(فَإِنْ نَكَحَتْ) قَبْلَ زَوَالِهَا (أَوْ ارْتَابَتْ بَعْدَ نِكَاحِ) الْآخَرِ (لَمْ يَبْطُلْ) أَيْ النِّكَاحُ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا (إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ إمْكَانِ عُلُوقٍ) بَعْدَ عَقْدِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ عَقْدِهِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الثَّانِي تَأَخَّرَ فَهُوَ أَقْوَى؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ قَدْ صَحَّ ظَاهِرًا فَلَوْ أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَبَطَلَ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِ مَا صَحَّ بِالِاحْتِمَالِ وَكَالثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ لَحِقَ بِالْوَاطِئِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
(وَلَوْ فَارَقَهَا) فِرَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ) فَأَقَلَّ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَلَمْ تَنْكِحْ آخَرَ أَوْ نَكَحَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يَبْلُغُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَهُوَ أَكْثَرُ مُدَّتِهِ كَمَا اُسْتُقْرِئَ وَاعْتِبَارِي لِلْمُدَّةِ فِي هَذِهِ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ لَا مِنْ الْفِرَاقِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ حَيْثُ قَالَا: فِيمَا أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلٌ وَالْقَوِيمُ مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ التَّمِيمِيُّ مُعْتَرِضًا عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَمُرَادُهُمَا بِأَنَّهُ قَوِيمٌ أَنَّهُ أَوْضَحُ مِمَّا قَالُوهُ وَإِلَّا فَمَا قَالُوهُ صَحِيحٌ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِالْأَرْبَعِ فِيهَا الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ الَّتِي هِيَ مُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَرْبَعُ بِدُونِ زَمَنِ الْوَضْعِ فَلَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا يُورَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى نَظِيرِهَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ.
(فَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (عِدَّتِهَا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ هُنَا سَبَبًا ظَاهِرًا فَكَانَ قَوِيًّا فِي اقْتِضَاءِ الْفَسَادِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ لَيْسَ فِيهَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَحَتْ قَبْلَ زَوَالِهَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ ارْتَابَتْ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ بِالِاحْتِمَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِبْطَالٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَالثَّانِي) أَيْ النِّكَاحِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: لَحِقَ بِالْوَاطِئِ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِانْقِطَاعِ إلَخْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ م ر فَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ: الْأَوَّلِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ م ر فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فَارَقَهَا) مِثْلُ الْمُفَارَقَةِ الْمَوْتُ وَقَوْلُهُ: مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ أَخَذَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ سَابِقًا فَحُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَنْكِحْ أَوْ نَكَحَتْ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ الْآتِي فَإِنْ نَكَحَتْ مُقَابِلٌ لِهَذَا الْمُقَدَّرِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي) أَيْ: قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا. (قَوْلُهُ: لَحِقَهُ) وَبِأَنَّ وُجُوبَ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَمْلَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَحِقَهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلٌ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدُوا الْأَرْبَعَ سِنِينَ بِكَوْنِهَا دُونَ لَحْظَةٍ فَلَمَّا حَسَبُوا الْأَرْبَعَةَ مِنْ الْفِرَاقِ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَيِّدُوا وَيَقُولُوا أَرْبَعُ سِنِينَ مِنْ الْفِرَاقِ إلَّا لَحْظَةً وَهِيَ لَحْظَةُ الْوَطْءِ فَتَكْمُلُ بِهَا الْأَرْبَعُ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْقَوِيمُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ الْفِرَاقِ لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ أَيْ: بِلَحْظَةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الْعُلُوقُ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِلَحْظَةِ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُمْ حَصَرُوا أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ فَقَطْ بِدُونِ لَحْظَةِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ أَقَلِّ الْحَمْلِ فَإِنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِيهِ هَذِهِ اللَّحْظَةَ. (قَوْلُهُ: الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ إلَخْ) أَيْ: لِأَرْبَعٍ كَامِلَةٍ مَعَ هَذَا الزَّمَنِ فَيَكُونُ زَائِدًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْأَرْبَعِ الْمَجْرُورَةِ بِالْبَاءِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَرْبَعُ إلَخْ) أَيْ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُرَادٌ لَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: أَرْبَعَ سِنِينَ إلَّا لَحْظَةً وَهَذِهِ اللَّحْظَةُ هِيَ لَحْظَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ الْفِرَاقِ فَسَاوَتْ عِبَارَتُهُمْ عِبَارَةَ الْمَتْنِ، فَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ زِيَادَةُ لَحْظَةٍ عَلَى الْأَرْبَعَةِ النَّاقِصَةِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ هِيَ الْمُكَمِّلَةُ لِلْأَرْبَعَةِ لَا زَائِدَةٌ عَلَيْهَا فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ بَلْ إنَّمَا لَزِمَ كَوْنُهُ أَرْبَعَةً وَهُوَ الْمُرَادُ.
(قَوْلُهُ: بِدُونِ زَمَنِ الْوَضْعِ) أَيْ: وَدُونَ زَمَنِ الْوَطْءِ لِأَنَّ زَمَنَ الْوَطْءِ مُعْتَبَرٌ مِنْ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْفِرَاقِ فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ الْفِرَاقِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا زَمَنَ الْوَطْءِ فَتَكُونُ الْأَرْبَعَةُ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ عَلَى كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ مِنْهَا دُونَ زَمَنِ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدَهَا ح ل فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يُبَدَّلَ الْوَضْعُ بِالْوَطْءِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: بِدُونِ زَمَنِ الْوَضْعِ وَأَمَّا زَمَنُ الْوَطْءِ فَمُعْتَبَرٌ مِنْ الْمُدَّةِ اهـ قَالَ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَرْبَعَ مَتَى حُسِبَ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَضْعِ أَوْ لَحْظَةُ الْوَطْءِ كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا دُونَهَا وَمَتَى زَادَ عَلَيْهَا كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا فَوْقَهَا وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ عَلَى النِّسَاءِ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ انْقِطَاعُهُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ لِلْأَنْسَابِ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِالْإِمْكَانِ. (قَوْلُهُ: فِي الْوَصِيَّةِ) كَأَنْ أَوْصَى لِحَمْلِ هِنْدٍ وَانْفَصَلَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا فَإِنْ حَسَبْنَا الْأَرْبَعَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ أَرْبَعَةً كَوَامِلَ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا مِنْ تَمَامِ صِيغَةِ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ فَالصِّيغَةُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْفِرَاقِ وَقَوْلُهُ: وَالطَّلَاقِ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الطَّلَاقِ كَانَتْ أَرْبَعَةً كَوَامِلَ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ كَانَتْ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute