يَحْنَثُ (بِمُفَارِقِ بَائِضِهِ) أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفَارِقَهُ (حَيًّا) وَيُؤْكَلَ بَيْضُهُ مُنْفَرِدًا (كَدَجَاجٍ وَنَعَامٍ) وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَبَيْضِ سَمَكٍ وَهُوَ بَطَارِخُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفَارِقُهُ مَيِّتًا بِشَقِّ بَطْنِهِ وَكَبَيْضِ جَرَادٍ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مُنْفَرِدًا
(أَوْ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُ (لَحْمًا فَ) يَحْنَثُ (بِلَحْمٍ مَأْكُولٍ) كَنَعَمٍ وَخَيْلٍ وَطَيْرٍ وَوَحْشٍ مَأْكُولِينَ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْ مُذَكَّاةٍ (وَلَوْ لَحْمَ رَأْسٍ وَلِسَانٍ لَا) لَحْمَ (سَمَكٍ وَجَرَادٍ) لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ اللَّحْمِ عُرْفًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ اللَّحْمِ كَكِرْشٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ (وَيَتَنَاوَلُ) أَيْ اللَّحْمُ (شَحْمَ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ) لِأَنَّهُ لَحْمٌ سَمِينٌ وَلِهَذَا يُحَمَّرُ عِنْدَ الْهُزَالِ (لَا) شَحْمَ (بَطْنٍ وَعَيْنٍ) لِأَنَّهُ يُخَالِفُ اللَّحْمَ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ (وَالشَّحْمُ عَكْسُهُ) فَلَا يَتَنَاوَلُ شَحْمَ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَيَتَنَاوَلُ شَحْمَ بَطْنٍ وَعَيْنٍ وَذِكْرُ الْجَرَادِ مَعَ عَدَمِ تَنَاوُلِ اللَّحْمِ شَحْمَ الْعَيْنِ وَالشَّحْمِ شَحْمَ الْجَنْبِ وَمَعَ تَنَاوُلِ الشَّحْمِ شَحْمَ الْبَطْنِ وَالْعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي (وَالْأَلْيَةُ وَالسَّنَامُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا (لَيْسَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (شَحْمًا وَ) لَا (لَحْمًا) لِمُخَالَفَتِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ (وَلَا) يَتَنَاوَلُ (أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) لِذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ (وَالدَّسَمُ) وَهُوَ الْوَدَكُ (يَتَنَاوَلُهُمَا) أَيْ الْأَلْيَةَ وَالسَّنَامَ (وَ) يَتَنَاوَلُ (شَحْمَ نَحْوِ ظَهْرٍ) كَبَطْنٍ وَجَنْبٍ (وَدُهْنًا) مَأْكُولًا فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ أَحَدِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دَسَمًا وَقَوْلِي نَحْوَ ظَهْرٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ
(وَ) يَتَنَاوَلُ (لَحْمُ بَقَرٍ جَامُوسًا،
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ مِمَّا فِي كُمِّهِ، وَكَانَ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا، وَكَانَ فِي كُمِّهِ بَيْضٌ جُعِلَ فِي نَاطِفٍ وَهُوَ حَلَاوَةٌ تَنْعَقِدُ بِبَيَاضِهِ، وَأَكَلَهُ بَرَّ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ بَيْضًا، وَقَدْ أَكَلَ مِمَّا فِي كُمِّهِ ز ي وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَحْتَاجُ لِهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، إلَّا بِأَكْلِ ثَلَاثِ بَيْضَاتٍ فَإِذَا أَكَلَ مِمَّا فِي كُمِّهِ بَيْضَةً لَا يَحْنَثُ قِيَاسًا عَلَى الرُّءُوسِ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، إلَّا إذَا قَالَ: لَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنْ الْبَيْضِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِمُفَارَقَةِ بَائِضِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولَ اللَّحْمِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا؛ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ السُّمُومِ ز ي وَح ل أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْبُيُوضَ كُلَّهَا طَاهِرَةٌ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ س ل: ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الْحِنْثِ بَيْنَ أَكْلِهِ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ إذَا ظَهَرَ فِيهِ. اهـ. وَالْبَيْضُ كُلُّهُ بِالضَّادِ، إلَّا بَيْضُ النَّمْلِ فَبِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ ز ي. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَا مِنْ شَأْنِهِ إلَخْ) قَدَّرَهُ لِيَدْخُلَ فِيهِ مُتَصَلِّبٌ خَرَجَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ م ر وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْبَيْضِ أَيْ: بَيْضٌ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفَارِقَهُ أَيْ: الْبَائِضُ حَيًّا، وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْهَاءِ فِي يُفَارِقُهُ الرَّاجِعَةُ لِلْبَائِضِ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِتَرْكِيبِ الشَّرْحِ مَعَ الْمَتْنِ، أَمَّا بِالنَّظَرِ لِتَرْكِيبِ الْمَتْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَقَوْلُهُ حَيًّا حَالٌ مِنْ الْبَائِضِ، وَقَوْلُهُ: وَيُؤْكَلُ بَيْضُهُ مُنْفَرِدًا فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ يُوقِعُ فِي اللَّبْسِ، وَصُعُوبَةِ الْفَهْمِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: وَيُؤْكَلُ مُنْفَرِدًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَظْهَرُ لِدَفْعِ تَوَهُّمٍ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْبَائِضِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَطَارِخُهُ) لِأَنَّ بَيْضَهُ يَصِيرُ بَطَارِخَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِذَا مَكَثَ فِي الْبَحْرِ صَارَ الْبَيْضُ سَمَكًا صَغِيرًا
. (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ بِلَحْمٍ مَأْكُولٍ) أَيْ: وَلَوْ أَكَلَهُ نِيئًا عَمِيرَةُ، وَقَوْلُهُ: بِالْأَكْلِ مِنْ مُذَكَّاةٍ أَيْ: لَا بِالْأَكْلِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَلَوْ كَانَ مُضْطَرًّا كَمَا قَالَهُ م ر؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَأْكُولِ شَرْعًا سم، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَوَى شَيْئًا حُمِلَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لَحْمِ رَأْسٍ، وَلِسَانٍ أَيْ: لَحْمِ لِسَانٍ، وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ م ر. وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ أَيْ: وَخَدِّ أَكَارِعَ لِصِدْقِ اسْمِ اللَّحْمِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا لَحْمَ سَمَكٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ الصُّورَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَإِنْ بِيعَ مُقَطَّعًا لِكِبَرِهِ عَمِيرَةُ أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ لَحْمًا، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى بِهِ لُغَةً كَمَا فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤] كَمَا لَا يَحْنَثُ بِجُلُوسِهِ فِي الشَّمْسِ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي سِرَاجٍ، وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى سِرَاجًا، وَمَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّه تَعَالَى بِسَاطًا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ اللَّحْمِ) وَلَا يَحْنَثُ بِقَانِصَةِ الدَّجَاجِ قَطْعًا وَلَا بِجِلْدٍ، إلَّا إنْ رَقَّ بِحَيْثُ يُؤْكَلُ غَالِبًا عَلَى الْأَوْجَهِ ز ي. (قَوْلُهُ: شَحْمَ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَهُوَ الْأَبْيَضُ الَّذِي يُخَالِطُهُ الْأَحْمَرُ قَالَ شَيْخُنَا: أَمَّا مَا لَا يُخَالِطُهُ فَلَا حِنْثَ بِهِ قَطْعًا سم، وَقِيلَ: لَا يَتَنَاوَلُ اللَّحْمُ الشَّحْمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: ١٤٦] إلَخْ فَسَمَّاهُ شَحْمًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا شَحْمَ بَطْنٍ) مِمَّا عَلَى الْمَصَارِينِ، وَغَيْرِهَا عَمِيرَةُ سم. (فَائِدَةٌ)
حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخًا لَا يَحْنَثُ، إلَّا بِمَا فِيهِ وَدَكٌ، أَوْ زَيْتٌ، أَوْ سَمْنٌ مَتْنُ الرَّوْضِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُخَالِفُ اللَّحْمَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: فِيمَا قَبْلَهُ إنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ فِي الِاسْمِ، وَالصِّفَةِ ح ل. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَمِيلُ إلَى اللَّحْمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْمَرُّ عِنْدَ الْهُزَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْوَدَكُ) هُوَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْأَدْهَانِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ ذِي رَوْحٍ أَمْ لَا، وَيَشْمَلُ اللَّحْمَ السَّمِينَ ع ش أَيْ: إذَا كَانَ فِيهِ دُهْنِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَيَتَنَاوَلُ شَحْمَ نَحْوِ ظَهْرٍ) اُسْتُشْكِلَ شُمُولُ الدَّسَمِ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَحْمٌ، وَهُوَ لَا يَدْخُلُ فِي الدَّسَمِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ سَمِينًا صَارَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدَّسَمِ، وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ الدَّسَمُ عَلَى كُلِّ لَحْمٍ س ل، وَشَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَدُهْنًا) أَيْ: خَالِصًا، وَإِلَّا فَالْأَلْيَةُ دُهْنٌ، وَالْمُرَادُ دُهْنُ الْحَيَوَانِ، أَمَّا دُهْنُ نَحْوِ سِمْسِمٍ وَلَوْزٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَاعْتَمَدَهُ ز ي لَكِنْ قَالَ سم: الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ، وَعَزَاهُ ل م ر وَهُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute