للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَقَذْفِ ذِمِّيَّةٍ وَأَمَةٍ وَصَغِيرَةٍ تُوطَأُ وَلَا يُسْتَوْفَى هَذَا التَّعْزِيرُ إلَّا بِطَلَبِ الْمَقْذُوفَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً اُعْتُبِرَ طَلَبُهَا بَعْدَ كَمَالِهَا، وَتَعْزِيرُ التَّأْدِيبِ فِي الطِّفْلَةِ الْمَذْكُورَةِ يَسْتَوْفِيهِ الْقَاضِي مَنْعًا لِلْقَاذِفِ مِمَّا مَرَّ وَفِي غَيْرِهَا لَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِ الْغَيْرِ. وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ لِكَذِبٍ.

(فَلَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (أَوْ عَفَتْ عَنْ الْعُقُوبَةِ أَوْ لَمْ تَطْلُبْ) أَيْ الْعُقُوبَةَ (أَوْ جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ وَلَا وَلَدَ) فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (فَلَا لِعَانَ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْعُقُوبَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَسُقُوطِهَا فِي الْبَقِيَّةِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ فَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ كَمَا عُرِفَ وَتَعْبِيرِي هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْعُقُوبَةِ الشَّامِلَةِ لِلتَّعْزِيرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ.

(وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ انْفِسَاخٌ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَالرَّضَاعِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفُرْقَةٍ (وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ) وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» (وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ نَفَاهُ) بِلِعَانِهِ حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» (وَسُقُوطُ عُقُوبَةٍ) مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ (عَنْهُ لَهَا وَلِلزَّانِي) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (إنْ سَمَّاهُ فِيهِ) أَيْ فِي لِعَانِهِ لِلْآيَاتِ السَّابِقَةِ فِي الْأُولَى وَقِيَاسًا عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَ) سُقُوطُ (حَصَانَتِهَا فِي حَقِّهِ) ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ (إنْ لَمْ تُلَاعِنْ) فَإِنْ لَاعَنَتْ لَمْ تَسْقُطْ حَصَانَتُهَا فِي حَقِّهِ إنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَا لَا إنْ قَذَفَهَا بِهِ أَوْ أَطْلَقَ وَخَرَجَ بِقَوْلِي فِي حَقِّهِ حَصَانَتُهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَا تَسْقُطُ وَقَوْلِي وَحَصَانَتُهَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ أَيْضًا (وُجُوبُ عُقُوبَةِ زِنَاهَا) عَلَيْهَا وَلَوْ ذِمِّيَّةً لِمَا مَرَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: ٨] (وَلَهَا لِعَانٌ لِدَفْعِهَا) أَيْ الْعُقُوبَةِ الثَّابِتَةِ بِلِعَانِهِ فَإِنْ أَثْبَتَهَا بِبَيِّنَةٍ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُلَاعِنَ لِدَفْعِهَا؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَلَا تُقَاوِمُ الْبَيِّنَةَ.

(وَإِنَّمَا يَنْفِي بِهِ) أَيْ بِلِعَانِهِ وَلَدًا (مُمْكِنًا) كَوْنُهُ (مِنْهُ وَلَوْ مَيِّتًا) ؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ لَا يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بَلْ يُقَالُ هَذَا الْمَيِّتُ وَلَدُ فُلَانٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ (كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَقَلَّ (مِنْ الْعَقْدِ) لِانْتِفَاءِ زَمَنِ الْوَطْءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

هُنَا لِكَذِبٍ ظَاهِرٍ وَفِيمَا قَبْلَهُ لِكَذِبٍ مَعْلُومٍ. (قَوْلُهُ: كَقَذْفِ ذِمِّيَّةٍ) أَيْ: زَوْجَةٍ لَهُ لِأَنَّ كُلًّا غَيْرُ مُحْصَنٍ، وَقَذْفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ الْوَاجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ ح ل. (قَوْلُهُ هَذَا التَّعْزِيرُ) أَيْ: تَعْزِيرُ التَّكْذِيبِ. (قَوْلُهُ: يَسْتَوْفِيهِ الْقَاضِي) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ لَمْ يَطْلُبْ سم ع ش عَلَى م ر وَلَا طَلَبَ لَهَا إذَا بَلَغَتْ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ: مِنْ الْإِيذَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ لِكَذِبٍ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تُوهِمُ أَنَّهُ يُلَاعِنُ لِدَفْعِ تَعْزِيرِ التَّأْدِيبِ إذَا كَانَ لِصِدْقٍ ع ش وَأَيْضًا لَمْ يُقَيَّدْ الْكَذِبُ بِالْمَعْلُومِ فَيَشْمَلُ الْكَذِبَ الظَّاهِرَ.

. (قَوْلُهُ: فَلَوْ ثَبَتَ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَلِدَفْعِهَا بِمَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ زِنَاهَا وَلَمْ تَعْفُ وَطَلَبَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَطْلُبْ) بِأَنْ سَكَتَتْ وَقَوْله وَلَا وَلَدَ أَيْ: وَلَا حَمْلَ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَا لِعَانَ) أَيْ: مَا دَامَ السُّكُوتُ أَوْ الْجُنُونُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ) اُنْظُرْ لَوْ طَلَبَتْهَا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ م ر أَنَّهُ يُلَاعِنُ. (قَوْلُهُ ثَمَّ وَلَدٌ) أَوْ حَمْلٌ.

(قَوْلُهُ وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ) شُرُوعٌ فِي ثَمَرَةِ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ انْفِسَاخٌ) وَإِنْ لَمْ تُلَاعِنْ هِيَ ح ل فَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي " الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ " الْمُفَاعَلَةُ فِيهِ لَيْسَتْ عَلَى بَابهَا (قَوْلُهُ: كَالرَّضَاعِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يَنْشَأُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ فَسْخٍ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفُرْقَةٍ) أَيْ: لِأَنَّ الْفُرْقَةَ تَصْدُقُ بِفُرْقَةِ الطَّلَاقِ فَيُوهِمُ أَنَّ مَا هُنَا مِنْهَا فَتُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِهَذَا الْإِيهَامِ مَعَ كَوْنِهَا تَحْرُمُ أَبَدًا (قَوْلُهُ: وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ) فَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا وَلَوْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً ح ل، وَلَا يَحِلُّ أَيْضًا النَّظَرُ إلَيْهَا قَالَ سم حَتَّى فِي لِعَانِ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ حَيْثُ جَازَ لِعَانُهُمَا بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ قَالَ ع ش عَلَى م ر يَنْبَغِي جَوَازُ النَّظَرِ لِلْمُلَاعَنَةِ إذَا مَلَكَهَا كَالْمَحْرَمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) وَبِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ يَعُودُ الْحَدُّ عَلَيْهِ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهَا ح ل وَيَدُلُّ لِهَذَا ذِكْرُ الْغَايَةِ عَقِبَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْبَقِيَّةِ غَيْرُ بَاقٍ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَلَا يُفِيدُهَا إكْذَابُهُ عَوْدَ النِّكَاحِ وَلَا رَفْعَ تَأَبُّدِ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهُمَا حَقٌّ لَهُ وَقَدْ بَطَلَا بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ الْحَدِّ وَلُحُوقِ النَّسَبِ فَإِنَّهُمَا يَعُودَانِ لِأَنَّهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا يَجْتَمِعَانِ) أَيْ: لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ اهـ م ر وَز ي. (قَوْلُهُ: وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ) وَلَا يَنْفَعُ فِيهِ رَدُّ الْقَائِفِ وَحُكْمُهُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى اللِّعَانِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَدٍّ) أَيْ: إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً أَوْ تَعْزِيرٍ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ. (قَوْلُهُ: لِلْآيَاتِ السَّابِقَةِ) وَجْهُ دَلَالَتِهَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا أَنَّهَا مَسُوقَةٌ لِمَا يُسْقِطُ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِهِ {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] كَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى فِي الْمَعْنَى ع ن فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِلَّا الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا رَاجِعٌ لِلْجُمَلِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْجَلْدِ، وَعَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، وَالْفِسْقِ فَإِذَا تَابَ سَقَطَ عَنْهُ الْجَلْدُ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالْعَفْوِ عَنْ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ: وَسُقُوطُ حَصَانَتِهَا) فَإِنْ قَذَفَهَا عُزِّرَ فَقَطْ س ل.

(قَوْله وَيَتَعَلَّقُ) أَتَى بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى عُقُوبَةِ ح ل أَيْ فِي قَوْلِهِ وَسُقُوطُ عُقُوبَةٍ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَجْرُورٌ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ اللِّعَانَ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا لِعَانٌ لِدَفْعِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ لَهَا تَرْكَهُ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَاذِبًا وَفِي قَوَاعِدِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبُهُ عَلَيْهَا لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهَا ح ل.

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَيِّتًا) وَفَائِدَتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>