للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ. فَإِنْ قُلْت: طَهُورٌ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ بِوَزْنِ فَعُولٍ؛ فَيَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ. قُلْت فَعُولٌ يَأْتِي اسْمًا لِلْآلَةِ كَسَحُورٍ لِمَا يُتَسَحَّرُ بِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَهُورٌ كَذَلِكَ وَلَوْ سَلِمَ اقْتِضَاؤُهُ التَّكَرُّرَ فَالْمُرَادُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ثُبُوتُ ذَلِكَ لِجِنْسِ الْمَاءِ أَوْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ، وَالْمُسْتَعْمَلُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ تَعَبُّدًا فَهُوَ مُسْتَثْنَى مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَثِمَ بِتَرْكِهِ، أَمْ لَا عِبَادَةً كَانَ أَمْ لَا فَيَشْمَلُ مَا تَوَضَّأَ بِهِ الصَّبِيُّ وَمَا اغْتَسَلَتْ بِهِ الذِّمِّيَّةُ لِتَحِلَّ لِحَلِيلِهَا الْمُسْلِمِ أَمَّا إذَا كَثُرَ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِأَنْ جُمِعَ حَتَّى كَثُرَ فَمُطَهِّرٌ وَإِنْ قَلَّ بَعْدَ تَفْرِيقِهِ لِأَنَّ الطَّاهِرِيَّةَ إذَا عَادَتْ بِالْكَثْرَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَبِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَصِرُونَ فِي أَسْفَارِهِمْ الْقَلِيلَةِ الْمَاءِ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْحَفْنَاوِيُّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ) أَيْ: مَعَ ضَعْفِهِ بِالْقِلَّةِ وَلَا فَالْكَثِيرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى الْمَتْنِ أَوْ عَلَى الدَّلِيلِ، وَالتَّعْلِيلُ عَلَى وَجْهِ الْمُعَارَضَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ فَيَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ) لِأَنَّهُ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ فَيَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ أَيْ: حَتَّى الْقَلِيلِ مَعَ أَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ أَوَّلِ طَهَارَةٍ بِهِ مُسْتَعْمَلًا وَلَا يَجُوزُ التَّطْهِيرُ بِهِ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ قُلْت فَعُولٌ يَأْتِي اسْمًا لِلْآلَةِ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمٌ أَنَّ طَهُورًا يَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ وَهُوَ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ مِنْ مُطَهِّرٍ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنْ طَاهِرٍ لَا مِنْ مُطَهِّرٍ فَمَعْنَاهُ تَكَرُّرُ الطَّاهِرِيَّةِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِتَكَرُّرِهَا مَعْنًى حُمِلَ مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ عَلَى أَنَّهُ مُطَهِّرٌ غَيْرَهُ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ) أَيْ: جِنْسِ الْأَدِلَّةِ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدِ فَمَا فَوْقَ وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ إلَخْ وقَوْله تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨] فَالْأَوَّلُ: لَا يَقْتَضِي التَّكَرُّرَ، وَالثَّانِي: يَقْتَضِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ دَلِيلٌ هُوَ أَيْضًا لَا يَقْتَضِي التَّكَرُّرَ. (قَوْلُهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ: فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِلتَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ. ح ل (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ مَا تَوَضَّأَ بِهِ الصَّبِيُّ) وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ بِأَنْ وَضَّأَهُ بِهِ وَلِيُّهُ لِيَطُوفَ بِهِ، وَهَذَا دَخَلَ بِقَوْلِهِ أَمْ لَا الْأُولَى فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَمَاءُ وُضُوءِ الصَّبِيِّ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ مَاءُ وُضُوءِ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَضَّأَهُ وَلِيُّهُ فِي الْحَجِّ لِلطَّوَافِ قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَلَهُ إذَا مَيَّزَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي ع ش أَنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُدَّ بِوُضُوءِ وَلِيِّهِ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَنَظِيرُهُ مَا قِيلَ فِي زَوْجِ الْمَجْنُونَةِ إذَا غَسَلَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ دَمِ الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهَا إذَا أَفَاقَتْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ الْغُسْلِ. اهـ وَقَوْلُهُ وَمَا اغْتَسَلَتْ بِهِ الذِّمِّيَّةُ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَهَذَا دَخَلَ بِقَوْلِهِ أَمْ لَا الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ غُسْلَهَا لَيْسَ عِبَادَةً، وَنِيَّتَهَا لِلتَّمْيِيزِ فَلَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ أَحَدُ أُصُولِهَا وَزَوْجُهَا كَافِرٌ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ بَطَلَ غُسْلُهَا وَحِينَئِذٍ يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا: غُسْلٌ صَحِيحٌ يَبْطُلُ بِكَلَامِ الْمُغْتَسِلِ أَوْ كَلَامِ غَيْرِهِ.

ح ل (قَوْلُهُ لِحَلِيلِهَا) أَيْ: الَّذِي يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ الْحِلِّ عَلَيْهِ. حَجّ فَيَخْرُجُ الْحَنَفِيُّ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ الْحِلِّ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الِانْقِطَاعِ فَقَطْ فَلَا يَكُونُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا ح ل وَقَالَ س ح: لَوْ اغْتَسَلَتْ حَنَفِيَّةٌ لِتَحِلَّ لِزَوْجِهَا الْحَنَفِيِّ فَمَاءُ غُسْلِهَا غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ عِنْدَهُمَا فَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا شَافِعِيًّا، وَاغْتَسَلَتْ لِتَحِلَّ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَاؤُهَا مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا لَيْسَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ شَافِعِيَّةً، وَزَوْجُهَا حَنَفِيًّا وَاغْتَسَلَتْ لِيَحِلَّ لَهَا التَّمْكِينُ كَانَ مَاؤُهَا مُسْتَعْمَلًا أَوْ لِتَحِلَّ لَهُ كَانَ غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ حَرِّرْهُ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ حِلِّ التَّمْكِينِ عَلَى الْغُسْلِ انْتَهَى. ح ف وَالْحَلِيلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَكَذَا الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ إذَا كَثُرَ) أَيْ: الْمُسْتَعْمَلُ ابْتِدَاءً بِأَنْ تَوَضَّأَ شَخْصٌ فِي مَاءٍ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَإِنَّ هَذَا يُقَالُ: لَهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ لَكِنَّهُ كَثِيرٌ ابْتِدَاءً، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّ فَسْقِيَّةَ الْأَزْهَرِ مَثَلًا يُقَالُ لَهَا: مُسْتَعْمَلَةٌ إذَا انْغَمَسَ فِيهَا مُحْدِثٌ مَثَلًا لِأَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي فَرْضٍ بَلْ فِي فُرُوضٍ كَثِيرَةٍ، وَيَصِحُّ الْوُضُوءُ مِنْهَا قَطْعًا فَعُلِمَ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْقَلِيلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضٍ غَيْرُ مُطَهِّرٍ إنْ قَلَّ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي فَرْضٍ مُطَهِّرٌ إنْ كَثُرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الطَّاهِرِيَّةَ) أَيْ: اللَّازِمَةَ لِلطَّهُورِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَالطَّهُورِيَّةُ أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا زَالَ الْوَصْفُ الْأَغْلَظُ وَهُوَ النَّجَاسِيَّةُ بِالْكَثْرَةِ فَالِاسْتِعْمَالُ أَوْلَى. (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ: فِي قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>