للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَإِسْلَامِهِ) بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ (وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ أُمْهِلَ) احْتِيَاطًا فَلَا يُقْتَلُ فِي جُنُونِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ قُتِلَ فِيهِ هُدِرَ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ لَكِنْ يُعَزَّرُ قَاتِلُهُ لِتَفْوِيتِهِ الِاسْتِتَابَةَ الْوَاجِبَةَ

(وَيَجِبُ تَفْصِيلُ شَهَادَةٍ بِرِدَّةٍ) لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا وَكَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْجُرْحِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ لَكِنَّهُمَا صَحَّحَا هُنَا فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ إنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ بِهَا إلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْقُولُ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَقْلًا وَنَقْلًا.

قَالَ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ (وَلَوْ ادَّعَى) مُدَّعَى عَلَيْهِ بِرِدَّةٍ (إكْرَاهًا وَقَدْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِلَفْظِ كُفْرٍ أَوْ فِعْلِهِ حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ وَلَوْ بِلَا قَرِينَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ وَالْحَزْمُ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ وَقَوْلِي أَوْ فِعْلِهِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) شَهِدَتْ (بِرِدَّتِهِ فَلَا تُقْبَلُ) أَيْ الْبَيِّنَةُ لِمَا مَرَّ وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ تُقْبَلُ وَلَا يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ بِلَا قَرِينَةٍ لِتَكْذِبِيهِ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا إلَّا بِقَرِينَةٍ كَأَسْرِ كُفَّارٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا

. (وَلَوْ قَالَ أَحَدُ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مَاتَ أَبِي مُرْتَدًّا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ رِدَّتِهِ) كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ (فَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ (اسْتُفْصِلَ) فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ رِدَّةٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرَهَا كَقَوْلِهِ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ صُرِفَ إلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ فَيْءٌ أَيْضًا ضَعِيفٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِصِحَّةٍ وَلَا بِعَدَمِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ هُنَا التَّحَقُّقُ وَالثُّبُوتُ لَا مَعْنَاهَا الْأُصُولِيُّ (قَوْلُهُ: كَإِسْلَامِهِ) قَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِإِسْلَامِهِ فِي السُّكْرِ أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى تَجْدِيدِهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ حَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ إذَا أَفَاقَ عَرَضْنَا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ وَصَفَهُ كَانَ مُسْلِمًا مِنْ حِينِ وَصْفِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ وَصَفَ الْكُفْرَ كَانَ كَافِرًا مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ صَحَّ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ اهـ. خ ط س ل وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ لِإِفَاقَتِهِ لِيَأْتِيَ بِإِسْلَامِهِ مُجْمَعٍ عَلَى صِحَّتِهِ وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْقَدْرِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ السُّكْرِ غَالِبًا غَيْرُ بَعِيدٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْمُكْرَهِ) فَإِنْ رَضِيَ بِقَلْبِهِ فَمُرْتَدٌّ س ل قَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ بِأَنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ فِيمَا يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِمْ الْمُكْرَهُ لَا تَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ شَرْحُ م ر وحج وَقَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ أَيْ كَالْمُطْمَئِنِّ قَلْبُهُ بِالْإِيمَانِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْضَارَ الْإِيمَانِ لَا يَجِبُ دَائِمًا كَالنَّائِمِ وَالْغَافِلِ.

(قَوْلُهُ: فَجُنَّ) أَشَارَ بِالتَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ إلَى تَعْقِيبِ الْجُنُونِ لِلرِّدَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا ارْتَدَّ وَاسْتُتِيبَ فَلَمْ يَتُبْ ثُمَّ جُنَّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ حَالَ جُنُونِهِ س ل (قَوْلُهُ: أُمْهِلَ) أَيْ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَفْصِيلُ شَهَادَةٍ بِرِدَّةٍ) بِأَنْ يَذْكُرَ مُوجِبَهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا اخْتِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. اهـ. شَرْحُ م ر فَانْدَفَعَ مَا لِلْحَلَبِيِّ هُنَا وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ هَذَا وَاضِحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّفْصِيلُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ التَّفْصِيلِ كَوْنُهُ مُخْتَارًا فَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ بِالْكَسْرِ قُدُومًا وَمَقْدِمًا أَيْضًا وَقَدَمَ يَقْدُمُ كَنَصَرَ يَنْصُرُ قُدُمًا بِوَزْنِ قَفَلَ أَيْ تَقَدَّمَ وَقَدُمَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ قِدَمًا بِوَزْنِ عِنَبٍ فَهُوَ قَدِيمٌ وَأَقْدَمَ عَلَى الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدْلٍ فَقِيهٍ يَعْرِفُ الْمُكَفِّرَ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: حَلَفَ) فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَهَلْ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَمْ تَثْبُتْ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الرِّدَّةِ وُجِدَ وَالْأَصْلُ الِاخْتِيَارُ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي خ ط س ل (قَوْلُهُ: وَالْحَزْمُ) أَيْ الرَّأْيُ السَّدِيدُ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَتْ) مَعْطُوفٌ عَلَى وَقَدْ شَهِدَتْ (قَوْلُهُ: بِرِدَّتِهِ) أَيْ وَلَمْ تُفَصِّلْ فَإِنْ فَصَّلَتْ فَلَا خَوْفَ فِي الْقَبُولِ س ل (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ) أَيْ بَلْ هُوَ الَّذِي يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ حَيْثُ قَالَ فِيمَا قَبْلَهُ حَلَفَ وَقَالَ فِي هَذَا فَلَا تُقْبَلُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْمُنَاسِبُ فِي الْمُقَابَلَةِ أَنْ يَقُولَ فَلَا يَحْلِفُ وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ مَفْهُومٌ بِاللَّازِمِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ لِعَدَمِ التَّفْصِيلِ فَجَانِبُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ أَقْوَى فَكَأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَصْلًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا أَوْ مِنْ وُجُوب تَفْصِيلِ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَهَذَا أَيْ نَفْيُ قَبُولِهَا مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ، وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ تُقْبَلُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ، مَعْطُوفٌ عَلَى تُقْبَلُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ) وَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِبَيْنُونَةِ زَوْجَاتِهِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَيُطَالَبُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ س ل (قَوْلُهُ: مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ بِلَا قَرِينَةٍ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا شَهِدُوا بِرِدَّتِهِ إجْمَالًا كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَبْلُ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ بِلَا قَرِينَةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ وَاعْتَمَدَهُ خ ط س ل

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَكَرَ إلَخْ) فَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ مِنْ إرْثِهِ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا التَّفْصِيلَ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا شَرْحُ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>