للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِالتَّمْكِينِ) لَا بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ، وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِلصَّغِيرَةِ لِتَعَذُّرِ الْوَطْءِ لِمَعْنًى فِيهَا كَالنَّاشِزَةِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ إذْ الْمَانِعُ مِنْ جِهَتِهِ (وَالْعِبْرَةُ فِي) تَمْكِينِ (مَجْنُونَةٍ، وَمُعْصِرٍ بِتَمْكِينٍ وَلِيِّهِمَا) لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ نَعَمْ لَوْ سَلَّمْت الْمُعْصِرُ نَفْسَهَا فَتَسَمَّلَهَا الزَّوْجُ وَنَقَلَهَا إلَى مَسْكَنِهِ وَجَبَتْ الْمُؤَنُ وَيَكْفِي فِي التَّمْكِينِ أَنْ تَقُولَ الْمُكَلَّفَةُ، أَوْ السَّكْرَى، أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهِمَا مَتَى دَفَعْت الْمَهْرَ مُكِّنْت.

(وَحَلَفَ الزَّوْجُ) عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي التَّمْكِينِ (عَلَى عَدَمِهِ) فَيُصَدَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالتَّحْلِيفُ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ عَرَضَتْ عَلَيْهِ) بِأَنْ عَرَضَتْ الْمُكَلَّفَةُ، أَوْ السَّكْرَى نَفْسَهَا عَلَيْهِ كَأَنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ أَنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي إلَيْك، أَوْ عَرَضَ الْمَجْنُونَةَ، أَوْ الْمُعْصِرَ وَلِيُّهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْبَعْثِ إلَيْهِ (وَجَبَتْ) مُؤَنُهَا (مِنْ) حِينِ (بُلُوغِ الْخَبَرِ) لَهُ.

(فَإِنْ غَابَ) الزَّوْجُ عَنْ بَلَدِهَا ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ تَمْكِينِهَا ثُمَّ نُشُوزِهَا، وَقَدْ رَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي (وَأَظْهَرَتْ لَهُ التَّسْلِيمَ كَتَبَ الْقَاضِي لِقَاضِي بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ) بِالْحَالِ (فَيَجِيءَ) لَهَا حَالًا (وَلَوْ بِنَائِبِهِ) لِيَتَسَلَّمَهَا، وَتَجِبُ الْمُؤَنُ مِنْ حِينِ التَّسْلِيمِ إذْ بِذَلِكَ يَحْصُلُ التَّمْكِينُ، (فَإِنْ أَبَى) ذَلِكَ (وَمَضَى زَمَنُ) إمْكَانِ (وُصُولِهِ) إلَيْهَا (فَرَضَهَا الْقَاضِي)

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: مِنْ حَيْثُ هُوَ مُقْتَضٍ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ يَغْلِبُ الْمَانِعُ عَلَى الْمُقْتَضِي خِلَافُ قَوْلِ الْأَنْوَارِ الْمُتَقَدِّمِ فَلْيُحَرَّرْ فَعَلَى قَوْلِ الْأَنْوَارِ يَخُصُّ قَوْلُ الْمَتْنِ لَا لِصَغِيرَةٍ بِمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْقَائِمَ بِهَا لَيْسَ مَانِعًا لِلصَّغِيرِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ أَيْضًا فَكَانَ الْمَانِعُ الْقَائِمُ بِهَا كَلَا مَانِعٍ. (قَوْلُهُ: بِالتَّمْكِينِ) أَيْ: التَّامِّ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَكَّنَتْهُ لَيْلًا فَقَطْ، أَوْ فِي دَارٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا م ر الْمَدَارُ عَلَى التَّسَلُّمِ، وَلَوْ بِالْإِكْرَاهِ، وَلَوْ لِلْمَجْنُونَةِ ح ل فَإِنْ حَصَلَ التَّمْكِينُ فِي الْأَثْنَاءِ، وَجَبَ الْقِسْطُ بِاعْتِبَارِ الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَسْبُوقٍ بِنُشُوزٍ فَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا بِهِ فَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِسْطُ؛ لِأَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْجَمِيعِ ح ل مُلَخَّصًا، وَمِثْلُهُ سم عَنْ م ر (قَوْلُهُ: يُوجِبُ الْمَهْرَ) أَيْ: يَكُونُ سَبَبًا لِوُجُوبِهِ بِحَيْثُ تَشْتَغِلُ بِهِ ذِمَّةُ الزَّوْجِ، وَأَمَّا تَسْلِيمُهُ فَلَا يَجِبُ إلَّا إنْ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ ح ل، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ بَعْدُ، وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر، وَمَعَ وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ حَتَّى تُطِيقَهُ، وَمَعْنَى وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّمْكِينِ اسْتَقَرَّ الْمَهْرُ، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَقَرَّ النِّصْفُ.

(قَوْلُهُ: وَالْعَقْدُ) اُنْظُرْ لِمَ أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ؟ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: بَلْ كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ فَلَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ أَظْهَرَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعَقْدُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَقْدَ نِكَاحٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ مُخْتَلِفَيْنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمُعْصِرٍ) ، وَالْمُعْصِرُ بِمَثَابَةِ الْمُرَاهِقِ فِي الذَّكَرِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ صَبِيٌّ مُرَاهِقٌ، وَصَبِيَّةٌ مُعْصِرٌ، وَلَا يُقَالُ هِيَ مُرَاهِقَةٌ ح ل، وَشَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ سَلَّمَتْ) التَّسْلِيمُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى التَّسَلُّمِ، وَلَوْ بِالْإِكْرَاهِ. (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهَا إلَى مَسْكَنِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا

. (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَرَضَتْ الْمُكَلَّفَةُ) ، وَلَوْ سَفِيهَةً، وَقَوْلُهُ: أَوْ السَّكْرَى يَقْتَضِي أَنَّ السَّكْرَانَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ أَيْ: بَلْ فِي حُكْمِ الْمُكَلَّفِ. (قَوْلُهُ: غَيْرِهِمَا) ، وَهُوَ الصَّغِيرَةُ، وَالْمَجْنُونَةُ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ غَيْرَ الْمَحْجُورَةِ لَا يُعْتَدُّ بِعَرْضِ وَلِيِّهَا، وَإِنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ فَلَا يَجِبُ بِعَرْضِهِ نَفَقَةٌ، وَلَا غَيْرُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اكْتِفَاءً بِمَا عَلَيْهِ عُرْفُ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ سِيَّمَا الْبِكْرُ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ فِي شَأْنِ زَوَاجِهَا أَوْلِيَاؤُهَا، وَقَوْلُهُ مَتَى دَفَعَتْ الْمَهْرَ أَيْ: الْحَالَّ، وَخَرَجَ بِهِ مَا اُعْتِيدَ دَفْعُهُ مِنْ الزَّوْجِ لِإِصْلَاحِ شَأْنِ الْمَرْأَةِ كَحَمَّامٍ، وَتَنْجِيدٍ، وَنَقْشٍ فَلَا يَكُونُ عَدَمُ تَسْلِيمِ الزَّوْجِ ذَلِكَ عُذْرًا لِلْمَرْأَةِ بَلْ امْتِنَاعُهَا لِأَجْلِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّمْكِينِ، وَمَا اُعْتِيدَ دَفْعُهُ أَيْضًا لِأَهْلِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَكُونُ الِامْتِنَاعُ لِأَجْلِهِ عُذْرًا فِي التَّمْكِينِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: مَتَى دَفَعَتْ الْمَهْرَ) أَيْ: الْحَالَّ مَكَّنَتْ؛ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهَا حَبْسَ نَفْسِهَا لِقَبْضِهِ فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي التَّمْكِينِ) خَرَجَ بِالتَّمْكِينِ الِاخْتِلَافُ فِي الْإِنْفَاقِ، أَوْ النُّشُوزِ فَإِنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ ح ل بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَاهَا النَّفَقَةَ فَأَنْكَرَتْ، أَوْ ادَّعَى نُشُوزَهَا فَأَنْكَرَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ بُلُوغِ الْخَبَرِ) أَيْ: إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً، أَوْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ، وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَصْدِيقِهِ لِلْمُخْبِرِ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ س ل قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ إلَخْ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْغَالِبِ اعْتِبَارُ الْوُصُولِ إلَيْهَا. ا. هـ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ: قَبْلَ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ:، وَأَظْهَرَتْ لَهُ) ظَاهِرُ الْمَتْنِ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلزَّوْجِ وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ رَاجِعًا لِلْقَاضِي. (قَوْلُهُ: كَتَبَ) أَيْ: وُجُوبًا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيَجِيءَ) بِالنَّصْبِ، وَالرَّفْعِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ التَّسْلِيمِ) أَيْ: بِالْفِعْلِ لَا مِنْ حِينِ إظْهَارِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى وَمَضَى زَمَنُ وُصُولِهِ تَأَمَّلْ، وَحَرِّرْ، وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ التَّسْلِيمِ لَكِنْ إذَا وَقَعَ التَّسْلِيمُ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ بَعْدَ نُشُوزِهَا لَا يَجِبُ قِسْطُ ذَلِكَ لِوُقُوعِ النُّشُوزِ فِي بَعْضِهِمَا، وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْجَمِيعِ م ر سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ السَّيْرِ، وَالتَّوْكِيلِ عُذْرٌ فَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَرَضَهَا الْقَاضِي) أَيْ: قَاضِي بَلَدِهِ الْمُشْعِرِ بِأَنَّهُ عُلِمَ لَهُ بَلَدٌ فَقَوْلُهُ فَإِنْ جَهِلَ مَوْضِعَهُ مُحْتَرَزُ ذَلِكَ قَالَ سم أَيْ: فَرْضُ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ. ا. هـ قَالَ فِي ع ب، وَلَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا دَرَاهِمَ قَدْرَ الْوَاجِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>