للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَنِيءِ النَّسَبِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ: لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَصَوَّبَ عَدَمَ تَزْوِيجِهَا لَهُمَا مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ إلَى مَا صَحَّحَاهُ، مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ، وَغَيْرُ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ

(وَعِفَّةٌ) بِدِينٍ وَصَلَاحٍ (فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ عَفِيفَةٍ) ، وَإِنَّمَا يُكَافِئُهَا عَفِيفٌ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِالصَّلَاحِ شُهْرَتَهَا بِهِ، وَالْمُبْتَدِعُ لَيْسَ كُفْءَ سُنِّيَّةٍ، وَيُعْتَبَرُ إسْلَامُ الْآبَاءِ فَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ، لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا أَبٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِيهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِيهِ

(وَحِرْفَةٌ) وَهِيَ صِنَاعَةٌ يُرْتَزَقُ مِنْهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ إلَيْهَا (فَلَيْسَ ذُو حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ، فَنَحْوُ كَنَّاسٍ وَرَاعٍ) كَحَجَّامٍ وَحَارِسٍ وَقَيِّمِ حَمَّامٍ (لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ إلَخْ، وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّزْوِيجِ بِالْوِلَايَةِ وَالتَّزْوِيجُ هُنَا بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَدَنِيءِ النَّسَبِ) لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ لَهَا حُكْمًا، أَيْ دُونَ دَنِيءِ الْحِرْفَةِ فَلَا يُزَوِّجُهَا مِنْهُ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ عَدَمَ تَزْوِيجِهَا لَهُمَا) أَيْ بَلْ تُزَوَّجُ بِحُرٍّ شَرِيفِ النَّسَبِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ) أَيْ وَتَزْوِيجُ مَنْ ذُكِرَتْ بِحُرٍّ دَنِيءِ النَّسَبِ فِيهِ مُقَابَلَةُ الْحُرِّيَّةِ بِمَا فِيهَا مِنْ الشَّرَفِ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ فَنِكَاحُ الرَّقِيقِ أَوْلَى. وَأَجَابَ حَجّ بِأَنَّ الرِّقَّ غَايَةُ النَّقْصِ فَتَضْمَحِلُّ الْفَضَائِلُ مَعَهُ فَكَأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ، فَلَا مُقَابَلَةَ ح ل وَعِبَارَةُ ع ش وَيُجَابُ عَنْ إشْكَالِ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ، مَحَلُّهُ فِي تَزْوِيجِ الْوَلِيِّ مُوَلِّيَتَهُ، وَاَلَّذِي نَحْنُ فِيهِ تَزْوِيجُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ

(قَوْلُهُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ) ضَعِيفٌ ع ش وَالرَّاجِحُ أَنَّ بَعْضَهُمْ يُقَدَّمُ عَلَى بَعْضٍ فَتُقَدَّمُ مُضَرُ عَلَى رَبِيعَةَ ثُمَّ عَدْنَانُ ثُمَّ قَحْطَانُ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ بِدِينٍ وَصَلَاحٍ) فِيهِ وَفِي آبَائِهِ ح ل وَقَوْلُهُ وَصَلَاحٍ تَفْسِيرُ ع ش وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ عَفِيفَةٍ) وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ حَيْثُ كَانَ فِسْقُهُ بِالزِّنَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِغَيْرِهِ قَالُوا: لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الزِّنَا لَا تَنْفِي سَمْتَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ حَجّ، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا تَابَ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ وَإِنْ كَانَ الْفِسْقُ بِغَيْرِ نَحْوِ الزِّنَا، وَالْفَاسِقَةُ يُكَافِئُهَا فَاسِقٌ إذَا اتَّحَدَ فِسْقُهُمَا نَوْعًا وَقَدْرًا، فَإِنْ زَادَ فِسْقُهُ أَوْ اخْتَلَفَ فِسْقُهُمَا نَوْعًا، لَمْ يُكَافِئْهَا، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ لَيْسَ كُفْءَ رَشِيدَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ وَالْمُبْتَدِعُ إلَخْ) لَا يُغْنِي عَنْهُ الْفَاسِقُ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ قَدْ لَا تَقْتَضِي الْفِسْقَ، وَقَوْلُهُ سُنِّيَّةً وَأَمَّا الْمُبْتَدِعَةُ فَيُكَافِئُهَا إنْ اتَّحَدَا فِي الْبِدْعَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ إسْلَامُ الْآبَاءِ) وَكَذَا الْأُمَّهَاتُ وَهَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَيُعْتَبَرُ فِي الْعِفَّةِ الْآبَاءُ أَيْضًا، وَتُعْتَبَرُ الْحِرْفَةُ فِي الزَّوْجَيْنِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْإِسْلَامُ فِي الْأُمَّهَاتِ فَيَكُونُ ابْنُ الْكِتَابِيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ كُفُؤًا لِبِنْتِ الْمُسْلِمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا كُفْءٌ لِمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ ح ل وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَيُعْتَبَرُ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ الْعِفَّةِ، لِأَنَّ فِيهِ عِفَّةً عَنْ الْكُفْرِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَعِفَّةٌ بِدِينٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ دِينُ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَصَلَاحٍ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِيهِ إلَخْ) وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابِيُّ لَيْسَ كُفُؤًا لِبِنْتِ التَّابِعِيِّ وَالْتُزِمَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الصَّحَابِيَّ لَيْسَ كُفُؤًا لِبِنْتِ التَّابِعِيِّ زَلَلٌ، أَيْ لِأَنَّ الشَّرَفَ لَمْ يَحْصُلْ لِلتَّابِعِيِّ إلَّا بِوَاسِطَتِهِمْ شَرْحُ م ر قَالَ: لِأَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ. (قَوْلُهُ يُرْتَزَقُ مِنْهَا) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَاشَرَ صَنْعَةً دَنِيئَةً لَا عَلَى وَجْهِ الْحِرْفَةِ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ بَاشَرَ نَحْوَ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ لَا تَنْخَرِمُ مُرُوءَتُهُ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ دَنِيئَةٍ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَهِيَ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهَا عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَيْسَ مِنْهَا نِجَارَةٌ بِالنُّونِ وَتِجَارَةٌ بِالتَّاءِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ يُرَاعَى فِيهَا عَادَةُ الْبَلَدِ أَيْ بَلَدِ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدِ الْعَقْدِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَارِهَا وَعَدَمِهِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ بَلَدِهَا أَيْ الَّتِي بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَنَحْوُ كَنَّاسٍ إلَخْ) وَلَوْ لِمَسْجِدٍ ع ش قَالَ خ ط: إنَّ هَؤُلَاءِ أَكْفَاءٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ وَرَاعٍ) وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الرِّعَايَةِ طَرِيقَةَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، لِأَنَّهَا صِفَةُ مَدْحٍ لَهُمْ، نَقْصٍ لِغَيْرِهِمْ كَالْأُمِّيَّةِ ح ل، أَوْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ أَخَذَ الرَّعْيَ حِرْفَةً يَكْتَسِبُ بِهَا فَقَطْ، وَالْأَنْبِيَاءُ لَمْ يَتَّخِذُوهُ لِذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقَيِّمِ حَمَّامٍ) أَيْ الْبَلَّانِ ح ل وَهُوَ بِالنُّونِ مَنْ يُكَبِّسُ النَّاسَ فِيهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ بِنْتِ خَيَّاطٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِخَيَّاطَةٍ لِأَنَّ الْآبَاءَ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا بَعْدَ اتِّحَادِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْحِرْفَةِ ح ل قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَلَمْ يَقُلْ: لَيْسَ كُفْءَ خَيَّاطَةٍ مَعَ أَنَّهُ الْمُلَائِمُ لِمَا قَبْلَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْحِرْفَةَ تُعْتَبَرُ فِي الْأُصُولِ، كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَيْنِ اهـ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ أَنَّهُ لَا يُكَافِئُهَا وَلَوْ كَانَ أَبُوهُ خَيَّاطًا وَكَانَتْ هِيَ كَنَّاسَةً أَوْ رَاعِيَةً أَوْ حَجَّامَةً أَوْ حَارِسَةً أَوْ قَيِّمَةَ حَمَّامٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِلْآبَاءِ إلَّا إنْ اتَّحَدَ الزَّوْجَانِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ أَبُوهُ خَيَّاطًا وَهِيَ كَنَّاسَةٌ، فَهُمَا مُتَكَافِئَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>