للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقْتُ ظُهْرٍ بَيْنَ) وَقْتَيْ (زَوَالٍ وَ) زِيَادَةِ (مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ غَيْرَ ظِلِّ اسْتِوَاءٍ) أَيْ: غَيْرَ ظِلِّ الشَّيْءِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ. وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ قَوْله تَعَالَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩] {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} [ق: ٤٠] ، أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الصُّبْحَ وَبِالثَّانِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَبِالثَّالِثِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَخَبَرُهُ

: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

لِآدَمَ صُبْحٌ وَالْعِشَاءُ لِيُونُسَ ... وَظُهْرٌ لِدَاوُدَ وَعَصْرٌ لِنَجْلِهِ

وَمَغْرِبُ يَعْقُوبَ كَذَا شَرْحُ مُسْنَدٍ ... لِعَبْدٍ كَرِيمٍ فَاشْكُرَنَّ لِفَضْلِهِ

(قَوْلُهُ وَقْتَ ظُهْرٍ بَيْنَ زَوَالٍ إلَخْ) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا حَتَّى يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ أَيَّامُ الدَّجَّالِ، وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ فَلَا يُقَالُ إنَّ الشَّيْخَ سَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْأَوْقَاتِ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ كَذَا أَجَابَ بِهِ الطَّنْدَتَائِيُّ اهـ بِخَطِّ الشَّيْخِ خِضْرٍ. وَقَوْلُهُ بَيْنَ زَوَالٍ يُفْهِمُ أَنَّ الزَّوَالَ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعِرَاقِيِّ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ضَعِيفٌ بَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّوَالَ وَالْمَصِيرَ وَقْتَانِ قَدَّرَ لَفْظَ وَقْتَيْ وَلَمَّا كَانَ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَ الْمَصِيرِ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ قَدَّرَ زِيَادَةً. (قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلُهُ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ عَنْ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ إلَّا بِهَا عَوَّلَ عَلَيْهَا الْإِمَامُ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَدْخُلُ بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلِهِ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا ح ل، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهُوَ أَيْ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلُهُ سِوَى مَا مَرَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ فَلَا يُشْتَرَطُ حُدُوثُ زِيَادَةٍ فَاصِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ غَيْرُ ظِلِّ اسْتِوَاءٍ إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِوَاءَ لَهُ ظِلٌّ أَوَّلَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ غَيْرُ ظِلِّ الشَّيْءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ وَذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ ح ل. قَوْلُهُ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [ق: ٣٩] أَيْ صَلِّ وَعَبَّرَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ ع ش وَفِيهِ أَنَّ التَّسْبِيحَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا حَتَّى يُسْتَعْمَلَ فِي الْكُلِّ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِي التَّسْبِيحِ الصَّلَاةَ وَعَلَيْهِ فَلَا تَجُوزُ وَاسْتَدَلَّ بِهَا دُونَ قَوْلِهِ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: ١٧] الْآيَةَ. وَإِنْ كَانَ فِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْأَمْرَ بِالتَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُجْمَلَةً وَالدَّلِيلُ الْمُجْمَلُ فِيهِ مَا فِيهِ احْتَاجَ إلَى الثَّانِي فَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ وَخَبَرُ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ» إلَخْ شَوْبَرِيٌّ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْآيَةُ مُجْمَلَةً لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الْمَوَاقِيتِ تَفْصِيلًا وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الصَّلَوَاتِ إجْمَالًا.

(قَوْلُهُ أَمَّنِي جِبْرِيلُ) أَيْ جَعَلَنِي إمَامًا فَتَكُونُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ بِمَعْنَى مَعَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ صَارَ لِي إمَامًا فَتَكُونُ الْبَاءُ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ ع ش وَعِبَارَتُهُ أَمَّنِي جِبْرِيلُ أَيْ صَلَّى بِي إمَامًا وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَصَلَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ مِنْهُ لِغَرَضِ التَّعْلِيمِ، لَا يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْتَدِيَ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعَلِّمَهُ الْكَيْفِيَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِهِ إمَامًا وَيُعَلِّمَهُ جِبْرِيلُ مَعَ كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: إمَامَةُ جِبْرِيلَ أَظْهَرُ فِي التَّعْلِيمِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ جِبْرِيلُ وَعَلَّمَهُ بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا لَا يُقَالُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الْعِلْمُ بِكَيْفِيَّتِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ وَظُهُورِ كَيْفِيَّتِهَا لِلنَّاسِ وَأَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ عَلَّمَهُ مَا فِيهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَأَمَّ بِهِ لِيُعَلِّمَهُ كَيْفِيَّةَ الْفِعْلِ الَّذِي عَلِمَ وُجُوبَهُ اهـ. لَا يُقَالُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ تَحَقُّقُ الذُّكُورَةِ إذَا كَانَ الْمُقْتَدِي بِهِ ذَكَرًا وَالْمَلَائِكَةُ لَا تُوصَفُ بِذُكُورَةٍ وَلَا بِأُنُوثَةٍ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّرْطُ انْتِفَاءُ الْأُنُوثَةِ لَا تَحَقُّقُ الذُّكُورَةِ، فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَيْنَا الْخُنْثَى إذَا كَانَ إمَامًا لِلذَّكَرِ فَإِنَّ الشُّرُوطَ وَهُوَ انْتِفَاءُ الْأُنُوثَةِ مَوْجُودٌ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ قُلْت: الشَّرْطُ انْتِفَاءُ الْأُنُوثَةِ يَقِينًا وَالْأُنُوثَةُ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْخُنْثَى، (قَوْلُهُ عِنْدَ الْبَيْتِ) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ بِالْمِعْجَنَةِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَقْبِلِي الْكَعْبَةَ وَيُخَالِفُهُ مَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِرَأْيِهِ؛ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ: هَلْ يَتْبَعُهُ الْكُفَّارُ أَوْ لَا؟» لِأَنَّهُ كَانَ قِبْلَتَهُمْ.

لَا يُقَالُ: إنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مُسْتَقْبِلِينَ لِلشَّامِ أَيْ فَلَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ يَجْعَلُ الْبَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِرْمَاوِيٌّ. وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى مَعَ جِبْرِيلَ حَرِّرْ. رُوِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>