للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْأَيَّامِ (بِلَيَالِيِهَا) قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا وَسَوَاءٌ الصَّغِيرَةُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ وَغَيْرُهُمَا، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ الْحَائِلَاتِ وَأُلْحِقَ بِهِنَّ الْحَامِلَاتُ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ مَا أَمْكَنَ وَيُكْمَلُ الْمُنْكَسِرُ بِالْعَدَدِ كَنَظَائِرِهِ (وَلِغَيْرِهَا) وَلَوْ مُبَعَّضَةً (كَذَلِكَ) أَيْ حَائِلٌ أَوْ حَامِلٌ مِمَّنْ ذَكَرَ (نِصْفُهَا) وَهُوَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَيَأْتِي فِي الِانْكِسَارِ مَا مَرَّ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ وَبِغَيْرِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ.

(وَلِحَامِلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (وَلَوْ مَجْبُوبًا) بَقِيَ أُنْثَيَاهُ (أَوْ مَسْلُولًا) بَقِيَ ذَكَرُهُ (وَضْعُهُ) أَيْ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَفَارَقَ الْمَجْبُوبُ وَالْمَسْلُولُ الْمَمْسُوحَ بِأَنَّ الْمَجْبُوبَ بَقِيَ فِيهِ أَوْعِيَةُ الْمَنِيِّ وَقَدْ يَصِلُ إلَى الْفَرْجِ بِغَيْرِ إيلَاجٍ وَالْمَسْلُولُ بَقِيَ ذَكَرُهُ وَقَدْ يُبَالِغُ فِي الْإِيلَاجِ فَيَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ.

(وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) مُعَيَّنَةً عِنْدَهُ أَوْ مُبْهَمَةً (وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانٍ) لِلْمُعَيَّنَةِ (أَوْ تَعْيِينٍ) لِلْمُبْهَمَةِ وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ.

تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا إرْثَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا أَيْضًا وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مُعَاشَرَتِهَا وَلَا مِنْ وَطْئِهَا حَالَ حَيَاتِهِ كَمَا مَرَّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَيَّامِ) فَسَّرَ الْعَشَرَةَ فِي الْمَتْنِ بِالْأَيَّامِ وَفِي الْآيَةِ بِاللَّيَالِيِ جَرْيًا عَلَى الْأَفْصَحِ عِنْدَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ وَهُوَ أَنَّهُ يُؤْتَى فِي الْعَدَدِ بِالتَّاءِ إذَا كَانَ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا وَيُجَرَّدُ مِنْهَا إذَا كَانَ مُؤَنَّثًا كَمَا إذَا كَانَ الْمَعْدُودُ مَذْكُورًا فَانْدَفَعَ تَوَقُّفُ ح ل. قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} [البقرة: ٢٣٤] أَيْ: وَزَوْجَاتُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ يَتَرَبَّصْنَ فَإِنَّ التَّرَبُّصَ لِلزَّوْجَاتِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ يُقَالُ تُوُفِّيَ فُلَانٌ وَتَوَفَّى إذَا مَاتَ فَمَنْ قَالَ تُوُفِّيَ مَعْنَاهُ قُبِضَ وَأُخِذَ، وَمَنْ قَالَ تَوَفَّى مَعْنَاهُ تَوَفَّى أَجَلَهُ أَيْ: اسْتَوْفَى عُمْرَهُ وَاسْتَكْمَلَهُ وَعَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَتَوَفَّوْنَ بِفَتْحِ الْيَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَشْرَ لَيَالٍ) وَفَسَّرَ الْعَشْرَ بِذَلِكَ لِتَأْنِيثِهَا وَلِأَنَّهَا غُرَرُ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَيَّامِهَا إلَى دَفْعِ إيهَامِ إخْرَاجِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ الْمُدَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ مِمَّنْ ذَكَرَ) أَيْ: مِنْ زَوْجَةِ الصَّبِيِّ وَالْمَسْمُوحِ ع ش فَمِنْ بَيَانِيَّةٌ لَا لِلتَّعَدِّيَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ مِمَّنْ ذَكَرَ أَيْ: مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ فَتَكُونُ مِنْ لِلتَّعَدِّيَةِ عَلَى هَذَا اهـ.

(قَوْلُهُ: بِالْأَهِلَّةِ) مَا لَمْ يَمُتْ أَثْنَاءَ شَهْرٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَحِينَئِذٍ ثَلَاثَةٌ بِالْأَهِلَّةِ، وَتُكْمِلُ مِنْ الرَّابِعِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ جَهِلَتْ الْأَهِلَّةَ حَسِبَتْهَا كَامِلَةً شَرْحُ م ر وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ مِنْهُ عَشْرَةٌ فَقَطْ فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَهِلَّةٍ بَعْدَهَا وَلَوْ نَوَاقِصَ ع ش. (قَوْلُهُ: نِصْفُهَا) وَهُوَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ وَرُدَّ بِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ اهـ حَجّ وَصَوَّرَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ فَقَالَ لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ فَوَطِئَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ وَاسْتَمَرَّ ظَنُّهُ إلَى مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْأَحْرَارِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا إذْ الظَّنُّ كَمَا نَقَلَهَا مِنْ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا فِي الْمَوْتِ وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ عِنْدَهُ اهـ م ر فِي شَرْحِهِ.

. (قَوْلُهُ: أَوْ مَسْلُولًا) أَيْ: خُصْيَتَاهُ وَقَوْلُهُمْ الْخُصْيَةُ الْيُمْنَى لِلْمَاءِ وَالْيُسْرَى لِلشَّعْرِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ وُجِدَ مَنْ لَهُ الْيُسْرَى فَقَطْ وَلَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ وَشَعْرٌ كَثِيرٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِلْآيَةِ) فَإِنْ قُلْت لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ الْحَائِلَاتِ. قُلْت يُمْكِنُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى تَوْجِيهٍ آخَرَ لِلْآيَةِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْآيَةَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ لَا الْمُطْلَقِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَوْصُولَ فِي مِثْلِ هَذَا لَا عُمُومَ لَهُ ع ش وَالْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُضَافَ الْمُقَدَّرَ فِي الْآيَةِ وَهُوَ زَوْجَاتٌ لَا عُمُومَ لَهُ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَصِل) أَيْ: مَعَ عِلْمِهِ بِنُزُولِ الْمَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُبَالِغُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا يَتَأَتَّى فِي الْمَسْمُوحِ بِالْمُسَاحَقَةِ إذْ الذَّكَرُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ طَرِيقُهُ كَالثُّقْبَةِ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.

. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهُمَا أَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا أَوْ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فَالْحَاصِلُ سِتَّةٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ أَوْ إحْدَاهُمَا بِالْأَقْرَاءِ، وَالْأُخْرَى بِالْأَشْهُرِ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ يَطَأَ وَاحِدَةً أَوْ يَطَأَهُمَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِيَةٌ تُضَمُّ لِلْأُولَى، وَاسْتَثْنَى مِنْهَا صُورَتَيْنِ بِقَوْلِهِ لَا فِي بَائِنٍ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لَا فِي بَائِنٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدُ فَتَعْتَدُّ مَنْ وُطِئَتْ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا مَعَ قَوْلِهِ وَهُمَا ذَوَاتَا أَشْهُرٍ مُطْلَقًا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَوَاتُ أَقْرَاءٍ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ ذَوَاتَا أَقْرَاءٍ فِي رَجْعِيٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>