وَخَرَجَ بِظَاهِرٍ الْكَافِرُ الْمُسِرُّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ لِلتُّهْمَةِ وَبِالْمُعَادَةِ غَيْرِهَا فَتُقْبَلُ مِنْ الْجَمِيعِ (وَإِنَّمَا يُقْبَلُ غَيْرُهَا) أَيْ: غَيْرُ الْمُعَادَةِ (مِنْ فَاسِقٍ أَوْ خَارِمِ مُرُوءَةٍ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (بَعْدَ تَوْبَتِهِ وَهِيَ نَدَمٌ) عَلَى الْمَحْذُورِ (بِ) شَرْطِ (إقْلَاعٍ) عَنْهُ (وَعَزْمٍ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهِ (وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ فَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّهَا وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيُمَكِّنُ مُسْتَحِقَّ الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ يُبْرِئُهُ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ وَمَا هُوَ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ إنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقَرِّبَهُ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السِّتْرُ فَيَأْتِي الْحَاكِمَ وَيُقَرِّبُهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ (وَ) بِشَرْطِ (قَوْلٍ فِي) مَحْذُورٍ (قَوْلِيٍّ) لِتُقْبَلَ شَهَادَتُهُ (كَقَوْلِهِ:) فِي الْقَذْفِ (قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ) عَلَيْهِ وَلَا أَعُودُ إلَيْهِ (وَ) بِشَرْطِ (اسْتِبْرَاءِ سَنَةٍ فِي) مَحْذُورٍ (فِعْلِيٍّ وَشَهَادَةِ زُورٍ وَقَذْفِ إيذَاءٍ) ؛ لِأَنَّ لِمُضِيِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي تَهْيِيجِ النُّفُوسِ؛ لِمَا تَشْتَهِيهِ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى السَّلَامَةِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ السَّرِيرَةِ وَمَحَلُّهُ فِي الْفَاسِقِ إذَا أَظْهَرَ فِسْقَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
؛ لِأَنَّ رَدَّهُ أَظْهَرَ نَحْوَ فِسْقِهِ الَّذِي كَانَ يُخِيفُهُ فَهُوَ مُتَّهَمٌ بِسَعْيِهِ فِي رَدِّ ذَلِكَ الْعَارِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يُصْغِ الْحَاكِمُ لِشَهَادَتِهِ قُبِلَتْ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ م ر (قَوْلُهُ الْكَافِرِ الْمُسِرُّ) أَيْ: الَّذِي شَهِدَ حَالَ كُفْرِهِ الَّذِي يُسِرُّهُ فَرُدَّ لِأَجْلِهِ فَرَدُّهُ يُكْسِبُهُ الْعَارَ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَظَاهِرًا بِالْإِسْلَامِ فَلَمَّا رُدَّ لِلْكُفْرِ الْخَفِيِّ ظَهَرَ كُفْرُهُ فَيُعَيَّرُ بِهِ فَإِذَا حَسُنَ إسْلَامُهُ فَشَهِدَ ثَانِيًا فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِ الْعَارِ الْحَاصِلِ مِنْ الرَّدِّ الْأَوَّلِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ: فِي الْكَافِرِ الْمُسِرِّ أَيْ: إذَا تَحَمَّلَهَا فِي حَالِ كُفْرِهِ وَأَدَّاهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ شَهِدَ قَبْلَ ذَلِكَ وَالسَّيِّدُ إذَا شَهِدَ لِعَبْدِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ شَهَادَةً مُبْتَدَأَةً وَالْعَدُوُّ وَالْفَاسِقُ وَمُرْتَكِبُ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ إذَا أَدَّوْهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ وَكَانَتْ مُبْتَدَأَةً لَا مُعَادَةً. (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَوْبَتِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ارْتِكَابَ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ يَحْتَاجُ إلَى تَوْبَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُ ذَنْبًا وَأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْهُ كَالتَّوْبَةِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فِي الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَيَكُونُ أَرَادَ بِالتَّوْبَةِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْعِيَّةَ وَاللُّغَوِيَّةَ وَهِيَ الرُّجُوعُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ شَرْطِ إقْلَاعٍ) الْإِقْلَاعُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَالِ وَالنَّدَمُ بِالْمَاضِي وَالْعَزْمُ بِالْمُسْتَقْبَلِ ز ي. (قَوْلُهُ وَعَزْمٍ) إنْ قُرِئَ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ بِالْجَرِّ اقْتَضَى أَنَّ التَّوْبَةَ هِيَ النَّدَمُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى النَّدَمِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ وَهِيَ النَّدَمُ أَيْ: مُعْظَمُ أَرْكَانِهَا النَّدَمُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَطَّرِدُ فِي كُلِّ تَوْبَةٍ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ مُعْتَبَرَةٌ أَيْضًا فِي التَّوْبَةِ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ. (قَوْلُهُ وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةٍ) شَرْحُ م ر فِي الدُّخُولِ عَلَى هَذَا، ثُمَّ صَرَّحَ بِمَا يُفْهِمُهُ الْإِقْلَاعُ لِلِاعْتِنَاءِ بِهِ فَقَالَ: وَرَدُّ ظُلَامَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا بَلَغَتْ الْغِيبَةُ الْمُغْتَابَ اُشْتُرِطَ اسْتِحْلَالُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ لِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسَّرَ لِغَيْبَتِهِ الطَّوِيلَةِ اسْتَغْفَرَ لَهُ وَلَا أَثَرَ لِتَحْلِيلِ وَارِثٍ وَلَا مَعَ جَهْلِ الْمُغْتَابِ بِمَا حَلَّلَ مِنْهُ، أَمَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْهُ فَيَكْفِي فِيهَا النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ، وَكَذَا يَكْفِي النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الْحَسَدِ، وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ دَيْنٌ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَارِثُهُ كَانَ الْمُطَالِبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ هُوَ دُونَ الْوَارِثِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحِقُّ مَوْجُودًا أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ سَلَّمَهُ إلَى قَاضٍ أَمِينٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَنَوَى الْغُرْمَ لَهُ إنْ وَجَدَهُ أَوْ يَتْرُكُهُ عِنْدَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّصَدُّقُ بِهِ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا وَالْمُعْسِرُ يَنْوِي الْغُرْمَ إذَا قَدَرَ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ لِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِهِ لِتَصِحَّ تَوْبَتُهُ فَإِنْ مَاتَ مُعْسِرًا طُولِبَ فِي الْآخِرَةِ إنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِيهَا، وَالرَّجَاءُ فِي اللَّهِ تَعْوِيضَ الْخَصْمِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ قَوْلٍ) اُنْظُرْ هَذَا الْقَوْلُ يَكُونُ فِي أَيِّ زَمَنٍ، وَيُقَالُ لِمَنْ؟ حَرَّرَهُ شَوْبَرِيٌّ وَفِي الزَّوَاجِرِ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسْتَحِلِّ مِنْهُ كَالْمَقْذُوفِ اهـ قَالَ سم وَلَوْ اغْتَابَ إنْسَانٌ إنْسَانًا فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ كَفَاهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَإِنْ اسْتَغْفَرَ، ثُمَّ بَلَغَتْهُ فَهَلْ يَكْفِيهِ الِاسْتِغْفَارُ أَمْ لَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَكْفِي اهـ.
(قَوْلُهُ: لِتُقْبَلَ شَهَادَتُهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ شَرْطَانِ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ لَا فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ إذْ تَصِحُّ بِدُونِهِمَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّرَ لِلْمُضَافِ لَفْظَ بَعْدَ بِأَنْ يَقُولَ وَبَعْدَ قَوْلٍ فِي مَحْذُورٍ إلَخْ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى تَوْبَةٍ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى إقْلَاعٍ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ شَرْطٌ لِلتَّوْبَةِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ لِتُقْبَلَ إلَخْ هَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَعِبَارَةُ سم وَاشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي الْقَوْلِيَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فِي الْفِعْلِيَّةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا ذُكِرَ هُوَ فِي التَّوْبَةِ الَّتِي تَعُودُ بِهَا الْوَلَايَاتُ وَقَبُولُ الشَّهَادَةِ، أَمَّا التَّوْبَةُ الْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَهُوَ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْبَعْضُ وَكَلَامُ الزَّوَاجِرِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ اسْتِبْرَاءِ) وَجْهُ ذَلِكَ التَّحْذِيرِ مِنْ أَنْ يَتَّخِذَ الْفُسَّاقُ مُجَرَّدَ التَّوْبَةِ ذَرِيعَةً إلَى تَرْوِيجِ أَقْوَالِهِمْ عَمِيرَةُ سم.
(قَوْلُهُ: سَنَةٍ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ لَا تَحْدِيدِيَّةٌ فَيُغْتَفَرُ مِثْلُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِي مَحْذُورٍ فِعْلِيٍّ) أَيْ: مَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ كَأَنْ فَعَلَ مَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَمِثْلُ الْفِعْلِيِّ الْعَدَاوَةُ ح ل أَيْ: فَلَا بُدَّ لِخَارِمِ الْمُرُوءَةِ مِنْ اسْتِبْرَاءِ سَنَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute