للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا صَارَتْ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ بِنْتَ أُخْتِهِ، أَوْ أُخْتَهُ، أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ وَمِنْ زَوْجَتِهِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ، أَوْ أُخْتُهُ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى (وَلَهَا) أَيْ: لِلصَّغِيرَةِ عَلَيْهِ (نِصْفُ مَهْرِهَا) الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ قَبْلَ الْوَطْءِ، (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَأْذَنْ) فِي إرْضَاعِهَا (نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ) وَإِنْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ كُلَّ الْبُضْعِ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ) مُسْتَيْقِظَةٍ (سَاكِتَةٍ فَلَا غُرْمَ) لَهَا؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِسَبَبِهَا، وَذَلِكَ يُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا لَهُ عَلَى مَنْ ارْتَضَعَتْ هِيَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَضَعْ شَيْئًا، وَتَغْرَمُ لَهُ الْمُرْتَضِعَةُ مَهْرَ مِثْلٍ لِزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى أَوْ نِصْفَهُ وَقَوْلِي أَوْ سَاكِتَةٍ مِنْ زِيَادَتِي، وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الرَّضَاعِ كَالْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَهُوَ فِي التَّحْرِيمِ. (أَوْ) أَرْضَعَتْهَا (أُمٌّ كَبِيرَةٌ تَحْتَهُ) أَيْضًا (انْفَسَخَتَا) أَيْ: نِكَاحُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، (وَلَهُ نِكَاحُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا. (أَوْ) أَرْضَعَتْهَا (بِنْتُهَا) أَيْ: الْكَبِيرَةُ (حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ (وَالصَّغِيرَةُ رَبِيبَتَهُ) فَتَحْرُمُ أَبَدًا إنْ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ (وَالْغُرْمُ) لِلصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (مَا مَرَّ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

غَيْرِهِ فَتَكُونُ رَبِيبَةً، وَلَا تَحْرُمُ إلَّا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَوْطُوءَتَهُ.

ا. هـ وَفِي قَوْلِهِ، وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ، وَإِنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ، وَكَوْنُ الصَّغِيرَةِ رَبِيبَتَهُ لَا يَمْنَعُ فَسْخَ النِّكَاحِ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَبَنِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الصَّغِيرَةِ يَنْفَسِخُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ الْكَبِيرَةَ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُمِّ نَعَمْ وَطْءُ الْكَبِيرَةِ قَيْدٌ لِتَحْرِيمِ بِنْتِهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي مَثَّلَ لَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ، أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ الْأَمَةِ فَيَقُولُ، وَزَوْجَةً أُخْرَى، وَأَمَتَهُ الْمَوْطُوءَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا صَارَتْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ فَالْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ: لِصَيْرُورَتِهَا إلَخْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ. (قَوْلُهُ: بِنْتَ أُخْتِهِ) أَيْ: فِي الْأُولَى، وَقَوْلُهُ، أَوْ أُخْتَهُ أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ أَيْ: فِي الرَّابِعَةِ، وَالْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ كَوْنِ الزَّوْجَةِ تُرْضِعُ بِلَبَنِهِ أَنْ تَكُونَ مَوْطُوءَتَهُ، وَلَوْ بِالْإِمْكَانِ ح ل. (قَوْلُهُ:، وَمِنْ زَوْجَتِهِ الْأُخْرَى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ) أَيْ: لَا بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ: إنْ كَانَ حُرًّا، وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الزَّوْجِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ لِتَعَيُّنِهَا عِنْدَ خَوْفِ تَلَفِ الصَّغِيرَةِ ز ي، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا يَشْمَلُ زَوْجَتَهُ الْكَبِيرَةَ فَيَلْزَمُهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِ الصَّغِيرَةِ، وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُهَا لِلزَّوْجِ أَيْضًا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ بُضْعَهَا عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ الْمَوْطُوءَةُ هِيَ الْمُفْسِدَةُ لِنِكَاحِهَا بِإِرْضَاعِهَا الصَّغِيرَةَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا؛ لِئَلَّا يَخْلُوَ نِكَاحُهَا مَعَ الْوَطْءِ عَنْ مَهْرٍ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ أَيْ: فِي غَيْرِ الْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى أَمَتِهِ شَيْءٌ. ا. هـ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْذَنْ) فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ ع ش (قَوْلُهُ: بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى فَلَا يَرِدُ أَنَّ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ قَدْ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْمُسَمَّى، وَيُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ إذَا رَجَعُوا بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْفِرَاقِ غَرِمُوا كُلَّ الْمَهْرِ بِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ بِزَعْمِهِمْ، وَقَدْ أَحَالُوا بَيْنَ الزَّوْجِ، وَالْبُضْعِ فَكَانَ عَلَيْهِمْ قِيمَةٌ كَالْغَاصِبِ، وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَمُوجِبٌ لِلْفُرْقَةِ، وَلَا بُدَّ، وَهِيَ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا تُوجِبُ إلَّا النِّصْفَ كَالطَّلَاقِ. ح ل وز ي وسم

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَضَعَتْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَأَرْضَعَتْهَا إلَخْ. (تَنْبِيهٌ) .

الْعِبْرَةُ فِي الْغُرْمِ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ فَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فِي غَيْرِ الْخَامِسَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا، أَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَاتُ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرَةِ إذَا حَصَلَتْ الْحُرْمَةُ بِمَجْمُوعِهِنَّ. ا. هـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ:، وَتَغْرَمُ لَهُ الْمُرْتَضِعَةُ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، أَوْ نِصْفَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيه) أَيْ: لَا يُنَافِي عَدَمَ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى مَنْ ارْتَضَعَتْ هِيَ مِنْهَا. ا. هـ (قَوْلُهُ: فِي التَّحْرِيمِ) أَيْ: لَا الْغُرْمِ، وَإِنَّمَا عَدَّ سُكُوتَ الْمُحْرِمِ عَلَى الْحَلْقِ كَفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ يَلْزَمُهُ دَفْعُ مُتْلَفَاتِهَا، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا ز ي وس ل (قَوْلُهُ:، أَوْ أُمٌّ كَبِيرَةٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ فِي قَوْلِهِ فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ تَحْرُمُ إلَخْ بِأَنْ كَانَ تَحْتَهُ زَوْجَةٌ صَغِيرَةٌ، وَكَبِيرَةٌ، وَلَهَا أُمٌّ فَأَرْضَعَتْ الصَّغِيرَةَ. (قَوْلُهُ: أُمُّ زَوْجَتِهِ) أَيْ: بِوَاسِطَةٍ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ بِنْتِهَا ع ش (قَوْلُهُ: صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ) أَيْ: بِوَاسِطَةٍ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ بِنْتِهَا. (قَوْلُهُ:، وَالْغُرْمُ) أَيْ: قَبْلَ الدُّخُولِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا إنْ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ، وَقَوْلُهُ لِلصَّغِيرَةِ اللَّامُ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ هُوَ الزَّوْجُ، وَلِلتَّعْلِيلِ إنْ كَانَ فَاعِلُهُ الْمُرْضِعَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِيُنَاسِبَ تَفْرِيعَهُ بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ، وَلَهُ فَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْمَعْنَيَيْنِ ثُمَّ كَوْنُهُ يَغْرَمُ لِلْكَبِيرَةِ، وَتَغْرَمُ الْمُرْضِعَةُ لَهُ مِنْ أَجْلِهَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فَكَيْفَ يُفَرَّعُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ مَا مَرَّ؟ إذْ الَّذِي مَرَّ إنَّمَا هُوَ غُرْمُهُ لِلصَّغِيرَةِ، وَالْغُرْمُ لِأَجْلِهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ مِثْلَهَا فِي الْحُكْمِ جَمَعَهَا مَعَهَا، وَقَوْلُهُ: لَا إنْ وَطِئَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ وُجُوبُ الْمَهْرِ بِكَمَالِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>