وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ (يَجِبُ قَسْمٌ لِزَوْجَاتٍ) وَلَوْ كُنَّ إمَاءً فَلَا دَخْلَ لِإِمَاءٍ غَيْرِ زَوْجَاتٍ فِيهِ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَوْلَدَاتٍ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ كَيْ لَا يَحْقِدَ بَعْضُ الْإِمَاءِ عَلَى بَعْضٍ هَذَا إنْ (بَاتَ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ) بِقُرْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا لِذَلِكَ (فَيَلْزَمُهُ) قَسْمٌ (لِمَنْ بَقِيَ) مِنْهُنَّ (وَلَوْ قَامَ بِهِنَّ عُذْرٌ كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ) وَرَتْقٍ وَقَرْنٍ وَإِحْرَامٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ تَسْوِيَةً بَيْنَهُنَّ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي التَّمَتُّعِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهَا تُسَنُّ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَرِيضَةِ الْقَسْمَ مَا لَوْ سَافَرَ بِنِسَائِهِ فَتَخَلَّفَتْ وَاحِدَةٌ لِمَرَضٍ فَلَا قَسْمَ لَهَا وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ.
(لَا) إنْ قَامَ بِهِنَّ (نُشُوزٌ) وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إثْمٌ كَمَجْنُونَةٍ فَمَنْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ لِيَدْخُلَ أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا لَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا كَمَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَإِذَا عَادَتْ لِلطَّاعَةِ لَا تَسْتَحِقُّ قَضَاءً وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْقَسْمُ كُلُّ زَوْجٍ عَاقِلٍ أَوْ سَكْرَانَ وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ سَفِيهًا فَإِنْ جَارَ الْمُرَاهِقُ فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ وَفِي مَعْنَى النَّاشِزَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْبَابِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ لَازِمِ بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ بَيَانُ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ أَيْ بَعْضُ تِلْكَ الْأَحْكَامِ لَا كُلُّهَا فَيُغْنِي الْقَسْمُ وَالنُّشُوزُ عَنْ عِشْرَةِ النِّسَاءِ ح ل (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ شَرْعًا وَمَعْنَاهُ لُغَةً الِارْتِفَاعُ وَفِي الْخُرُوجِ عَنْ الطَّاعَةِ ارْتِفَاعٌ عَنْ أَدَاءِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: يَجِبُ قَسْمٌ) حَتَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّهُ «كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ إنَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ» اهـ. رَوْضٌ (قَوْلُهُ: لِزَوْجَاتٍ) أَيْ حَقِيقَةً فَلَا تَدْخُلُ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كُنَّ إمَاءً) بِأَنْ كَانَ زَوَّجَهُنَّ رَقِيقًا أَوْ حُرًّا وَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فِي بِلَادٍ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي الْقَسْمِ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِوُجُوبِ الْقَسْمِ إذْ رُجُوعُهُ لِلْقَسْمِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُنَّ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا مَعَ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُنَّ كَمَا يَأْتِي
قَوْلُهُ: {أَلا تَعُولُوا} [النساء: ٣] أَيْ فِي الْوَاجِبِ فَلَا يَتَعَارَضُ مَعَ آيَةِ {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: ١٢٩] ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَنْدُوبِ أَوْ الْأَعَمِّ، أَوْ الْآيَةُ الْأُولَى فِي الْقَسْمِ الْحِسِّيِّ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالثَّانِيَةُ فِي الْمَعْنَوِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْقَلْبِ كَالْمَحَبَّةِ، وَعَلَيْهِ حَدِيثُ «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تُؤَاخِذْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَشْعَرَ ذَلِكَ) كَانَ مُرَادُهُ بِالْإِشْعَارِ عَدَمَ التَّصْرِيحِ وَإِلَّا فَالْآيَةُ مُقَيِّدَةٌ لِذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي مِلْكِ الْيَمِينِ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا يَجِبُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ) أَتَى بِهِ وَإِنْ عُلِمَ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: كَيْ لَا يَحْقِدَ) الْحِقْدُ الْبُغْضُ وَالْجَمْعُ أَحْقَادٌ ع ش (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْقَسْمِ إنْ بَاتَ بِالْفِعْلِ، وَبَاتَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ مَكَثَ نَهَارًا عِنْدَ بَعْضِهِنَّ لَزِمَهُ أَنْ يَمْكُثَ مِثْلَ ذَلِكَ الزَّمَنِ عِنْدَ الْبَاقِيَاتِ ح ل أَوْ أَنَّ بَاتَ بِمَعْنَى صَارَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (قَوْلُهُ وُجُوبُهَا) أَيْ الْقُرْعَةِ وَقَوْلُهُ لِذَلِكَ أَيْ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ قَسْمٌ) فَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ كَبِيرَةً ع ش عَلَى م ر لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ» اهـ. شَرْحُ م ر وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا مِمَّا تَقَدَّمَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَلَوْ قَامَ بِهِنَّ عُذْرٌ (قَوْلُهُ: فِي التَّمَتُّعِ) أَيْ وَلَا فِي الْكِسْوَةِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَيْلِ الْقَهْرِيِّ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تُسَنُّ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنَامَ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ حَيْثُ لَا عُذْرَ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: كَمَجْنُونَةٍ) أَيْ كَنُشُوزِهَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَتْ) لَا لِنَحْوِ قَاضٍ لِطَلَبِ حَقِّ أَوْ لِمُفْتٍ حَيْثُ لَمْ يَكْفِهَا الزَّوْجُ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لِنَحْوِ اكْتِسَابِ النَّفَقَةِ إذَا أَعْسَرَ بِهَا ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ) خَرَجَ بِذَلِكَ ضَرْبُهَا لَهُ وَشَتْمُهَا فَلَا يُعَدُّ نُشُوزًا ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ أَنَّ فَتْحَ الْبَابِ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهَا حَتَّى تَكُونَ نَاشِزَةً بِتَرْكِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَمْكِينُهَا وَاجِبٌ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا بِفَتْحِ الْبَابِ فَهُوَ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ م ر بَدَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَوْ أَغْلَقَتْ الْبَابَ فِي وَجْهِهِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَعْنَى لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ فَتْحِهِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْإِغْلَاقُ بِفِعْلِهَا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا) أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ قُبْلَةٍ وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي امْتِنَاعِهَا مِنْهُ فَإِنْ عُذِرَتْ كَأَنْ كَانَ بِهِ صُنَانٌ أَوْ بَخْرٌ مُسْتَحْكِمٌ وَتَأَذَّتْ بِهِ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَمْ تُعَدَّ نَاشِزَةً وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا) وَهَلْ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ لَا حَيْثُ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ تَأْخِيرُ حَقِّ غَيْرِهَا ح ل (قَوْلُهُ وَإِذَا عَادَتْ. . . إلَخْ) وَلَوْ عَادَتْ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ لَمْ تَسْتَحِقَّ بَقِيَّتَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ كَالنَّفَقَةِ لَا يَعُودُ وُجُوبُهَا لِبَقِيَّةِ الْيَوْمِ شَوْبَرِيٌّ لَكِنْ نَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ بَقِيَّتَهُ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَاعْتَمَدَهُ ع ش
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَاهِقًا) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ يُقَارِبْ سِنُّهُ سِنَّ الْبُلُوغِ ح ل وَعِبَارَةُ م ر التَّقْيِيدُ بِالْبُلُوغِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَالْمُمَيِّزُ الْمُمْكِنُ وَطْؤُهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ) أَيْ إنْ عَلِمَ بِهِ وَقَصَّرَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهُ فَلَوْ جُنَّ الزَّوْجُ بَعْدَ قَسْمِهِ لِبَعْضِ نِسَائِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute