وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] فُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي فِي صَحِيحَةٍ الْفَاسِدَةُ فَلَا شَيْءَ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ الْإِيتَاءِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَةٍ (وَالْحَطُّ) أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْحَطِّ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ وَهِيَ مُحَقَّقَةٌ فِيهِ مَوْهُومَةٌ فِي الدَّفْعِ إذْ قَدْ يُصْرَفُ الْمَدْفُوعُ فِي جِهَةٍ أُخْرَى (وَكَوْنُ كُلٍّ) مِنْ الْحَطِّ وَالدَّفْعِ (فِي) النَّجْمِ (الْأَخِيرِ) أَوْلَى مِنْهُ فِيمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ (وَ) كَوْنُهُ (رُبْعًا) مِنْ النُّجُومِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ (فَ) إنْ لَمْ تَسْمَحْ بِهِ نَفْسُهُ فَكَوْنُهُ (سُبْعًا أَوْلَى) رَوَى حَطَّ الرُّبْعِ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ وَحَطَّ السُّبْعِ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
(وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (تَمَتُّعٌ بِمُكَاتَبَتِهِ) لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ فِيهَا، وَاقْتِصَارُ الْأَصْلِ هُنَا عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ يُفْهِمُ حِلَّ غَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا (وَيَجِبُ بِوَطْئِهِ) لَهَا (مَهْرٌ) لَهَا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (لَا حَدَّ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَالْوَلَدُ) مِنْهُ (حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ (وَلَا تَجِبُ) عَلَيْهِ (قِيمَتُهُ) لِانْعِقَادِهِ حُرًّا (وَصَارَتْ) بِالْوَلَدِ (مُسْتَوْلَدَةً مُكَاتَبَةً) فَإِنْ عَجَزَتْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ (وَوَلَدُهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ (الرَّقِيقُ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (الْحَادِثُ) بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَلَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَهَا (يَتْبَعُهَا رِقًّا وَعِتْقًا) بِالْكِتَابَةِ كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْتِزَامٌ بَلْ لِلسَّيِّدِ مُكَاتَبَتُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ ذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّهُ مُكَاتَبٌ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ كِتَابَةٌ تَبَعِيَّةٌ لَا اسْتِقْلَالِيَّةٌ وَمِنْ ثَمَّ تَرَكْت ذَلِكَ (وَالْحَقُّ) أَيْ حَقُّ الْمِلْكِ (فِيهِ لِلسَّيِّدِ فَلَوْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لَهُ وَيُمَوِّنُهُ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَكَسْبُهُ وَمَهْرُهُ وَمَا فَضَلَ وَقْفٌ فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ) كَمَا فِي الْأُمِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (وَلَا يُعْتَقُ شَيْءٌ مِنْ مُكَاتَبٍ إلَّا بِأَدَاءِ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ النُّجُومِ لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» .
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِرِضَا الْمُكَاتَبِ ح ل فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ غَيْرِ الْجِنْسِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ أَخْذِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَقَبْلَ دَفْعِ مَا ذَكَرَ لَزِمَ الْوَرَثَةَ دَفْعُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَالُ الْكِتَابَةِ بَاقِيًا أَخَذَ مِنْهُ الْوَاجِبَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي عَيْنِهِ وَلَا يُزَاحِمُهُ أَصْحَابُ الدُّيُونِ سم وز ي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ عَيْنِهَا.
(قَوْلُهُ: فُسِّرَ الْإِيتَاءُ. . . إلَخْ) أَيْ إنَّمَا فُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِمَا يَشْمَلُ الْحَطَّ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ رُبْعًا فَسُبْعًا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسَدٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالَ: فَأَتَيْته بِمُكَاتَبَتِي أَيْ بِالنُّجُومِ فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ز ي وَفِيهِ أَنَّ بَيْنَهُمَا الْخُمُسَ أَيْضًا فَانْظُرْ هَلْ رُوِيَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ اقْتِدَاءً بِابْنِ عُمَرَ وَقَالَ الْمَحَلِّيُّ رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَوَضَعَ مِنْهَا خَمْسَةً وَذَلِكَ فِي آخِرِ نُجُومِهِ وَالْخَمْسَةُ سُبْعُ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ.
(قَوْلُهُ: تَمَتُّعٌ) دَخَلَ فِيهِ النَّظَرُ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ حِلُّهُ بِلَا شَهْوَةٍ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَإِطْلَاقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فَصَّلَهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ ز ي (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لَهَا مَهْرٌ) وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ إلَّا إذَا وَطِئَ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَهْرِ كَمَا تَقَدَّمَ ز ي وع ش (قَوْلُهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ إذَا طَاوَعَتْهُ كَانَتْ زَانِيَةً فَكَيْفَ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَهَا شُبْهَةً دَافِعَةً لَهُ وَهِيَ الْمِلْكُ فَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَا حَدَّ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَاعْتَقَدَهُ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ مَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ ز ي وم ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ قِيمَتُهُ) أَيْ لِأُمِّهِ.
(قَوْلُهُ: مُكَاتَبَةً) أَيْ مُسْتَمِرَّةً عَلَى كِتَابَتِهَا وَإِلَّا فَالْكِتَابَةُ ثَابِتَةٌ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ كَالْمُحَرَّرِ وَهِيَ مُسْتَوْلَدَةٌ مُكَاتَبَةٌ كَانَ أَظْهَرَ سم ز ي (قَوْلُهُ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) وَعَتَقَ مَعَهَا أَيْضًا أَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ز ي (قَوْلُهُ: الْحَادِثُ) أَيْ الْمُنْفَصِلُ ح ل أَيْ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ وَلَوْ حَمَلَتْ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْكِتَابَةِ) بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْكِتَابَةِ ز ي وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وَلَدِهَا فَقَالَ السَّيِّدُ: وَلَدْتِيهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ رَقِيقٌ وَقَالَتْ: بَلْ بَعْدَهَا وَالزَّمَنُ مُحْتَمَلٌ صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ أَوْ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتَا سم (قَوْلُهُ: وَعَتَقَا بِالْكِتَابَةِ) خَرَجَ الْكِتَابَةُ مَا لَوْ رَقَّتْ الْمُكَاتَبَةُ، ثُمَّ عَتَقَتْ بِجِهَةٍ أُخْرَى فَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا ز ي (قَوْلُهُ: مُكَاتَبَتُهُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَقَبْلَ عِتْقِ أُمِّهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ تَعْجِيزِهَا وَإِذَا كَاتَبَهُ عَتَقَ بِالْأَسْبَقِ مِنْ أَدَائِهِ وَأَدَاءِ أُمِّهِ كَمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَإِنَّمَا كَانَ لِلسَّيِّدِ مُكَاتَبَتُهُ مَعَ أَنَّهُ مُكَاتَبٌ (قَوْلُهُ: تَرَكْت ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ مُكَاتَبٌ (قَوْلُهُ: لِلسَّيِّدِ) أَيْ لَا لِلْأُمِّ وَفِي قَوْلٍ الْحَقُّ لَهَا أَيْ لِلْأُمِّ الْمُكَاتَبَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَقِيمَتُهُ لَهُ) أَيْ إنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِي الْوَلَدِ، لَهُ فَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِي الْوَلَدِ لِأُمِّهِ فَهِيَ لَهَا تَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى كِتَابَتِهَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ. . . إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَرْشِ وَمَا بَعْدَهُ فَهَلْ يَمُونُهُ السَّيِّدُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يُمَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقِ ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَنَّ السَّيِّدَ يُمَوِّنُهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْأُمِّ) أَيْ أُمِّ هَذَا الْوَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لَا كِتَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُمِّ حَتَّى يَقِيسَ عَلَيْهَا فَلَعَلَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ قُتِلَ. . . إلَخْ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا عَدَا الْمُؤْنَةَ وَأَمَّا الْمُؤْنَةُ فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي كَوْنِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute