للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَلَفَا فِي الِانْقِضَاءِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَقَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ جَمْعٍ بِمَا إذَا تَرَاخَى كَلَامُهَا عَنْهُ، فَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ، وَقَدْ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْضًا هُنَا لَكِنْ اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُمَا ذَكَرَا مَا يُخَالِفُهُ فِي الْعَدَدِ فِيمَا لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، وَاخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ أَحَدِهِمَا، فَالْعَكْسُ مِمَّا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا حَلَفَ الزَّوْجُ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ، وَيُجَابُ عَنْ الشِّقِّ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ، بَلْ عُمِلَ بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَدَّقُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُهُ فِي الْآخَرِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُمَا هُنَا اتَّفَقَا عَلَى انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَثَمَّ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَقَوِيَ فِيهِ جَانِبُ الزَّوْجِ، هَذَا وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْبُلْقِينِيُّ السَّبْقَ فَقَالَ لَوْ: قَالَ الزَّوْجُ رَاجَعْتُك فِي الْعِدَّةِ، فَأَنْكَرَتْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْفَتْوَى، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ لَا يَدُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَرَاخَ كَلَامُهَا عَنْ كَلَامِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّ سَبْقَ الدَّعْوَى أَعَمُّ مِنْ سَبْقِهَا عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيِّ يُشْتَرَطُ سَبْقُهَا عِنْدَ حَاكِمٍ (فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا حَلَفَتْ) فَتُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الِانْقِضَاءَ لَا يُعْلَمُ غَالِبًا إلَّا مِنْهَا، أَمَّا إذَا نَكَحَتْ غَيْرَهُ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَا بَيِّنَةَ، فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِهَا، فَإِنْ أَقَرَّتْ غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ مِثْلٍ لِلْحَيْلُولَةِ وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَا التَّرْتِيبَ دُونَ السَّابِقِ، فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ وَوِلَايَةُ الرَّجْعَةِ

(كَمَا لَوْ طَلَّقَ) دُونَ ثَلَاثٍ (وَقَالَ: وَطِئَتْ فَلِي رَجْعَةٌ وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ، فَإِنَّهَا تَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ (وَهُوَ) بِدَعْوَاهُ وَطْأَهَا (مُقِرٌّ لَهَا بِمَهْرٍ) وَهِيَ لَا تَدَّعِي إلَّا نِصْفَهُ.

(فَإِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) بِشَيْءٍ مِنْهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَإِلَّا فَلَا تُطَالِبُهُ إلَّا بِنِصْفٍ) مِنْهُ عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا فَلَوْ أَخَذَتْ النِّصْفَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَاخْتَلَفَا فِي الِانْقِضَاءِ أَيْ: فِي وَقْتِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. (قَوْلُهُ: فِي الِانْقِضَاءِ) أَيْ: فِي زَمَنِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ) أَيْ: حَالَ الرَّجْعَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) أَيْ: قَيَّدَ قَوْلَهُ: وَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ إلَخْ قَالَ: مَحَلُّ كَوْنِهِ إذَا سَبَقَ يَحْلِفُ إذَا تَرَاخَى كَلَامُهَا عَنْهُ، وَإِلَّا بِأَنْ جَاءَتْ عَقِبَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ، وَتَكَلَّمَتْ عَقِبَهُ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ الْمُصَدَّقُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ عِنْدَ قَوْلِهِ: أَوْ ادَّعَى رَجْعَةً فِيهَا إلَخْ، وَحَاصِلُهُ تَصْدِيقُ الزَّوْجَةِ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الِانْقِضَاءِ وَالزَّوْجِ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَالسَّابِقِ مَعَ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ، وَقَوْلُهُ: لَكِنْ اُسْتُشْكِلَ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ تُنَزَّلُ الْوِلَادَةُ مَنْزِلَةَ الِانْقِضَاءِ، وَالطَّلَاقُ مَنْزِلَةَ الرَّجْعَةِ، وَقَوْلُهُ: أَنَّهُمَا إلَخْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: مَا يُخَالِفُهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَالْعَكْسُ مِمَّا مَرَّ) وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ: طَلَّقْتُك يَوْمَ السَّبْتِ فَعَلَيْك الْعِدَّةُ، وَقَالَتْ: الْخَمِيسَ فَانْقَضَتْ عِدَّتِي بِالْوِلَادَةِ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَيُصَدَّقُ فِي وَقْتِهِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَاخْتَلَفَا فِي الْوِلَادَةِ، فَتُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهَا تُصَدَّقُ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ لَا لِلْوِلَادَةِ، وَلَا لِلطَّلَاقِ بَلْ ادَّعَى تَقَدُّمَ الْوِلَادَةِ عَلَى الطَّلَاقِ، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَادَّعَتْ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوِلَادَةِ، فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا؛ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْوِلَادَةِ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ سَبَقَتْهُ بِالدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ سَلْطَنَةِ النِّكَاحِ. اهـ زي.

(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْمُدْرِكَ) أَيْ: التَّعْلِيلَ وَاحِدٌ فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِلَّا حَلَفَ أَيْ: مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى لَيْسَ فِيهِ تَمَسُّكٌ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ إلَخْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِيهِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ بِالنَّظَرِ لِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَنْ الشِّقِّ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ اتَّفَقَا إلَخْ، وَالشِّقُّ الثَّانِي قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا. (قَوْلُهُ: لَا مُخَالَفَةَ) أَيْ: مُضِرَّةٌ لِلْجَوَابِ عَنْهَا، وَإِلَّا فَأَصْلُ الْمُخَالَفَةِ مَوْجُودٌ. (قَوْلُهُ: بَلْ عَمِلَ بِالْأَصْلِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَنْتَجَهُ الْأَصْلُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَهُ فِي الْآخَرِ فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْوِلَادَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: طَلُقَتْ يَوْمَ السَّبْتِ، فَقَالَتْ: يَوْمَ الْخَمِيسِ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ إلَى مَا بَعْدَهَا أَيْ: بَعْدَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: وَضَعْتِ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَتْ: يَوْمَ السَّبْتِ حَلَفَتْ، فَتُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوِلَادَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ، فَالْأَصْلُ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. فَحَاصِلُ جَوَابِ الشَّارِحِ تَسْلِيمُ أَنَّ الْمُدْرِكَ وَاحِدٌ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ، لَكِنَّهُ مُخْتَلِفٌ بِالشَّخْصِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُ الَّذِي فِي الْآخَرِ، وَهَذَا أَنْسَبُ بِكَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ كَلَامِ زي السَّابِقِ.

(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ أَيْ: فَضَعُفَ جَانِبُ الزَّوْجِ، فَصُدِّقَ تَارَةً، وَهِيَ أُخْرَى، وَانْحِلَالُهَا بِالطَّلَاقِ السَّابِقِ عَلَى الرَّجْعَةِ وَالِانْقِضَاءِ، وَفِيهِ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ فِي عِصْمَةِ الزَّوْجِ، فَلَمْ تَنْحَلَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِانْحِلَالِهَا اخْتِلَالُهَا بِالطَّلَاقِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَثُمَّ لَمْ يَتَّفِقَا إلَخْ) أَيْ: فَكَأَنَّهَا بِيَدِ الزَّوْجِ، وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ فِرَاشِهِ فَقَوِيَ جَانِبُهُ فَصُدِّقَ مُطْلَقًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: أَفْهَمَ هَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) أَوْ إنْ تَأَخَّرَتْ بِالدَّعْوَى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ: وَمَا نَقَلَهُ أَيْ: الْبُلْقِينِيُّ فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) وَلَوْ مِنْ آحَادِ النَّاسِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا) فِيهِ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ لَا يَتَكَلَّمَانِ بِالدَّعْوَى مَعًا، وَلَا يُمَكِّنُهُمَا الْحَاكِمُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَسْمَعُ كَلَامَهُمَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا بِأَنْ قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي مَعَ قَوْلِهِ: رَاجَعْتُك. اهـ. (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ أَوْ الرَّجْعَةِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: لِلْحَيْلُولَةِ) أَيْ: بَيْنَ الْأَوَّلِ وَحَقِّهِ بِإِذْنِهَا فِي نِكَاحِ الثَّانِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ ظَاهِرًا وَلَمْ يَنْفَسِخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>