(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ لَوْ (ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ اثْنَيْنِ (شَيْئًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ وَهُوَ بِيَدِ ثَالِثٍ سَقَطَتَا) لِتَنَاقُضِ مُوجِبِهِمَا فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا عُمِلَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ (أَوْ بِيَدِهِمَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ فَهُوَ لَهُمَا) إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِي وَظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مُقِيمَ الْبَيِّنَةِ أَوَّلًا فِي الْأُولَى يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا لِلنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ لِتَقَعَ بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ (أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا) وَيُسَمَّى الدَّاخِلَ (رَجَحَتْ بَيِّنَتُهُ) وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا أَوْ كَانَتْ شَاهِدًا وَيَمِينًا وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ شَاهِدَيْنِ أَوْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ تَرْجِيحًا لِبَيِّنَتِهِ بِيَدِهِ هَذَا (إنْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ) وَلَوْ قَبْلَ تَعْدِيلِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْمَعُ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً
(وَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ بِبَيِّنَةٍ وَأَسْنَدَتْ بَيِّنَتُهُ) الْمِلْكَ (إلَى مَا قَبْلَ إزَالَةِ يَدِهِ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَتِهَا) فَإِنَّهَا تُرَجَّحُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ إنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ وَقَدْ ظَهَرَتْ فَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ.
بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَسْنُدْ بَيِّنَتُهُ إلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْتَذِرْ بِمَا ذُكِرَ فَلَا تُرَجَّحُ، لِأَنَّهُ الْآنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ وَاشْتِرَاطُ الِاعْتِذَارِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْعُذْرُ إنَّمَا يُطْلَبُ إذَا ظَهَرَ مِنْ صَاحِبِهِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ وَلِهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْحَاوِي. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِطَ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ صَاحِبِهِ مَا يُخَالِفُهُ لِتَقَدُّمِ الْحُكْمِ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ فَاحْتِيطَ بِذَلِكَ لِيَسْهُلَ نَقْضُ الْحُكْمِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ ثَمَّ (لَكِنْ لَوْ قَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْك) أَوْ غَصَبْته أَوْ اسْتَعَرْته أَوْ اكْتَرَيْته مِنِّي (فَقَالَ) الدَّاخِلُ (بَلْ) هُوَ (مِلْكِي) وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
(فَصْلٌ: فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِيَدِ ثَالِثٍ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِ ثَالِثٍ أَوْ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ. (قَوْلُهُ: سَقَطَتَا) سَوَاءٌ كَانَتَا مُطْلَقَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةٌ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِتَنَاقُضِ مُوجِبِهِمَا) وَهُوَ الْمِلْكُ س ل وَعِبَارَةُ م ر لِتَعَارُضِهِمَا وَلَا مُرَجِّحَ فَأَشْبَهَا الدَّلِيلَيْنِ إذَا تَعَارَضَا بِلَا تَرْجِيحٍ. (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ) فَتَرْجُحُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ س ل (قَوْلُهُ: أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِعَقَارٍ أَوْ مَتَاعٍ مُلْقًى فِي طَرِيقٍ وَلَيْسَ الْمُدَّعِيَانِ عِنْدَهُ سم ز ي (قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ هَذَا إنْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ. (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ كَمَا فِي ز ي. (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ الْجَمِيعُ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ) أَيْ الَّذِي صَارَ خَارِجًا بِإِقَامَةِ الْأَوَّلِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ انْتَزَعَهَا مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ فَإِذَا أَقَامَ هَذَا الْخَارِجُ بَيِّنَةً احْتَاجَ الدَّاخِلُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ ثَانِيًا لِتَكُونَ بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: رَجَحَتْ بَيِّنَتُهُ) سَوَاءٌ شَهِدْت بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُسْنِدْ انْتِقَالَ الْمِلْكِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجُ إنْ كَانَتْ أَسْبَقَ تَارِيخًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُوتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهَا وَاعْتَمَدَهُ الشِّهَابُ م ر. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر.
وَمَحَلُّ تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ إذَا لَمْ تُسْنَدْ تُلْقِي الْمِلْكَ عَنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ تُسْنَدُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ تُلْقِيهِ عَنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَيْنِهِ وَيَكُونُ تَارِيخُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ أَسْبَقَ، وَإِلَّا رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ كَافِيَةً) أَيْ وَهِيَ كَافِيَةٌ مَا دَامَ الْخَارِجُ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَبْدُ الْبَرِّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ) أَيْ الدَّاخِلِ وَهُوَ غَايَةٌ لِقَوْلِهِ رَجَحَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ أَيْ بِسَبَبِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَقَامَهَا الْخَارِجُ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْخَارِجُ أَخَذَهَا مِنْ الدَّاخِلِ بِبَيِّنَتِهِ الَّتِي أَقَامَهَا قَبْلَ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ.
وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ أُزِيلَتْ أَيْ حِسًّا بِأَنْ سَلَّمَ الْمَالَ لِخَصْمِهِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ فَقَطْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَذَرَ بِغِيبَتِهَا) لَيْسَ قَيْدًا (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِغِيبَةِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَالْعُذْرُ) تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ إذْ الْعُذْرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ) كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذَا بِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ ثُمَّ قَالَ غَلِطْت مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ إلَى آخَرَ وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ ع ش فَقَوْلُهُ: غَلَطْت إلَخْ هَذَا هُوَ الْعُذْرُ (قَوْلُهُ: فَاحْتِيطَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالِاعْتِذَارِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَرَّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَيْ بِخِلَافِ الْمُرَابَحَةِ فَإِنَّهُ أَيْ الِاعْتِذَارَ شَرْطٌ فِيهَا كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْمُرَابَحَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ صَاحِبِهِمَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ الْحُكْمُ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: اشْتَرَيْتُهُ) بِضَمِّ التَّاء لِلْمُتَكَلِّمِ وَقَوْلُهُ ولُهُ: أَوْ غَصَبْتَهُ إلَخْ بِفَتْحِهَا لِلْمُخَاطَبِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي أَمْتِعَةِ دَارٍ وَلَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ فَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى شَيْءٍ فَلَهُ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ وَاخْتِلَافُ وَارِثَيْهِمَا أَوْ وَرَثَةِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ رُ كَذَلِكَ. اهـ. وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ كَسَيْفٍ وَمِنْطَقَةٍ أَوْ لِلزَّوْجَةِ كَحُلِيٍّ وَغَزْلٍ أَوْ لَهُمَا كَدَرَاهِمَ أَوْ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَمُصْحَفٍ وَهُمَا أُمِّيَّانِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ كَوْنُ الدَّارِ لِأَحَدِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ ع ش عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ م ر فِي الشَّرْحِ فِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ سَاكِنَةً مَعَهُ فِي الدَّارِ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي نِصْفِ الْأَعْيَانِ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا مَعَهُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا صَلَحَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِكِلَيْهِمَا.
وَقَوْلُهُ: فِي نِصْفِ الْأَعْيَانِ أَيْ الَّتِي فِي الدَّارِ بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهَا كَخَلْخَالٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِي يَدِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute