للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ وَعَدَمَ النَّدَمِ فِيمَنْ ذُكِرَتْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَيْ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقُ لَهَا النِّسَاءُ» ، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْغَايَةِ بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ إلَى الطُّهْرِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فَقِيلَ: لِئَلَّا تَصِيرَ الرَّجْعَةُ لِغَرَضِ الطَّلَاقِ لَوْ طَلَّقَ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ حَتَّى قِيلَ: إنَّهُ يُنْدَبُ الْوَطْءُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَقِيلَ: عُقُوبَةٌ وَتَغْلِيظٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا، وَهِيَ لَا تَحِيضُ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقهَا بِمُضِيِّ بَعْضٍ نَحْوِ حَيْضٍ أَوْ بِآخِرِ طُهْرٍ، أَوْ طَلَّقَهَا مَعَ آخِرِهِ، أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَ آخِرِهِ، أَوْ وَطِئَهَا فِي طُهْرٍ طَلَّقَهَا فِيهِ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ أَوْ وَطِئَهَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ، أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ، أَوْ عَلَّقَ بِهِ (فَبِدْعِيٌّ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: وَجْهُ كَوْنِهِ سُنِّيًّا، وَقَوْلُهُ: لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَالشُّرُوعُ فَاعِلُهُ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ النَّدَمِ) فَالسُّنِّيُّ مَا اسْتَعْقَبَتْ فِيهِ الْمُطَلَّقَةُ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ مَعَ عَدَمِ احْتِمَالِ النَّدَمِ لَهُ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي الْوَقْتِ إلَخْ) وَاعْتِبَارُ عَدَمِ النَّدَمِ أَخَذَهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ ح ل (قَوْلُهُ: بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ) أَيْ: الْحَاصِلَةُ بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَصِيرَ الرَّجْعَةُ لِغَرَضِ الطَّلَاقِ) فِي الدَّلِيلِ حَذْفٌ أَيْ: وَقَدْ نَهَيْنَا عَنْ النِّكَاحِ لِغَرَضِ الطَّلَاقِ فِي صُورَةِ الْمُحَلِّلِ، فَالرَّجْعَةُ مِثْلُهُ فَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا حِينَئِذٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عُقُوبَةٌ) أَيْ: لِابْنِ عُمَرَ ح ل.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَهِيَ لَا تَحِيضُ) أَيْ: فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ أَيْ: مُطْلَقًا تَحِيضُ أَوْ لَا وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا أَوْ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَهِيَ تَحِيضُ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ نَحْوِ حَيْضٍ إلَخْ أَيْ: أَوْ كَانَتْ حَائِلًا أَوْ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَهِيَ تَحِيضُ لَكِنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا إلَخْ فَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَطَلَّقَهَا مَعَ آخَرَ نَحْوَ حَيْضٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِآخِرِ طُهْرٍ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: أَوْ فِي طُهْرٍ قَبْلَ آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ طَلَّقَهَا مَعَ آخِرِهِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَ آخِرِهِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ بِآخَرَ نَحْوِ حَيْضٍ ح ل، وَقَدْ اشْتَمَلَ هَذَا الْمُحْتَرَزُ عَلَى عَشْرِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: إنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا، وَهِيَ لَا تَحِيضُ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضٍ نَحْوَ حَيْضٍ إلَخْ فِيهِ ثَمَانُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا حَائِلٌ أَوْ حَامِلٌ مِنْ زِنًا، وَهِيَ تَحِيضُ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ تُضْرَبَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا إلَخْ مَعَ الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَهَا فِي طُهْرٍ إلَخْ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأْ فِي طُهْرٍ إلَخْ وَقَدْ اشْتَمَلَ هَذَا الْمُحْتَرَزُ عَلَى خَمْسِ صُوَرٍ أَشَارَ لِثِنْتَيْنِ بِقَوْلِهِ: أَوْ وَطِئَهَا فِي طُهْرٍ إلَخْ وَلِثِنْتَيْنِ بِقَوْلِهِ: أَوْ وَطِئَهَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ، وَوَاحِدَةٍ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَلَّقَ بِهِ تُضْرَبُ الْخَمْسَةُ فِي ثِنْتَيْنِ، وَهُمَا الْمُسْتَفَادَتَانِ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضٍ نَحْوَ حَيْضٍ إلَخْ وَهُمَا الْحَائِلُ وَالْحَامِلُ مِنْ زِنًا، وَهِيَ تَحِيضُ وَكُلُّهَا أَفَادَهَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الْأَخِيرِ، فَتَحَصَّلَ أَنَّ صُوَرَ الْبِدْعِيِّ عِشْرُونَ تَرْجِعُ إلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ لَا تَسْتَعْقِبُ فِيهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ، وَهُوَ عَشْرُ صُوَرٍ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: إنْ ابْتَدَأْنَهَا عَقِبَهُ، وَقِسْمٌ تَسْتَعْقِبُ فِيهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ، وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَطَأْ فِي طُهْرٍ إلَخْ

وَقَوْلُهُ: عَلَى خَمْسِ صُوَرٍ، وَقَالَ: بَعْضُهُمْ سِتَّةً بِجَعْلِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ لِلطُّهْرِ بِقِسْمَيْهِ، فَيَكُونُ فِيهِ صُورَتَانِ وَبَعْدَهُ صُورَتَانِ فَتَكُونُ الصُّوَرُ اثْنَيْ عَشَرَ بِضَرْبِ اثْنَتَيْنِ، وَهُمَا الْحَائِلُ وَالْحَامِلُ مِنْ زِنًا فِي سِتَّةٍ، وَهَذِهِ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْهَا سِتَّةٌ عَقْلِيَّةٌ لَا خَارِجِيَّةٌ أَيْ: مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ، وَهِيَ الْحَاصِلَةُ مِنْ ضَرْبِ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا فِي السِّتَّةِ الَّتِي ضُرِبَ فِيهَا الْحَائِلُ وَالْحَامِلُ مِنْ زِنًا؛ لِأَنَّ عِلَّةَ كَوْنِ الطَّلَاقِ بِدْعِيًّا أَدَاؤُهُ إلَى النَّدَمِ بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا مِنْهُ، وَالْحَامِلُ مِنْ زِنًا لَا يُمْكِنُ عُلُوقُهَا حَالَةَ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ، وَطْؤُهَا لَا يُؤَدِّي إلَى النَّدَمِ فَيَنْبَغِي قَصْرُ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الْحَائِلِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ عَلَّقَ إلَخْ أَيْ: أَوْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَلَا مِنْ شُبْهَةٍ بِأَنْ كَانَتْ حَائِلًا وَعَلَّقَ إلَخْ فَتَكُونُ الصُّوَرُ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ سِتَّةٌ مَفْهُومُ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ، وَخَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ مَفْهُومُ الْقَيْدِ الثَّانِي، وَكَوْنُ الصُّوَرِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ صُورٌ عَقْلِيَّةٌ لَا خَارِجِيَّةٌ كَمَا عَلِمْت وَالْكَلَامُ الْآتِي مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَحِيضُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَهِيَ تَحِيضُ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِأَنْ لَمْ تَبْتَدِئْهَا أَيْ: الْأَقْرَاءَ بِأَنْ كَانَتْ إلَخْ أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ زَمَنَ الْحَمْلِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا سَبَقَ حَمْلَ الزِّنَا حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ حُسِبَ قُرْءًا حَيْثُ حَاضَتْ بَعْدَهُ، فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ بِدْعِيًّا، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَحِضْ قَبْلَهُ لِأَنَّ؛ الْفَرْضَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَقْرَاءٍ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ إلَّا إذَا سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ. اهـ ح ل أَيْ: لِأَنَّهَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>