للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ فَرْعَهُ مَأْمُورٌ بِمُصَاحَبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ، وَأَنَّهُ يُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ مِنْ عَقَارٍ، وَغَيْرِهِ لِشَبَهِهَا بِهِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ، وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُبَاعُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ، وَلَكِنْ يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يَسْهُلُ بَيْعُ الْعَقَارِ لَهُ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَفَقَةِ الْعَبْدِ الثَّانِيَ فَلْيُرَجَّحْ هُنَا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ، أَوْ الصَّوَابُ قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْعَقَارِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ، وَبِالْكِفَايَةِ، وَبِالْعَجْزِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ، وَقَوْلِي وَلَيْلَتَهُ وَيَلِيقُ مِنْ زِيَادَتِي (، وَلَا تَصِيرُ بِفَوْتِهَا دَيْنًا) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لَا يَجِبُ فِيهَا تَمْلِيكٌ (إلَّا بِافْتِرَاضِ قَاضٍ) بِنَفْسِهِ، أَوْ مَأْذُونِهِ (لِغَيْبَةٍ، أَوْ مَنْعٍ) فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَعَدَلْت عَنْ تَعْبِيرِهِ بِفَرْضِ الْقَاضِي بِالْفَاءِ إلَى تَعْبِيرِي بِافْتِرَاضِهِ بِالْقَافِ فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ (وَعَلَى أُمِّهِ) أَيْ: الْوَلَدِ (إرْضَاعُهُ اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ، وَالْقَصْرِ بِأُجْرَةٍ، وَبِدُونِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ، وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ (ثُمَّ) بَعْدَ إرْضَاعِهِ اللِّبَأَ (إنْ انْفَرَدَتْ هِيَ، أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ) عَلَى الْمَوْجُودَةِ مِنْهُمَا (، أَوْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ هِيَ) عَلَى إرْضَاعِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] (فَإِنْ رَغِبَتْ) فِي إرْضَاعِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ، أَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ أَبِيهِ (فَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُهَا) إرْضَاعَهُ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ، وَخَرَجَ بِأَبِيهِ غَيْرُهُ كَأَنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ غَيْرِ أَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا (لَا إنْ طَلَبَتْ) لِإِرْضَاعِهِ (فَوْقَ أُجْرَةِ مِثْلٍ، أَوْ تَبَرَّعَتْ) بِإِرْضَاعِهِ (أَجْنَبِيَّةٌ، أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ (دُونِهَا) أَيْ: الْأُمِّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ، وَلَهُ إيجَارُهُ لِذَلِكَ، وَلَوْ لِأَخْذِ نَفَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ عَلَيْهِ ح ل قَالَ ع ش عَلَى م ر، وَلَوْ أَمْكَنَ الْفَرْعُ الِاكْتِسَابَ، وَمَنَعَهُ مِنْهُ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ فَهَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَصْلِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ الِاشْتِغَالِ فَائِدَةً يُعْتَدُّ بِهَا عُرْفًا بَيْنَ الْمُشْتَغِلِينَ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا) مُعْتَمَدٌ ع ش، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي إلَّا الْكُلَّ، وَتَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ بِيعَ الْكُلُّ ع ن. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُنْفِقِ، أَوْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ عَلَى حِينَئِذٍ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ: لِأَجْلِهِ. (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَفَقَةِ الْعَبْدِ) أَيْ: فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَالِكِهِ مَالٌ، وَتَعَذَّرَتْ إجَارَتُهُ فَإِنَّهُ أَيْ: الْقَاضِي إذَا امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، أَوْ غَابَ يَسْتَدِينُ عَلَيْهِ إلَى اجْتِمَاعِ قَدْرٍ صَالِحٍ فَيُبَاعُ مِنْهُ حِينَئِذٍ مَا يَفِي بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِيمَا يَأْتِي، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَفَقَةِ الْعَبْدِ أَيْ: فِي بَيْعِ الْقَاضِي عَقَارَ السَّيِّدِ مَثَلًا لِنَفَقَةِ عَبْدِهِ إذَا غَابَ، أَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ بَعْدَهُ فَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ) ، وَإِنْ تَعَدَّى بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِنْفَاقِ [فَرْعٌ] .

لَوْ قَالَ كُلِي مَعِي كَفَى، وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا أَيْ: النَّفَقَةِ إلَيْهِ شَوْبَرِيٌّ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ نَعَمْ لَوْ نَفَاهُ، وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ مَثَلًا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِهَا إنْ أَنْفَقَتْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، وَأَشْهَدَتْ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِنَفْيِهِ الَّذِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ فَعُوقِبَ بِإِيجَابِ مَا فَوَّتَهُ بِهِ فَلِذَا خَرَجَتْ هَذِهِ عَنْ نَظَائِرِهَا، وَكَذَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ، وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْمُنْتَفِعَةُ بِهَا الْتَحَقَتْ بِنَفَقَتِهَا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ) حَمَلَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِهِ عَلَى مَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي قَدْرًا، وَأَذِنَ لِشَخْصٍ فِي أَنْ يُنْفِقَهُ لِيَرْجِعَ فَإِذَا أَنْفَقَهُ رَجَعَ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْغَزَالِيُّ مُوَافِقًا لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْفَرْضِ كَقَوْلِهِ فَرَضْت، أَوْ قَدَّرْت لِفُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا لَا تَكُونُ دَيْنًا، وَذَهَبَ حَجّ إلَى مُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ، وَرَدَ هَذَا الْحَمْلَ بِمَا فِيهِ طُولٌ فَرَاجِعْهُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَعَلَى أُمِّهِ إلَخْ) لَمَّا أَوْجَبَ الشَّارِعُ عَلَى الْأَبِ دَفْعَ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ لِلْأُمِّ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ أَصْلًا فَدَفَعَهُ بِقَوْلِهِ، وَعَلَى أُمِّهِ إلَخْ، وَمَعَ ذَلِكَ لَهَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ بِالْبَدَلِ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنَّهَا لَوْ تَرَكَتْهُ بِلَا إرْضَاعٍ، وَمَاتَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ، وَهَلْ تَرِثُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ ع ن الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَرِثُهُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ قَاتِلَةٍ، وَقَوْلُهُ، وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ إلَخْ أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا فِعْلٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَمْسَكَ الطَّعَامَ عَنْ الْمُضْطَرِّ، وَاعْتَمَدَهُ ز ي، وَانْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ) ، وَيَرْجِعُ فِيهَا إلَى الْعُرْفِ، وَقِيلَ تُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ بِسَبْعَةٍ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تُجْبَرْ هِيَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ امْتَنَعَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ، وَإِذَا أَخَذَتْ الْأُمُّ الْأُجْرَةَ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إنْ نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَهَلْ مِثْلُ الرَّضَاعِ غَيْرُهُ فَكُلُّ مَا نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعَ يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِرْضَاعِ، وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَشْغَالِ. ا. هـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ) أَيْ: تَضَايَقْتُمْ فِي الْإِرْضَاعِ فَامْتَنَعَ الْأَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَالْأُمُّ مِنْ فِعْلِهِ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أَيْ: لِلْأَبِ أُخْرَى، وَلَا تُكْرَهُ الْأُمُّ عَلَى إرْضَاعِهِ جَلَالٌ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ يَعْنِي ضَيَّقَ بَعْضُكُمْ عَلَى الْآخَرِ بِالْمُشَاحَّةِ فِي الْأُجْرَةِ، أَوْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ، أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ مَنْكُوحَةَ أَبِيهِ) فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ، أَوْ كَانَتْ، وَهِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِأَبِيهِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُهَا، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ، وَخَرَجَ بِمَنْكُوحَتِهِ غَيْرُهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَ حُكْمُ هَذَا مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُهَا عَدَلَ عَنْهُ لِمَا قَالَهُ، وَإِنْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِالْحُكْمِ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ فِي كَلَامِهِ الزَّوْجُ الْآخَرُ، وَالسَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ كَأَنْ كَانَتْ إلَخْ أَيْ: وَكَأَنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةَ غَيْرِ أَبِيهِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ: لِلْغَيْرِ تَدَبَّرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>