لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَالِ الْأَعْيَانُ
(أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ بَرَّ بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلَوْ لَطْمًا) أَيْ ضَرْبًا لِلْوَجْهِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ (وَوَكْزًا) أَيْ دَفْعًا وَيُقَالُ ضَرْبًا بِالْيَدِ مُطْبَقَةً لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبٌ بِخِلَافِ مَا لَا يُسَمَّى ضَرْبًا كَعَضٍّ وَخَنْقٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَقَرْصٍ وَوَضْعِ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَنَتْفِ شَعْرٍ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (إيلَامٌ) لِأَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ وَيُخَالِفُ الْحَدَّ وَالتَّعْزِيرَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا الزَّجْرُ (إلَّا أَنْ يَصِفَهُ) أَيْ الضَّرْبَ (بِنَحْوِ شَدِيدٍ) كَمُبَرِّحٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ إيلَامٌ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً بِمِائَةٍ مَشْدُودَةٍ) مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى أَوْ مِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) ضَرَبَهُ ضَرْبَةً (فِي الثَّانِيَةِ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ بَرَّ وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْكُلِّ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ إصَابَةُ الْكُلِّ وَخَالَفَ نَظِيرَهُ فِي حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْإِيلَامُ بِالْكُلِّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وَهُنَا الِاسْمُ وَقَدْ وُجِدَ وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا الْيَوْمَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَلَمْ يَفْعَلْهُ وَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ حَيْثُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ وَالْمَشِيئَةُ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَالشَّكُّ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَلَوْ تَرَجَّحَ عَدَمُ إصَابَةِ الْكُلِّ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ الْبِرِّ وَتَقْيِيدِي الْعِثْكَالَ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَخَرَجَ بِهِ الْأُولَى فَلَا يَبَرُّ بِهِ فِيهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ يَبَرُّ بِهِ فِيهَا ضَعِيفٌ وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ (أَوْ) لَيَضْرِبَنَّهُ (مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ أَوْ مِنْ الْعِثْكَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ إلَّا مَرَّةً
(أَوْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ) مِنْهُ (فَفَارَقَهُ) مُخْتَارًا ذَاكِرًا لِلْيَمِينِ (وَلَوْ بِوُقُوفٍ) بِأَنْ كَانَا مَاشِيَيْنِ وَوَقَفَ أَحَدُهُمَا حَتَّى ذَهَبَ الْآخَرُ (أَوْ بِفَلَسٍ) بِأَنْ فَارَقَهُ بِسَبَبِ ظُهُورِ فَلَسِهِ إلَى أَنْ يُوسَرَ (أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ الْحَقِّ (أَوْ أَحَالَ) بِهِ عَلَى غَرِيمِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ احْتَالَ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: أَيْ: دَفْعًا) وَبِغَيْرِ الْيَدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ اللُّغَوِيِّينَ س ل، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: ١٥] ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَكَزَهُ ضَرَبَهُ، وَدَفَعَهُ، وَقِيلَ ضَرَبَهُ بِجَمْعِ يَدِهِ عَلَى ذَقَنِهِ، وَبَابُهُ وَعَدَ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَخَنِقٍ) فِي الْمُخْتَارِ الْخَنِقُ بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرُ خَنَقَهُ يَخْنُقُهُ بِالضَّمِّ خَنِقًا بِالْكَسْرِ، وَقَدْ يُسَكَّنُ النُّونُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَقَوْلُهُ: مَصْدَرٌ أَيْ: سَمَاعِيٌّ، وَالْقِيَاسُ سُكُونُهَا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إيلَامٌ) أَيْ بِالْفِعْلِ، أَمَّا بِالْقُوَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ ز ي فَلَا يُنَافِي مَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ شَرْحُ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُوَّةِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدًا فِي نَفْسِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْإِيلَامِ مَانِعٌ؛ إذْ الضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يُقَالُ: إنَّهُ مُؤْلِمٌ بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَصِفَهُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ يَنْوِيَ ذَلِكَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ فِيهِ إيلَامٌ) وَلَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ عَلَقَةً فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْحَالِفِ، أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، أَوْ الْعُرْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ خَشَبَةٍ) مِنْ الْخَشَبِ الْأَقْلَامِ، وَنَحْوِهَا مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ، وَالْجَرِيدِ. وَإِطْلَاقُ الْخَشَبِ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الشَّمَارِيخِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بِعِثْكَالٍ) ، وَهُوَ الضِّغْثُ فِي الْآيَةِ أَيْ: فِي قَوْله تَعَالَى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} [ص: ٤٤] أَيْ: عُرْجُونًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ) الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ ع ش فَيَشْمَلُ ظَنَّ عَدَمِ إصَابَةِ الْكُلِّ فَيَبَرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي م ر خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ نَظِيرَهُ فِي حَدِّ الزِّنَا) أَيْ: حَيْثُ لَا يَكْفِي مَا ذُكِرَ مَعَ الشَّكِّ فِي إصَابَةِ الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْإِيلَامُ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطْ فِيهَا الْإِيلَامُ بِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَالضَّرْبُ غَيْرُ الْمُؤْلِمِ يُسَمَّى ضَرْبًا، وَالْحُدُودُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الزَّجْرِ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ، إلَّا بِالْإِيلَامِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ) عِبَارَةُ م ر وَفَارَقَ مَا لَوْ مَاتَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ، وَشَكَّ فِي صُدُورِهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ كَتَحَقُّقِ الْعَدَمِ بِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ عَلِمْتُمْ ظُهُورَهُ مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّكِّ الَّذِي هُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ؟ قُلْت يُحْتَمَلُ ظُهُورُهُ عَلَى أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ فَلَا تَنَافِي خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ حَجّ زي.
(قَوْلُهُ: فِي الِانْكِبَاسِ) أَيْ: وَالِانْكِبَاسُ أَمَارَةٌ عَلَى إصَابَةِ الْكُلِّ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِصَابَةِ لَا فِي الِانْكِبَاسِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْبِرِّ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَفَّارَةِ، وَالْإِحَالَةُ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِيِّ ز ي. (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ جِنْسِهَا) أَيْ: وَالْعِثْكَالُ الْمَذْكُورُ مِنْ جِنْسِ الْخَشَبِ
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ) زَادَ الشَّارِحُ مِنْهُ فَلَا يَبَرُّ، إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْهُ، وَبِدُونِهَا يَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ، وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَدَّى عَنْهُ بُرُلُّسِيٌّ سم. (قَوْلُهُ: فَفَارَقَهُ) أَيْ: بِمَا يَقْطَعُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ س ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوُقُوفٍ) وَلَوْ تَعَوَّضَ عَنْهُ، أَوْ ضَمِنَهُ لَهُ ضَامِنٌ ثُمَّ فَارَقَهُ لِظَنِّهِ صِحَّةَ ذَلِكَ اتَّجَهَ عَدَمُ حِنْثِهِ؛ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْرَأَهُ) ، وَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْإِبْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَارَقَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَالَ بِهِ إلَخْ) أَوْ حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّهُ دَيْنَهُ يَوْمَ كَذَا ثُمَّ أَحَالَ بِهِ، أَوْ عَوَّضَهُ عَنْهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَيْسَتْ اسْتِيفَاءً وَلَا إعْطَاءً حَقِيقَةً، وَإِنْ أَشْبَهَتْهُ، نَعَمْ إنْ نَوَى عَدَمَ مُفَارَقَتِهِ لَهُ، وَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِحَقِّهِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ نَوَى بِالْإِعْطَاءِ، أَوْ الْإِيفَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute