للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَاءً لِآيَةِ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] مَعَ أَخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا الْمَزِيدِ فِيهِمَا التَّغْرِيبُ عَلَى الْآيَةِ (لِمَسَافَةِ قَصْرٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيحَاشُهُ بِالْبُعْدِ عَنْ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ.

(فَأَكْثَرَ) إنْ رَآهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ غَرَّبَ إلَى الشَّامِ وَعُثْمَانَ إلَى مِصْرَ وَعَلِيًّا إلَى الْبَصْرَةِ فَلَا يَكْفِي تَغْرِيبُهُ إلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذْ لَا يَتِمُّ الْإِيحَاشُ الْمَذْكُورُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تَتَوَاصَلُ حِينَئِذٍ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَلْدِ لَكِنَّ تَأْخِيرَهُ عَنْ الْجَلْدِ أَوْلَى

(وَيَجِبُ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ) (لِحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ (وَمَرَضٍ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ وَإِلَّا جُلِدَ بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَشْهُرُ مِنْ فَتْحِهَا وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ وَنَحْوُهُ) كَأَطْرَافِ ثِيَابٍ (مَرَّةً فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ) غُصْنًا (فَمَرَّتَيْنِ) يُجْلَدُ بِهِ (مَعَ مَسِّ الْأَغْصَانِ لَهُ أَوْ انْكِبَاسٍ) لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَلَمٌ بِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَالضَّرْبُ غَيْرُ الْمُؤْلِمِ يُسَمَّى ضَرْبًا وَالْحُدُودُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الزَّجْرِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْإِيلَامِ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا بَعْدَ ضَرْبِهِ بِذَلِكَ (أَجْزَأَهُ) الضَّرْبُ بِهِ وَقَوْلِي وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِي وَسَيَأْتِي فِي الصِّيَالِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ جَلَدَ فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ وَمَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَبَ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ تَلَفٌ بِوَاجِبٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ خَتَنَ الْإِمَامُ أَقْلَفَ فِيهَا فَمَاتَ بِأَنَّ الْجَلْدَ ثَبَتَ أَصْلًا وَقَدْرًا بِالنَّصِّ وَالْخِتَانُ قَدْرًا بِالِاجْتِهَادِ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ وُجُوبِ التَّأْخِيرِ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الرَّوْضَةِ.

وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ سُنَّةٌ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْوَجِيزِ (وَتَعْيِينُ الْجِهَةِ لِلْإِمَامِ) فَلَوْ عَيَّنَ لَهُ جِهَةً لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِالزَّجْرِ

(وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ مِنْ بَلَدِ زِنَاهُ لَا لِبَلَدِهِ لَا لِدُونِ الْمَسَافَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَلَدِهِ (وَ) يُغَرَّبُ (مُسَافِرٌ لِغَيْرِ مَقْصِدِهِ) وَيُؤَخَّرُ تَغْرِيبُ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ حَتَّى يَتَوَطَّنَ وَقَوْلِي وَلَا لِدُونِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ عَادَ) الْمُغَرَّبُ (لِمَحَلِّهِ) الْأَصْلِيِّ أَوْ الَّذِي غُرِّبَ مِنْهُ (أَوْ لِدُونِ الْمَسَافَةِ مِنْهُ جُدِّدَ) التَّغْرِيبُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَقَوْلِي أَوْ لِدُونِ الْمَسَافَةِ مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِي (فَرْعٌ)

زَنَى فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ غُرِّبَ إلَى غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَيَدْخُلُ فِيهِ بَقِيَّةُ الْعَامِ الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْحَاكِمِ فِيهِ فَلَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ لِانْتِفَاءِ التَّنْكِيلِ، وَابْتِدَاءُ الْعَامِ مِنْ أَوَّلِ السَّفَرِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي مُضِيِّ عَامٍ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ لِبِنَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَتُغَرَّبُ الْمُعْتَدَّةُ شَرْحُ م ر وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أَجِيرَ الْعَيْنِ وَلَوْ حُرًّا لَا يُغَرَّبُ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْغُرْبَةِ كَمَا لَا يُحْبَسُ لِغَرِيمِهِ إذَا تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْحَبْسِ بَلْ أَوْلَى اهـ. حَجّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ الْحَبْسَ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهَذَا أَيْ التَّغْرِيبُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى س ل فَإِذَا سَقَطَ حَقُّ الْآدَمِيِّ سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: عَامٍ) أَيْ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ شَرْحُ م ر.

وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ آمِنًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِي نَظَائِرِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِالْبَلَدِ طَاعُونٌ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ شَرْحُ م ر. وَمِثْلُ الدُّخُولِ الْخُرُوجُ حَيْثُ كَانَ وَاقِعًا فِي نَوْعِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَاءً) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ (قَوْلُهُ: لِمَسَافَةِ قَصْرٍ) وَيَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ لِيَكُونَ لَهُ كَالْحَبْسِ وَلَهُ اسْتِصْحَابُ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا دُونَ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ إلَّا مَنْ خُشِيَ ضَيَاعُهُ مِنْهُمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا عَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْ حَمْلِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَتِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَلَا يُقَيَّدُ إلَّا إنْ خِيفَ مِنْ رُجُوعِهِ وَلَمْ تُفِدْ فِيهِ الْمُرَاقَبَةُ أَوْ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِإِفْسَادِهِ النِّسَاءَ مَثَلًا أَوْ الْغِلْمَانَ، وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِإِفْسَادِ النِّسَاءِ أَوْ الْغِلْمَانِ أَيْ وَلَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِحَبْسِهِ يُحْبَسُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَالَ ز ي لَهُ أَخْذُ زَوْجَتِهِ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْأَهْلِ وَلَهُ أَخْذُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ انْتَهَى

. (قَوْلُهُ: لِحَرٍّ وَبَرْدٍ) وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَنْ بِبَلَدٍ لَا يَنْفَكُّ حَرُّهُ أَوْ بَرْدُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ وَلَا يُنْقَلُ لِمُعْتَدِلِهِ لِتَأْخِيرِ الْحَدِّ وَالْمَشَقَّةِ اهـ. م ر (قَوْلُهُ: بِعِثْكَالٍ) وَلَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى شَمَارِيخِ النَّخْلِ مَا دَامَ رَطْبًا فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ عُرْجُونٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بِالْعُرْجُونِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى كَوْنِهِ عُرْجُونًا (قَوْلُهُ: أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا) وَيُقَالُ لَهُ عُثْكُولٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا أَوْ شَرْحًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً بِمِائَةٍ مَشْدُودَةٍ مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى أَوْ مِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً فِي الثَّانِيَةِ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنِ بَرَّ، وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْكُلِّ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ إصَابَةُ الْكُلِّ، وَخَالَفَ نَظِيرَهُ فِي حَدِّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْإِيلَامِ بِالْكُلِّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وَهُنَا الِاسْمُ وَقَدْ وُجِدَا هـ.

(قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ الضَّرْبُ بِهِ) وَفَارَقَ مَعْضُوبًا حُجَّ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ بِأَنَّ الْحُدُودَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدَّرْءِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَرِئَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ كَمَّلَ حَدَّ الْأَصِحَّاءِ وَاعْتَدَّ بِمَا مَضَى شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْخِتَانُ قَدْرًا بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ فَإِذَا فَعَلَهُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ ضَمِنَهُ وَيَضْمَنُ النِّصْفَ لَا الْجَمِيعَ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلشَّارِحِ أَيْ: لِأَنَّ أَصْلَ الْخِتَانِ وَاجِبٌ وَالْهَلَاكُ حَصَلَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ وَمِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ وُقُوعُهُ فِي الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ س ل (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُ الْجِهَةِ لِلْإِمَامِ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَتَغْرِيبُ عَامٍ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ كَمَا صَنَعَ الْأَصْلُ

(قَوْلُهُ: جُدِّدَ) وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيبُ لِلْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ س ل

<<  <  ج: ص:  >  >>