وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ سَيَّبَ بَهِيمَةً، وَمَنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَلَوْ قَالَ مُطْلِقُ التَّصَرُّفِ عِنْدَ إرْسَالِهِ: أَبَحْتُهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ حَلَّ لِآخِذِهِ أَكْلُهُ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ.
(وَلَوْ تَحَوَّلَ حَمَامُهُ لِبُرْجِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ) أَيْ: الْغَيْرَ (تَمْكِينٌ) مِنْهُ وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ: لَزِمَهُ رَدُّهُ وَإِنْ حَصَلَ بَيْنَهُمَا بَيْضٌ أَوْ فَرْخٌ، فَهُوَ تَبَعٌ لِلْأُنْثَى فَيَكُونُ لِمَالِكِهَا هَذَا إنْ اخْتَلَطَ وَلَمْ يَعْسُرْ تَمْيِيزُهُ (فَإِنْ عَسِرَ تَمْيِيزُهُ لَمْ يَصِحَّ تَمْلِيكُ أَحَدِهِمَا شَيْئًا مِنْهُ لِثَالِثٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ وَخَرَجَ بِالثَّالِثِ مَا لَوْ مَلَّكَ ذَلِكَ لِصَاحِبِهِ، فَيَصِحُّ لِلضَّرُورَةِ (فَإِنْ عُلِمَ) لَهُمَا (الْعَدَدُ وَاسْتَوَتْ الْقِيمَةُ وَبَاعَاهُ) لِثَالِثٍ (صَحَّ) الْبَيْعُ وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى الْعَدَدِ، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةً وَلِلْآخَرِ مِائَتَيْنِ كَانَ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا، وَكَذَا يَصِحُّ لَوْ بَاعَا لَهُ بَعْضَهُ الْمُعَيَّنَ بِالْجُزْئِيَّةِ، فَإِنْ جَهِلَا الْعَدَدَ وَلَوْ مَعَ اسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ أَوْ عَلِمَاهُ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقِيمَةُ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ نَعَمْ لَوْ قَالَ كُلٌّ: بِعْتُكَ الْحَمَامَ الَّذِي لِي فِيهِ بِكَذَا صَحَّ.
(وَلَوْ جَرَحَا صَيْدًا مَعًا وَأَبْطَلَا مَنَعَتَهُ) بِأَنْ ذَفَّفَا أَوْ أَزْمَنَا، أَوْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا، وَأَزْمَنَ الْآخَرُ وَالْأَخِيرُ مِنْ زِيَادَتِي. (فَلَهُمَا) الصَّيْدُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ. (أَوْ) أَبْطَلَهَا (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (فَلَهُ) الصَّيْدُ لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ بِجُرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرَحْ مِلْكَ غَيْرِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُذَفَّفَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَلَالٌ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ أَمْ فِي غَيْرِهِ، فَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ الْإِبْطَالِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُمَا أَوْ عَلِمَ تَأْثِيرَ أَحَدِهِمَا، وَشَكَّ فِي الْآخَرِ سَلِمَ النِّصْفُ لِمَنْ أَثَّرَ جُرْحُهُ، وَوَقَفَ النِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ أَوْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَمَحَلُّ جَوَازِ أَخْذِهَا مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ بِذَلِكَ كَأَنْ وَكَّلَ مَنْ يَلْتَقِطُهُ لَهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَالَ الْمَحْجُورِ لَا يُمْلَكُ مِنْهُ شَيْءٌ بِذَلِكَ؛ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ إعْرَاضِهِ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ) نَعَمْ إنْ خَافَ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ الْمَوْتِ لَوْ حَبَسَهُ وَجَبَ الْإِرْسَالُ صِيَانَةً لِلرُّوحِ وَلَوْ صَادَ الْوَلَدَ وَكَانَ مَأْكُولًا لَمْ يَتَعَيَّنْ إرْسَالُهُ بَلْ لَهُ ذَبْحُهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: أَكْلُهُ) لَا إطْعَامُ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْآخِذِ عِيَالُهُ فَلَهُمْ الْأَكْلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَيَنْبَغِي أَنَّ لِمَنْ أَخَذَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْهُ ع ش وَمِثْلُهُ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَمُرَادُهُ بِالرَّدِّ إعْلَامُ الْمَالِكِ بِهِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ أَخْذِهِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لَا رَدُّهُ حَقِيقَةً انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَبَعٌ لِلْأُنْثَى) فَلَوْ تَنَازَعَا فِيهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْبُرْجِ: هُوَ بَيْضُ إنَاثِي وَقَالَ مَنْ تَحَوَّلَ الْحَمَامُ مِنْ بُرْجِهِ: هُوَ بَيْضُ إنَاثِي صُدِّقَ ذُو الْيَدِ وَهُوَ صَاحِبُ الْبُرْجِ الْمُتَحَوَّلِ إلَيْهِ وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ تَقْضِي الْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا بِبَيْضِ الْحَمَامِ الْمُتَحَوِّلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَبِضْ أَوْ بَاضَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ:، فَإِنْ عَسِرَ إلَخْ) فَلَوْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْمُخَالِطِ لِحَمَامِهِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ أَوْ مُبَاحًا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ حَمَامَةٌ مَمْلُوكَةٌ بِحَمَامِهِ، فَلَهُ الْأَكْلُ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا وَاحِدَةً، كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ تَمْرَةُ غَيْرِهِ بِتَمْرِهِ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا وَقَعَ التَّمْلِيكُ لِثَالِثٍ فِي مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّخْصِ وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ فِي اقْتِضَاءِ مَا ذَكَرَهُ تَعْلِيلُ الزَّرْكَشِيّ بِقَوْلِهِ: لِلشَّكِّ فِي الْمِلْكِ فَإِنَّهُ، كَمَا يُحْتَمَلُ كَوْنُ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِلْكًا لَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْآخَرِ. اهـ. وَتَصْوِيرُهَا بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَا سَلَكَهُ الْبُلْقِينِيُّ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ التَّمْلِيكُ لِثَالِثٍ فِي مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ بِالْجُزْئِيَّةِ كَنِصْفِ مَا يَمْلِكُهُ أَوْ فِي جَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ بَلْ هُوَ مُتَحَقِّقٌ قَطْعًا وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ سم.
(قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنَ بِالْجُزْئِيَّةِ) كَثُلُثِهِ وَرُبُعِهِ (قَوْلُهُ: بِكَذَا صَحَّ) فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَعْلُومًا وَيُحْتَمَلُ الْجَهْلُ فِي الْمَبِيعِ لِلضَّرُورَةِ شَرْحُ م ر، وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَجْهُولِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: لَوْ قَالَ كُلٌّ: عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إذَا صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَيْ: فِي قَوْلِ الشَّارِحِ لَوْ قَالَ كُلٌّ: بِعْتُك إلَخْ، فَإِنْ شَرَطَ فِيهِ بَيْعَ صَاحِبِهِ لَمْ يَصِحَّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّرْطِ، وَإِلَّا فَقَدْ حُكِمَ بِصِحَّةِ عَقْدِهِ ابْتِدَاءً فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ عَدَمُ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ، فَتَكُونُ الصُّورَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ الَّتِي هِيَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: كُلٌّ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّ تَصَوُّرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا لَوْ قَالَا مَعًا: بِعْنَاكَ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ: قَبِلْتُ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر وَتَصْوِيرُ ع ش بِقَوْلِهِ: بِعْنَاكَ بَعِيدٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: بِعْتُكَ إلَخْ فَالْأَوْلَى أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا لَوْ قَالَ كُلٌّ مَعَ الْآخَرِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ: بِعْتُكَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَرَحَا صَيْدًا إلَخْ) أَصْلُ صُوَرِ الْمَقَامِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا كَلَامُهُ ثَلَاثَةٌ: الْمَعِيَّةُ الْمُحَقَّقَةُ، وَالتَّرْتِيبُ مَعَ عِلْمِ السَّابِقِ، وَالتَّرْتِيبُ مَعَ جَهْلِهِ وَفِي الْمَعِيَّةِ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ، ذَكَرَ فِي الْمَتْنِ صُورَتَيْنِ وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ ثِنْتَيْنِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ جَهِلَ كَوْنَ الْإِبْطَالِ إلَخْ وَفِي صُورَةِ التَّرْتِيبِ مَعَ عِلْمِ السَّابِقِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إبْطَالَ الْمَنَعَةِ إمَّا بِتَذْفِيفٍ أَوْ بِإِزْمَانٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الثَّانِي وَكُلُّهَا قَدْ انْدَرَجَتْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَلَهُ، ثُمَّ فَصَّلَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَفْصِيلًا حَاصِلُهُ يَرْجِعُ لِثَلَاثِ صُوَرٍ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ بَعْدَ إبْطَالِ الْأَوَّلِ بِإِزْمَانٍ إلَخْ وَقَدْ اشْتَمَلَ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى قَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: بَعْدَ إبْطَالِ الْأَوَّلِ، وَالْآخَرُ قَوْلُهُ: بِإِزْمَانٍ وَذَكَرَ الشَّارِحُ مَفْهُومَهُمَا قَبْلَهُمَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ أَبْطَلَهَا الثَّانِي فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ مَفْهُومُ أَوَّلِهِمَا وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَبْطَلَهَا الْأَوَّلُ بِتَذْفِيفٍ إلَخْ مَفْهُومُ ثَانِيهمَا