كَمَا فِي الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ
(أَوْ) نَذَرَ (إهْدَاءَ شَيْءٍ) مِنْ نَعَمٍ أَوْ غَيْرِهَا وَعَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ أَوْ بَعْدَهُ (إلَى الْحَرَمِ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذَا الْبَعِيرَ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى مَكَّةَ (لَزِمَهُ حَمْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْحَرَمِ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ إلَى مَا عَيَّنَهُ مِنْهُ إنْ عَيَّنَ (إنْ سَهُلَ) عَمَلًا بِمَا الْتَزَمَهُ (وَ) لَزِمَهُ (صَرْفُهُ) بَعْدَ ذَبْحِ مَا يُذْبَحُ مِنْهُ (لِمَسَاكِينِهِ) الشَّامِلِينَ لِفُقَرَائِهِ وَاَلَّذِي يُذْبَحُ مِنْهُ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يُجْزِئُ فِيهَا كَظَبْيٍ وَصَغِيرٍ وَمَعِيبٍ تَصَدَّقَ بِهِ حَيًّا فَلَوْ ذَبَحَهُ تَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ وَغَرِمَ مَا نَقَصَ بِذَبْحِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْهُلْ حَمْلُهُ كَعَقَارٍ وَرَحًى فَيَلْزَمُهُ حَمْلُ ثَمَنِهِ إلَى الْحَرَمِ وَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ حَمْلِهِ أَيْضًا إمْكَانُ التَّعْمِيمِ بِهِ حَيْثُ وَجَبَ التَّعْمِيمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّعْمِيمُ بِهِ كَلُؤْلُؤٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْحَرَمِ وَمَحَلِّ النَّذْرِ سَوَاءً تَخَيَّرَ بَيْنَ حَمْلِهِ وَبَيْعِهِ بِالْحَرَمِ وَبَيْنَ حَمْلِ ثَمَنِهِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ تَعَيَّنَ وَقَوْلِي إنْ سَهُلَ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالشَّيْءِ وَبِالْحَرَمِ وَبِالْمَسَاكِينِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْهَدْيِ وَبِمَكَّةَ وَبِمَنْ بِهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا مَعَ مَا فِي قَوْلِهِ بِهَا مِنْ إيهَامِ غَيْرِ الْمُرَادِ
(أَوْ) نُذِرَ (تَصَدُّقًا) بِشَيْءٍ (عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ) صَرْفُهُ لِمَسَاكِينِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ الْحَرَمُ وَغَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَمَنْ نَذَرَ النَّحْرَ بِالْحَرَمِ لَزِمَهُ النَّحْرُ بِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ دُونَ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا صَلَّى بِالْإِيمَاءِ مَثَلًا لَا يُعِيدُ فَلَعَلَّ كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ خَاصٌّ بِالْمَنْعِ حَرِّرْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ) فَإِنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ فِعْلِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ، وَمَعَ ذَلِكَ يُعِيدُ ع ن
. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) مِمَّا يَصِحُّ التَّصَدُّقُ بِهِ لَا كَدُهْنٍ نَجَسٍ فَشَيْءٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَنْذُورِ أَيْ: مَا يَأْتِي بِهِ النَّاذِرُ فِي صِيغَتِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ: وَبَعْدَ إطْلَاقِهِ كَأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَعِيرًا، أَوْ شَاةً ثُمَّ عَيَّنَ كَأَنْ قَالَ: هَذَا، أَوْ هَذِهِ فَفِي هَذِهِ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَالَّتِي قَبْلَهَا، وَإِذَا ذَبَحَ لَا يَذْبَحُ، إلَّا الْمُجْزِئَ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ ح ل قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ: أَوْ بَعْدَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بَعْدَ النَّذْرِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُطْلَقِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ لِمَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً فَلَا يَصِحُّ تَعْيِينُ غَيْرِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ حَجّ قَالَ س ل: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي إهْدَاءِ شَيْءِ مَخْصُوصٍ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ كَأَنْ نَذَرَ إهْدَاءَ بَعِيرٍ، أَوْ شَاةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةٌ، وَأَمَّا مَا قَالَهُ فَهُوَ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ شَيْئًا أَيْ: وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا يُهْدِيهِ فَيَلْزَمُهُ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْمُعَيَّنِ فِي النَّذْرِ وَلَمْ يُمَثِّلْ لِلْمُعَيِّنِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ حَمْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ: إنْ كَانَ مِمَّا يُحْمَلُ وَلَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّهِ أَزْيَدُ قِيمَةً كَمَا يَأْتِي شَرْحُ م ر، وَعَلَيْهِ إطْعَامُهُ، وَمُؤَنُ حَمْلِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ بَعْضُهُ لِذَلِكَ حَجّ س ل. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ صَرْفُهُ لِمَسَاكِينِهِ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَبْحِ مَا يُذْبَحُ) أَيْ: وَقْتَ التَّضْحِيَةِ. (قَوْلُهُ: لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ: الْمُقِيمِينَ، وَالْمُسْتَوْطَنَيْنِ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: الْمُقِيمِينَ أَيْ: إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مُقَابَلَتُهُ بِالْمُسْتَوْطَنَيْنِ فَمِنْ نَحَرَ بِالْحَرَمِ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ لِلْحُجَّاجِ الَّذِينَ لَمْ يُقِيمُوا قَبْلَ عَرَفَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بِمَكَّةَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ تَرَخُّصُهُمْ، إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِمْ إلَى مَكَّةَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ مَا نَقَصَ بِذَبْحِهِ) وَيَدْفَعُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا مِنْ اللَّحْمِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَسْهُلْ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ أَصْلًا، أَوْ عَسُرَ، وَلِذَا مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ قَالَ س ل: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِجَمِيعِ ذَلِكَ هُوَ النَّاذِرُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِقَاضِي مَكَّةَ نَزْعُهَا مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَيَظْهَرُ تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهُ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي مُحَابَاتِهِ لِنَفْسِهِ، وَلِاتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فِي لُزُومِ حَمْلِهِ) أَيْ: الشَّيْءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَيْضًا فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَ قَوْلِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ حَمْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي مَفْهُومِ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَجَبَ التَّعْمِيمُ) بِأَنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ يَسْهُلُ عَدُّهُمْ عَلَى الْآحَادِ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ شَرْحُ م ر وَع ن. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْهَدْيِ) لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ يَلْزَمُهُ مَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً س ل. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْأَصْلُ بِالْهَدْيِ مَا يُهْدَى لَا الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ، وَهُوَ إهْدَاءُ شَيْءٍ مِنْ النَّعَمِ. (قَوْلُهُ: مِنْ إيهَامِ غَيْرِ الْمُرَادِ) لِشُمُولِهِ الْأَغْنِيَاءَ س ل
(قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ تَصَدُّقًا بِشَيْءٍ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ التَّصَدُّقِ مَا لَوْ نَوَى النَّاذِرُ اخْتِصَاصَ الْكَعْبَةِ بِالْمَنْذُورِ، فَإِنْ كَانَ شَمْعًا أَشْعَلَهُ فِيهَا، أَوْ دُهْنًا أَوْقَدَهُ فِي مَصَابِيحِهَا، أَوْ طِيبًا طَيَّبَهَا بِهِ ز ي. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ صَرْفُهُ) ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ وَجَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَشَرْطُهُمْ الْإِسْلَامَ؛ إذْ لَا يَجُوزُ صَرْفُ النَّذْرِ لِذِمِّيٍّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ كُفَّارًا لَغَا النَّذْرُ سم عَلَى حَجّ وَبِهِ صَرَّحَ م ر لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا مَرَّ عَنْ ع ش أَنَّ النَّذْرَ لِلذِّمِّيِّ يَنْعَقِدُ، وَيَجُوزُ صَرْفُهُ لِمُسْلِمٍ، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الذِّمِّيِّ الْوَاحِدِ، وَبَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْمَعْصِيَةِ فِي الثَّانِي أَظْهَرُ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْحَرَمُ، وَغَيْرُهُ) وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ أَيْ: الصَّوْمِ فِي الْحَرَمِ. اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ أَيْ: الصَّوْمِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّوْمَ يَزِيدُ ثَوَابُهُ فِي مَكَّةَ عَلَى ثَوَابِهِ فِي غَيْرِهَا، وَهَلْ يُضَاعَفُ الثَّوَابُ فِيهِ قَدْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute