ ضَمِنَ بِلَا؛ إذْنٍ

(قَوْلُهُ: وَلِسَبِيلِ اللَّهِ) . سَبِيلُ اللَّهِ وَضْعًا الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلَةُ لَهُ تَعَالَى، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الشَّهَادَةِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ جَاهَدُوا لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَكَانُوا أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِمْ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ ز ي فُسِّرَ سَبِيلُ اللَّهِ بِالْغُزَاةِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْجِهَادِ غَلَبَ عُرْفًا وَشَرْعًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: ٧٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>