وَمَالٍ وَإِنْ قَلَّ وَاخْتِصَاصٍ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ لِلدَّافِعِ أَمْ لِغَيْرِهِ لِآيَةِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤] وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» وَالصَّائِلُ ظَالِمٌ فَيُمْنَعُ مِنْ ظُلْمِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ وَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» نَعَمْ لَوْ صَالَ مُكْرَهًا عَلَى إتْلَافِهِ مَالَ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ بَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ أَنْ يَقِيَ رُوحَهُ بِمَالِهِ كَمَا يُنَاوِلَ الْمُضْطَرَّ طَعَامَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرَهِ وَقَوْلِي عَلَى مَعْصُومٍ أَوْلَى وَأَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ مَالٍ (بَلْ يَجِبُ) أَيْ الدَّفْعُ (فِي بُضْعٍ وَ) فِي (نَفْسٍ وَلَوْ مَمْلُوكَةً قَصَدَهَا غَيْرُ مُسْلِمٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مَحْقُونِ الدَّمِ) بِأَنْ يَكُونَ كَافِرًا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ مُسْلِمًا غَيْرَ مَحْقُونِ الدَّمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ فَإِنْ قَصَدَهَا مُسْلِمٌ مَحْقُونُ الدَّمِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْوُجُوبُ وَقَالَ ز ي نَعَمْ يَجِبُ الدَّفْعُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ مَالُ مَحْجُورٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ وَدِيعَةٍ عَلَى مَا فِي الْإِحْيَاءِ وَعَنْ مَالِ نَفْسِهِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ نَحْوُ رَهْنِ أَوْ إجَارَةٍ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَالٍ وَإِنْ قَلَّ) وَاسْتُشْكِلَ بِاعْتِبَارِهِمْ فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ النِّصَابَ مَعَ خِفَّةِ الْقَطْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ هُنَا مُصِرٌّ عَلَى ظُلْمِهِ حَيْثُ لَمْ يَتْرُكْ الْأَخْذَ مَعَ اطِّلَاعِ الْمَالِكِ وَدَفْعِهِ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ السَّرِقَةَ لَمَّا قُدِّرَ حَدُّهَا قُدِّرَ مُقَابِلُهُ وَهُنَا لَمْ يُقَدَّرْ حَدُّهُ فَلَمْ يُقَدَّرْ مُقَابِلُهُ.
وَكَأَنَّ حِكْمَةَ عَدَمِ التَّقْدِيرِ هُنَا أَنَّهُ لَا ضَابِطَ لِلصِّيَالِ س ل (قَوْلُهُ: وَاخْتِصَاصٍ) يُفِيدُ جَوَازَ دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَالسِّرْجِينِ وَلَوْ بِقَتْلِهِ اهـ. سم وَكَذَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ وَظِيفَةٌ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَلَهُ دَفْعُ مَنْ يَسْعَى فِي أَخْذِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْبَابِ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَفْتَى بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَمْ لِغَيْرِهِ) فِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ ح ل وَضَعَّفَهُ سم عَلَى حَجّ وَأَقَرَّهُ ع ش. قَوْلُهُ: لِآيَةِ {فَمَنِ اعْتَدَى} [البقرة: ١٩٤] إلَخْ فِيهِ أَنَّ الْآيَةَ فِي الْمُعْتَدِي بِالْفِعْلِ. وَالصَّائِلُ لَمْ يَعْتَدِ بِالْفِعْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْآيَةُ شَامِلَةٌ لِلْمُعْتَدِي حُكْمًا وَهُوَ مُرِيدُ الِاعْتِدَاءِ لَكِنْ رُبَّمَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: {بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وقَوْله تَعَالَى {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤] إلَخْ الِاعْتِدَاءُ فِي قَوْلِهِ {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤] لِلْمُشَاكَلَةِ وَإِلَّا فَلَا يُقَالُ لَهُ اعْتِدَاءٌ وَالْمِثْلِيَّةُ فِي قَوْلِهِ {بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ لَا الْأَفْرَادُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ أَيْ الصَّائِلَ يُدْفَعُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ أَيْ وَلَوْ كَانَ صَائِلًا بِالْقَتْلِ م ر بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: مَنْ قُتِلَ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمَّا جُعِلَ شَهِيدًا دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ كَمَا أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ لَمَّا كَانَ شَهِيدًا كَانَ لَهُ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ ز ي.
(قَوْلُهُ: دُونَ دِينِهِ) أَيْ إذَا حَمَلَ أَيْ الصَّائِلِ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ الزِّنَا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ حَقِّ الْغَيْرِ ح ل وَمَعْنَى الْحَدِيثِ مَنْ قُتِلَ لِأَجْلِ الذَّبِّ عَنْ دِينِهِ أَوْ لِأَجْلِ الذَّبِّ عَنْ دَمِهِ أَيْ نَفْسِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي قَالَ الْقُرْطُبِيُّ دُونَ فِي أَصْلِهَا ظَرْفُ مَكَان بِمَعْنَى أَسْفَلَ وَتَحْتَ وَهُوَ نَقِيضُ فَوْقَ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى لِأَجْلِ وَهُوَ مَجَازٌ وَتَوَسُّعٌ قَالَ الطِّيبِيُّ دُونَ هُنَا بِمَعْنَى قُدَّامٍ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
تُزِيلُ الْقَذَى مِنْ دُونِهَا وَهِيَ دُونَهُ
اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ صَالَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لَهُ دَفْعُ صَائِلٍ (قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ رُوحُهُ بِمَالِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَا رُوحٍ غَيْرَ آدَمِيٍّ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْآدَمِيِّ وَكُلٌّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَفِي النَّفْسِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ مَالًا كَرَقِيقٍ؛ لِأَنَّ قَتْلَ النَّفْسِ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ إتْلَافِ الْمَالِ غَيْرِ ذِي الرُّوحِ ح ل وم ر (قَوْلُهُ: أَوْلَى وَأَعَمُّ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ النَّفْسَ تَشْمَلُ غَيْرَ الْمَعْصُومَةِ وَوَجْهُ الْعُمُومِ شُمُولُهُ لِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ وَالِاخْتِصَاصِ. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي بُضْعٍ) وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ أَوْ لِمُهْدَرَةٍ وَسَوَاءٌ قَصَدَهُ مُسْلِمٌ مَحْقُونُ الدَّمِ أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسْلِمٍ) قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الذِّمِّيِّ عَنْ الذِّمِّيِّ لَا الْمُسْلِمِ عَنْ الذِّمِّيِّ فَلْيُحَرَّرْ، وَلَكِنْ وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ كُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ عَنْ الذِّمِّيِّ وَيُفَارِقُ الْمُسْلِمَ حَيْثُ لَا يَجِبُ دَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حُصُولِ الشَّهَادَةِ لَهُ دُونَ الذِّمِّيِّ سم.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ كَافِرًا) لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْكُفَّارُ بِلَادَنَا مِنْ أَنَّ مَنْ قَصَدُوهُ إذَا جَوَّزَ الْأَسْرَ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ قُتِلَ جَازَ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ) بَلْ يُسَنُّ لِخَبَرِ «كُنْ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ» أَيْ قَابِيلَ وَهَابِيلَ وَخَيْرُهُمَا الْمَقْتُولُ لِكَوْنِهِ اسْتَسْلَمَ لِلْقَاتِلِ وَلَمْ يَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهِ وَلِذَا اسْتَسْلَمَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ لِعَبِيدِهِ وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ: مَنْ أَلْقَى مِنْكُمْ سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الِاسْتِسْلَامِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ هَرَبٌ أَوْ اسْتِغَاثَةٌ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَعَبْدُ الْبَرِّ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ اسْتِسْلَامُ عُثْمَانَ مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِغَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ صَحَابِيٍّ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ قَتْلٍ يُؤَدِّي إلَى شَهَادَةٍ مِنْ غَيْرِ ذُلٍّ دِينِيٍّ كَمَا هُنَا شَرْحُ م ر بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ: بَلْ يُسَنُّ أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ مَلِكًا تَوَحَّدَ فِي مِلْكِهِ أَوْ عَالِمًا تَوَحَّدَ فِي زَمَانِهِ وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute