للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إحْضَارِهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَإِلَّا لَاتَّخَذَ النَّاسُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ الْحُقُوقِ، أَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَلَا تُسْمَعُ الْحُجَّةُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي غَيْرِ عَمَلِ الْحَاكِمِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَيُكَاتِبَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ سَمِعَ حُجَّةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدَّمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ تُعَدْ) أَيْ: لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا (بَلْ يُخْبِرُهُ) بِالْحَالِ (وَيُمَكِّنُهُ مِنْ جَرْحٍ) لَهَا أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْجَرْحِ يَوْمَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ. .

(وَلَوْ سَمِعَهَا فَانْعَزَلَ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ عُزِلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ (فَوُلِّيَ) ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِقَبُولِهَا كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ (أُعِيدَتْ) وُجُوبًا لِبُطْلَانِ السَّمَاعِ الْأَوَّلِ بِالِانْعِزَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ عَنْ عَمَلِهِ ثُمَّ عَادَ أَوْ حَكَمَ بِقَبُولِ الْحُجَّةِ فَإِنَّ لَهُ الْحُكْمَ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ (وَلَوْ اُسْتُعْدِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى حَاضِرٍ) بِالْبَلَدِ أَيْ: طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي كَذِبَهُ (أَحْضَرَهُ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَرِيَ الْعَيْنِ وَحُضُورُهُ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُكْتَرِي كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (بِدَفْعِ خَتْمٍ) أَيْ: مَخْتُومٍ مِنْ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْمُدَّعِي يَعْرِضُهُ عَلَى الْخَصْمِ وَيَكُونُ نَقْشُ الْخَتْمِ: أَجِبْ الْقَاضِيَ فُلَانًا (فَإِنْ امْتَنَعَ بِلَا عُذْرٍ فَبِمُرَتَّبٍ لِذَلِكَ) مِنْ الْأَعْوَانِ بِبَابِ الْقَاضِي يُحْضِرُهُ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْمُرَتَّبِ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَ) إنْ امْتَنَعَ كَذَلِكَ فَبِ (أَعْوَانِ السُّلْطَانِ) يُحْضِرُهُ (وَيُعَزِّرُهُ) بِمَا يَرَاهُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَخَوْفِ ظَالِمٍ وَكُلُّ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ أَوْ بَعَثَ إلَيْهِ الْقَاضِي نَائِبَهُ فَإِنْ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى بَعَثَ الْقَاضِي إلَيْهِ مَنْ يُحَلِّفُهُ (أَوْ) عَلَى (غَائِبٍ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ فِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إحْضَارِهِ) أَيْ: بِنَفْسِهِ وَأَعْوَانِ السُّلْطَانِ ع ن (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِلْحَاجَةِ إلَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَالْغَائِبِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُخْبِرُهُ بِالْحَالِ) أَيْ: وُجُوبًا فَيَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَى إخْبَارِهِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ إلَخْ) الْمُقَابَلَةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حُجَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِذَا سَمِعَ حُجَّةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَسْتَعِدْهَا قَالَ م ر بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ مِنْ إبْدَاءِ قَادِحٍ أَوْ رَافِعٍ. (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ) أَيْ: مُعْتَمَدٌ عَلَى حُجَّتِهِ بِالْأَدَاءِ إلَخْ أَيْ: الَّتِي تَشْهَدُ بِأَدَاءِ الْمَالِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِأَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْمُدَّعِي فَسَقَةٌ يَوْمَ شَهَادَتِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تَمْضِ سَنَةٌ أَيْ: إذَا كَانَ مَعَهُ حُجَّةٌ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ بِالْجَرْحِ فَيُقِيمُهَا أَيْ: يُمَكِّنُهُ الْقَاضِي مِنْ إقَامَتِهَا. (قَوْلُهُ: مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ) وَهِيَ سَنَةٌ. .

. (قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ انْعَزَلَ يَشْمَلُ انْعِزَالَهُ بِنَفْسِهِ بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ فِسْقٍ وَعَزْلَهُ بِعَزْلِ مُوَلِّيهِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ قَاصِرٌ عَلَى الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِقَبُولِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَمِعَهَا فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ بِجَنْبِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَكَمَ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِقَبُولِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُسْتُعْدِيَ) قَالَ ز ي ثُمَّ اسْتَطْرَدَ لِذِكْرِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْبَابِ فَقَالَ وَلَوْ اُسْتُعْدِيَ اهـ وَفِي الْمُخْتَارِ يُقَالُ: اسْتَعْدَيْت الْأَمِيرَ عَلَى فُلَانٍ فَأَعْدَانِي أَيْ: اسْتَعَنْت بِهِ عَلَيْهِ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْعَدْوَى وَهُوَ الْمَعُونَةُ. (قَوْلُهُ كَذِبَهُ) أَيْ: الطَّالِبِ. (قَوْلُهُ: أَحْضَرَهُ وُجُوبًا) وَيُحْضِرُ الْمُسْلِمَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِيهَا إلَّا إذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ ز ي. (قَوْلُهُ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُكْتَرِي) بِأَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَالْأَوْجَهُ أَمْرُهُ بِالتَّوْكِيلِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِدَفْعِ خَتْمٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: مِمَّا يُعْتَادُ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ نَقْشُ الْخَتْمِ إلَخْ) قَالَ م ر وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا ثُمَّ هُجِرَ وَاعْتِيدَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْوَرَقِ وَهُوَ أَوْلَى اهـ قَالَ ع ش: وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ مَا فِي الطِّينِ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ ثُمَّ هُجِرَ ذَلِكَ وَاعْتَادَ الطَّلَبَ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ (قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ: مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ شَرْحُ م ر وَشَمِلَ نَحْوَ أَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْعُذْرُ كَالْمَرَضِ وَحَبْسِ الظَّالِمِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَقَيَّدَ غَيْرُهُ الْمَرَضَ الَّذِي يُعْذَرُ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَسُوغُ بِمِثْلِهِ شَهَادَةُ الْفَرْعِ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَبِمُرَتَّبٍ) قَالَ م ر وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالرَّسُولِ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ) يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ: بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي فَلَا تُخَالِفُ م ر وز ي وس ل (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى التَّخْيِيرِ مُؤْنَتُهُ أَيْ: الْمُرَتَّبِ إلَخْ قَالَ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: وَمُؤْنَتُهُ أَيْ: الْمُرَتَّبِ عَلَى الطَّالِبِ حَيْثُ ذَهَبَ بِهِ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ الْفَرْضُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّرْتِيبِ فَإِنْ ذَهَبَ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِتَعَدِّيهِ بِامْتِنَاعِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّرْتِيبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّرْتِيبِ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الطَّالِبِ عَلَى قَوْلِ التَّخْيِيرِ وَعَلَى الْمُمْتَنِعِ عَلَى قَوْلِ التَّرْتِيبِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُؤْنَةُ) أَيْ: أُجْرَةُ الْمُعَيَّنِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا م ر فَإِنْ اخْتَفَى نُودِيَ عَلَى بَابِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سُمِّرَ بَابُهُ وَخُتِمَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ سُمِّرَ وَخُتِمَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا دَارُهُ وَإِنْ عُرِفَ مَوْضِعُهُ بَعَثَ الْقَاضِي نِسْوَةً وَخُصْيَانًا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ فَإِنْ امْتَنَعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالطَّلَبِ أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ شَاهِدَيْنِ بِامْتِنَاعِهِ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بَعَثَ إلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لِيُحْضِرَهُ. اهـ. ز ي وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>