للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَجِبُ بِمَا أَفْطَرَهُ مِنْ غَيْرِهَا اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ) بَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَضَائِهِ لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا كَانَ لِلْوَقْتِ كَمَا فِي رَمَضَانَ لَا لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ (إلَّا إنْ شَرَطَ تَتَابُعَهَا) فَيَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا عَمَلًا بِالشَّرْطِ لِأَنَّ التَّتَابُعَ صَارَ بِهِ مَقْصُودًا (أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ (مُطْلَقَةٍ وَجَبَ تَتَابُعُهَا إنْ شَرَطَهُ) فِي نَذْرِهِ وَإِلَّا فَلَا (وَلَا يَقْطَعُهُ مَا لَا يَدْخُلُ فِي) نَذْرٍ (مُعَيَّنَةً) مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ عَنْهُ وَفِطْرِ أَيَّامِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِاسْتِثْنَائِهِ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَصْلُ النِّفَاسَ (وَيَقْضِيهِ غَيْرَ زَمَنِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ مُتَّصِلًا بِآخِرِ السَّنَةِ) لِيَفِيَ بِنَذْرِهِ أَمَّا زَمَنُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَالْأَشْبَهُ عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ لُزُومُهُ كَمَا فِي رَمَضَانَ بَلْ أَوْلَى وَفَرْضُهُ فِي الْحَيْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ (أَوْ نَذَرَ) صَوْمَ أَيَّامِ (الْأَثَانِينِ لَمْ يَقْضِهَا إنْ وَقَعَتْ فِيمَا مَرَّ) مِمَّا لَا يَدْخُلُ فِي نَذْرِ صَوْمِ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَرْجِيحُ قَضَائِهَا إنْ وَقَعَتْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَلَعَلَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَتَعَقَّبْ فِي الْأَصْلِ الرَّافِعِيَّ فِي ذَلِكَ كَمَا تَعَقَّبَهُ فِيهِ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ قِيلَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ) وَقَعَتْ (فِي شَهْرَيْنِ لَزِمَهُ صَوْمُهُمَا اتِّبَاعًا) لِكَفَّارَةٍ مَثَلًا (وَسَبَقَا) أَيْ مُوجِبُهُمَا نَذْرَ الْأَثَانِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا لِتَقَدُّمِ وُجُوبِهِمَا عَلَى النَّذْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْبِقَا وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَقْيِيدِهِ الشَّهْرَيْنِ بِالْكَفَّارَةِ

(أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ (يَوْمٍ بِعَيْنِهِ مِنْ جُمُعَةٍ تَعَيَّنَ) فَلَا يَصُومُ عَنْهُ قَبْلَهُ وَالصَّوْمُ عَنْهُ بَعْدَهُ قَضَاءٌ كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً (فَإِنْ نَسِيَهُ صَامَ يَوْمَهَا) أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ هُوَ وَقَعَ أَدَاءً وَإِلَّا فَقَضَاءً وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ السَّبْتُ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ وَعُزِيَ لِلْأَكْثَرِينَ وَجَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرُهُ فَيَصُومُ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ

(وَمَنْ نَذَرَ إتْمَامَ نَفْلٍ) مِنْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ فَنَذَرَ إتْمَامَهُ (لَزِمَهُ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَصَحَّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِدُخُولِهَا فِي السَّنَةِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ بِمَا أَفْطَرَهُ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ: الْعِيدِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ أَفْطَرَ مِنْهَا يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ قَالَ م ر: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بِلَا عُذْرٍ مَا لَوْ أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ كَجُنُونٍ، وَإِغْمَاءٍ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ سَفَرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، أَوْ مَرَضٍ فَلَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا كَانَ لِلْوَقْتِ كَمَا فِي رَمَضَانَ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَفْطَرَهَا كُلَّهَا لَمْ يَجِبْ الْوَلَاءُ فِي قَضَائِهَا وَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَوْرًا شَرْحُ م ر أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْزَاءُ طَبَلَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لَا؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ) لَكِنَّ التَّتَابُعَ أَفْضَلُ مِنْ التَّفْرِيقِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُسَارَعَةِ لِلْخَيْرِ، وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَفِي عِبَارَةٍ أَنَّ التَّفْرِيقَ أَفْضَلُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ زَجْرِ النَّفْسِ، وَلِحَدِيثِ «أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ أَخِي دَاوُد» . (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ شَرَطَ تَتَابُعَهَا) أَيْ: وَلَوْ فِي نِيَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. لَا يُقَالُ: الْكَلَامُ فِي نَذْرِ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهِيَ لَا تَكُونُ، إلَّا مُتَتَابِعَةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ مِنْ صُوَرِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ سَنَةً أَوَّلُهَا مِنْ الْغَدِ، أَوْ أَوَّلُهَا مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَهِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَصْدُقُ بِالْمُتَتَابِعَةِ، وَغَيْرِهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) ، وَحِينَئِذٍ يَصُومُ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا كَيْفَ شَاءَ، أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِالْهِلَالِ، وَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ كُمِّلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَيَقْضِي أَيَّامَ الْعِيدِ، وَالتَّشْرِيقِ، وَرَمَضَانَ ز ي وَح ل.

(قَوْلُهُ: مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ عَنْهُ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ: عَنْهُ مَا لَوْ صَامَهُ عَنْ نَذْرٍ، أَوْ قَضَاء، أَوْ تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ، وَيَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ قَطْعًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَقْضِيهِ غَيْرَ زَمَنِ حَيْضٍ، وَنِفَاسٍ) وَيُخَالِفُ مَا إذَا كَانَتْ السَّنَةُ مُعَيَّنَةً؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ لَا يُبَدَّلُ بِغَيْرِهِ، وَالْمُطْلَقُ إذَا عُيِّنَ قَدْ يُبَدَّلُ كَمَا فِي الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ إذَا خَرَجَ مَعِيبًا لَا يُبَدَّلُ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ إذَا سُلِّمَ فَخَرَجَ مَعِيبًا يُبَدَّلُ، وَلِأَنَّ اللَّفْظَ فِي الْمُعَيَّنَةِ قَاصِرٌ عَلَيْهَا فَلَا يَتَعَدَّاهَا إلَى أَيَّامِ غَيْرِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْمُطْلَقَةِ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِالِاسْمِ؛ حَيْثُ أَمْكَنَ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَ رَمَضَانَ، وَأَيَّامِ الْحَيْضِ بِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَتَكَرَّرُ فِي السَّنَةِ فَلَا مَشَقَّةَ فِي قَضَاءِ أَيَّامِهِ بِخِلَافِ أَيَّامِ الْحَيْضِ فَإِنَّهَا تَتَكَرَّرُ فَلَوْ أَوْجَبْنَا الْقَضَاءَ لِأَيَّامِهَا لَشَقَّ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَمِثْلُهَا النِّفَاسُ؛ لِأَنَّ النَّادِرَ يُلْحَقُ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ ز ي وَمِنْ ثَمَّ كَانَ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) لَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ تَغْلِيظُهَا عَلَى نَفْسِهَا بِشَرْطِ التَّتَابُعِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَقَّبْ فِي الْأَصْلِ إلَخْ) أَيْ: لَمْ يَقُلْ هُنَا قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ كَمَا قَالَ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ، وَإِنْ أَفْطَرَتْ لِحَيْضٍ، وَنِفَاسٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ قُلْت: الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي تَرْجِيحِ قَضَائِهَا. (قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ) مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ النَّوَوِيُّ لَيْسَ تَابِعًا لِلرَّافِعِيِّ هُنَا لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْحَيْضِ يُمْكِنُ أَنْ يَخْلُوَ عَنْ الْأَثَانِينِ. اهـ. ح ل

. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ هُوَ إلَخْ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي انْعِقَادِ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي مَكْرُوهٍ مَعَ كَرَاهَةِ إفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا صَامَهُ نَفْلًا، فَإِنْ نَذَرَهُ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ، وَيُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ لَا نَفْسُ صَوْمِهِ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ إذَا كُرِهَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ قُلْنَا أَوَّلُ الْأُسْبُوعِ يَوْمُ الْأَحَدِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ. اهـ ح ل

. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) وَهَلْ يُثَابُ عَلَى الْجَمِيعِ ثَوَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>