قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّه هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتِ لِلَّهِ» إلَى آخِرِهِ، وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ فِي الْجُلُوسِ آخِرَ الصَّلَاةِ لِمَا يَأْتِي وَهُوَ مَحَلُّهُ فَيَتْبَعُهُ فِي الْوُجُوبِ وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلسَّلَامِ وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّشَهُّدِ ثَابِتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٥٦] وَبِالْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَأُولَى أَحْوَالِ وُجُوبِهَا الصَّلَاةُ قَالُوا، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ خَارِجَهَا وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ أَوْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَجْمُوعِ وَأَيْضًا مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّلَامَ يَعْقُبُ قُعُودَهُ مَعَ أَنَّهُ يُقَارِنُهُ وَأَيْضًا يَصِيرُ الْمَعْنَى فِي الْمَفْهُومِ وَإِلَّا يَعْقُبُ قُعُودَ السَّلَامِ سَلَامٌ فَسُنَّةٌ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يُعْقَلُ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ إنْ عَقَبَهُمَا أَيْ: التَّشَهُّدَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ عَقَبَهَا أَيْ: الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ لَا الْمَذْكُورَاتِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الرَّكَاكَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: كُنَّا نَقُولُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِتَوْقِيفٍ أَوْ اجْتِهَادٍ مِنْهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ لَكِنْ نَهْىُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَا تَقُولُوا إلَخْ رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَهُ مِنْ غَيْرِ تَشْرِيعٍ تَأَمَّلْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ: كُنَّا نَقُولُ أَيْ: فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ بَعْدُ، وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ إلَخْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَهُوَ مَحَلُّهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ وَلَكِنْ قُولُوا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْحَدِيثِ تَأَخُّرُ فَرْضِ التَّشَهُّدِ عَنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَصَلَاةُ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ هَلْ كَانَ الْجُلُوسُ الْأَخِيرُ فِيهَا مُسْتَحَبًّا أَوْ وَاجِبًا بِغَيْرِ ذِكْرٍ؟ م ر ز ي وَفُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ فَرْضٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَوَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُنَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ) أَيْ: كُنَّا نَقُولُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ نَقُولَ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ
فَقَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ بَيَانٌ لِعِبَادِهِ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّمُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِعِبَادِهِ لَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ هَذِهِ الْعِبَارَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى فُلَانٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ كَإِسْرَافِيلَ ح ل وَنُقِلَ عَنْ ع ش أَنَّهُمْ كَانُوا يَذْكُرُونَ بَعْضَ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْضًا وَمَعْنَى السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ طَلَبُ سَلَامَتِهِ مِنْ النَّقَائِصِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ أَيْ: لِأَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَوْ مَعْنَى السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ السَّلَامُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَيْ: رَحْمَةُ السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ: بِالْفَرْضِ الَّذِي أَفَادَهُ الْحَدِيثُ ع ش. (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لَا فِي الْأَوَّلِ لِمَا يَأْتِي وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْجُلُوسُ الْأَخِيرُ. (قَوْلُهُ: فَيَتْبَعُهُ) أَيْ: يَتْبَعُ الْجُلُوسَ التَّشَهُّدُ فِي الْوُجُوبِ قَالَ ع ش لَا يَلْزَمُ مِنْ تَبَعِيَّتِهِ لَهُ فِي الْوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ رُكْنًا مُسْتَقِلًّا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُرِعَ لِلِاعْتِدَادِ بِالتَّشَهُّدِ فَمُجَرَّدُ مَا ذُكِرَ لَا يَثْبُتُ الْمَطْلُوبُ مِنْ كَوْنِهِ رُكْنًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وُجُوبُهُ اسْتِقْلَالًا أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ وَجَبَ الْجُلُوسُ بِقَدْرِهِ إذْ لَوْ كَانَ وُجُوبُهُ لِلتَّشَهُّدِ لَسَقَطَ بِسُقُوطِهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الدَّلِيلُ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مُطْلَقِ الْوُجُوبِ وَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُوبِهَا فِي الصَّلَاةِ بِحَدِيثِ «أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا؟ فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ» وَالْأَوْلَى أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَوْنِهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ " يَتَشَهَّدُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي شَرْحِهِ وَإِنَّمَا كَانَ بِالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُوبِهَا فِي الصَّلَاةِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَوْلَى إلَخْ لَا يُنْتِجُ وُجُوبَ كَوْنِهَا فِي الصَّلَاةِ وَعِلَّتَهُ أَيْضًا، وَهِيَ قَالُوا وَقَدْ أَجْمَعُوا لَا تُنْتِجُهُ أَيْضًا وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْمُنَاسِبُ إلَخْ لَا يُنْتِجُ كَوْنُهَا فِي التَّشَهُّدِ وَإِنَّمَا كَانَ مُنَاسِبًا لِانْضِمَامِهَا لِلسَّلَامِ وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ قَوْلُهُ: وَأَوْلَى أَحْوَالُ وُجُوبِهَا الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ وَهَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا إذَا صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا أَمَّا عَلَيْهَا فَلَا لِانْصِرَافِهَا لِلصَّلَاةِ مَنْطُوقًا اهـ. (قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ) أَيْ: لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ ز ي.
(قَوْلُهُ: قَالُوا إلَخْ) صِيغَةُ تَبَرٍّ وَسَبَبُهُ قَوْلُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ قَوْلُهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ خَارِجَهَا إنْ أَرَادُوا عَيْنًا فَصَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يَنْتَجُ وُجُوبُهَا عَيْنًا فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ أَرَادُوا أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْوُجُوبُ الْمُطْلَقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute