للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَسَارِهِ، وَإِعْسَارِهِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ، وَخَسِيسِهِ، وَتُفَضَّلُ ذَاتُ الْجَمَالِ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْمُؤْنَةِ (فَلَا يَكْفِي سَتْرُ عَوْرَةٍ) لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَحْقِيرًا، وَقَوْلِي (بِبِلَادِنَا) مِنْ زِيَادَتِي. ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُ احْتِرَازًا عَنْ بِلَادِ السُّودَانِ، وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ.

(وَسُنَّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ) مِنْ طَعَامٍ، وَأُدْمٍ، وَكِسْوَةٍ لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَحْمُولِ عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْلِسَهُ مَعَهُ لِلْأَكْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ رَوَّغَ لَهُ لُقْمَةً تَسُدُّ مَسَدًّا لَا صَغِيرَةً تُثِيرُ الشَّهْوَةَ، وَلَا تَقْضِي النُّهْمَةَ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ، وَيَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ بِهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا، أَوْ رِيَاضَةً فَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ فِي رَقِيقِهِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْغَالِبِ، وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ نُدِبَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا عُلِمَ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَلْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ» قَالَ الرَّافِعِيُّ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى النَّدْبِ، أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ مَطَاعِمُهُمْ، وَمَلَابِسُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ عَلِمَ فَأَجَابَهُ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ.

(وَتَسْقُطُ) كِفَايَةُ الرَّقِيقِ (بِمُضِيِّ الزَّمَنِ) فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِمَا مَرَّ فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ بِجَامِعِ وُجُوبِ مَا ذُكِرَ بِالْكِفَايَةِ (، وَيَبِيعُ قَاضٍ فِيهَا مَالَهُ) ، أَوْ يُؤَجِّرَهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا وَمِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الرَّقِيقِ بَعْدَ أَمْرِهِ لَهُ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ غَابَ كَمَا فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ، وَكَيْفِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ بَيْعُ مَالِهِ، أَوْ إيجَارُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كَعَقَارٍ اسْتَدَانَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يُسَهِّلُ الْبَيْعَ، أَوْ الْإِيجَارَ لَهُ ثُمَّ بَاعَ، أَوْ أَجَّرَ مِنْهُ مَا يَفِي بِهِ لِمَا فِي بَيْعِهِ، أَوْ إيجَارِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُبَاعُ بَعْدَ الِاسْتِدَانَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ بَعْضِهِ، وَلَا إيجَارُهُ، وَتَعَذَّرَتْ الِاسْتِدَانَةُ بَاعَ جَمِيعَهُ، أَوْ أَجَّرَهُ (فَإِنْ فُقِدَ) مَالُهُ (أَمَرَهُ) الْقَاضِي (بِإِيجَارِهِ، أَوْ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ) عَنْهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ، أَوْ إعْتَاقٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْقَاضِي، أَوْ آجَرَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكِفَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَمْرِهِ بِأَحَدِهِمَا قُدِّمَ الْإِيجَارُ، وَذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِيجَارِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَتَعْبِيرِي بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِبَيْعِهِ، أَوْ إعْتَاقِهِ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَيُخَلِّيهَا تَكْتَسِبُ، وَتُمَوِّنُ نَفْسَهَا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُؤْنَتُهَا بِالْكَسْبِ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

(، وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا، وَمَنَافِعَهَا لَهُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ وَلَدِهَا (إنْ فَضَلَ) عَنْهُ لَبَنُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: وُجُوبًا ح ل أَيْ: مَعَ رِعَايَةِ حَالِ الْعَبْدِ ع ش (قَوْلُهُ: وَتُفَضَّلُ ذَاتُ الْجَمَالِ) أَيْ: نَدْبًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ جَمَالُهَا لِذَاتِهَا، وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ كَمَا نَقَلَهُ ح ل وع ش مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ جَمَالُهَا لِنَوْعِهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ النَّوْعِ الْعَالِي كَالْجُرْجِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِرِ عِبَارَةِ م ر مُنَافَاةً بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ قَالَ ع ش عَلَى م ر، وَأَمَّا ذُو الْجَمَالِ فَإِنْ كَانَتْ نَفَاسَتُهُ لِذَاتِهِ كُرِهَ تَفْضِيلُهُ عَلَى الْخَسِيسِ، وَإِنْ كَانَتْ لِنَوْعِهِ لَمْ يُكْرَهْ

. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ) نَعَمْ يُتَّجَهُ فِي أَمْرَدَ جَمِيلٍ يُخْشَى مِنْ تَنَعُّمِهِ بِنَحْوِ مَلْبُوسِهِ لُحُوقُ رِيبَةٍ مِنْ سُوءِ ظَنٍّ بِهِ، وَوُقُوعٌ فِي عِرْضِهِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ حِينَئِذٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْلِسَهُ مَعَهُ) أَيْ: حَيْثُ لَا رِيبَةَ تَلْحَقُ م ر. (قَوْلُهُ: رَوَّغَ لَهُ لُقْمَةً) أَيْ: قَلَّبَهَا فِي الدَّسَمِ ح ل، وَقَالَ شَيْخُنَا رَوَّغَ أَيْ: هَيَّأَهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: النَّهْمَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ، وَسُكُونِ الْهَاءِ الشَّهْوَةُ، وَالْحَاجَةُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) هُوَ، وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ غَالِبِ عَادَةِ أَرِقَّاءِ الْبَلَدِ شَيْخُنَا، أَوْ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ تَنَعَّمَ بِمَا فَوْقَ اللَّائِقِ إلَخْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الرَّشِيدِيِّ. (قَوْلُهُ: إخْوَانُكُمْ) أَيْ: فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ أَوْلَادُ آدَمَ بِرْمَاوِيٌّ، وَفِي رِوَايَةٍ إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَالْوَاوِ أَيْ: خَدَمُكُمْ (قَوْلُهُ: عُلِمَ حَالُهُ) أَيْ: عُلِمَ بُخْلُهُ، وَأَنَّهُ يُقَتِّرُ عَلَى الْأَرِقَّاءِ فَأَتَى بِالْحَدِيثِ رَدْعًا، وَزَجْرًا لَهُ لِيَرْجِعَ عَمَّا فِيهِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ

. (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) وَهُوَ اقْتِرَاضُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَوْ يُؤَجِّرُهُ) ، أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرَاعِيَ مَا فِيهِ الْأَحَظُّ لِلْمَالِكِ ب ش وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، أَوْ جَمِيعَهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، أَوْ تَعَذَّرَ إيجَارُ الْجُزْءِ فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ بَاعَ جُزْءًا مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، أَوْ كُلَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، أَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْجُزْءِ هَذَا فِي غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، أَمَّا هُوَ فَيَتَعَيَّنُ فِعْلُ الْأَحَظِّ لَهُ مِنْ بَيْعِ الْقِنِّ أَوْ إجَارَتِهِ، أَوْ بَيْعِ مَالٍ آخَرَ، أَوْ الِاقْتِرَاضِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَمْرِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ يَبِيعُ، وَامْتَنَعَ، وَقَوْلُهُ، أَوْ غَابَ عَطْفٌ عَلَى امْتَنَعَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّتُهُ) أَيْ: كَيْفِيَّةُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ، وَالْإِيجَارِ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِي بَيْعِهِ إلَخْ) ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا، وَطَرَدُوهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَضَعَّفُوا الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ يُبَاعُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا إيجَارُهُ) أَيْ: بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَتْ مَصْلَحَتُهَا فِي نَظَرِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُ الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا س ل. (قَوْلُهُ: فَكِفَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَجَّانًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرْضًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ إزَالَةُ مِلْكِهِ أَيْ: مَحَلُّ كَوْنِهِ يُؤْمَرُ بِالْإِزَالَةِ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ يَقْبَلُ الْإِزَالَةَ مَا يُفْهِمُ ذَلِكَ مِنْ رح م ر

. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) بِأَنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>