للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ مِنْهَا سَجْدَةُ ص، بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ «سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً، وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا» أَيْ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.

. (تُسَنُّ) عِنْدَ تِلَاوَتِهَا (فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) ، وَلَا تَدْخُلُ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (، وَيَسْجُدُ مُصَلٍّ لِقِرَاءَتِهِ) لَا لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْ مِنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ، أَيْ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْهَا سَجْدَةُ ص) لَمَّا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ ص لَيْسَتْ مِنْ السَّجَدَاتِ، حَتَّى يَسْتَثْنِيَهَا قَدَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ سَجْدَةٍ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا لَيْسَتْ شُكْرًا مَحْضًا، وَلَا تِلَاوَةً مَحْضًا، بَلْ فِيهَا الشَّائِبَتَانِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُنَافِي قَوْلُنَا: يَنْوِي بِهَا سَجْدَةَ الشُّكْرِ قَوْلَهُمْ: سَبَبُهَا التِّلَاوَةُ، وَهِيَ سَبَبٌ لِتَذَكُّرِ قَبُولِ التَّوْبَةِ أَيْ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا يُنْظَرُ هُنَا لِمَا يَأْتِي فِي سُجُودِ الشُّكْرِ مِنْ هُجُومِ النِّعْمَةِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ سَجْدَةِ مَحْضِ التِّلَاوَةِ، وَسَجْدَةِ مَحْضِ الشُّكْرِ، وَقَوْلُهُ: سَجْدَةُ ص يَجُوزُ قِرَاءَةُ ص بِالْإِسْكَانِ وَبِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ بِلَا تَنْوِينٍ، وَبِهِ مَعَ التَّنْوِينِ، وَإِذَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ كُتِبَتْ حَرْفًا وَاحِدًا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا بِاعْتِبَارِ اسْمِهَا ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ عَبْدُ الْحَقِّ. اهـ. ع ش. وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا حَرْفًا وَاحِدًا وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ، وَعَلَى فَتْحِ الصَّادِ تَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ مَمْنُوعَةً مِنْ الصَّرْفِ لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلسُّورَةِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) وَمَعَ ذَلِكَ لَا تُطْلَبُ إلَّا عِنْدَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: تُسَنُّ عِنْدَ تِلَاوَتِهَا، اهـ. شَيْخُنَا فَلَوْ نَوَى بِهَا التِّلَاوَةَ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ نَوَى بِهَا مُطْلَقَ الشُّكْرِ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ عَلَى قَبُولِ تِلْكَ التَّوْبَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ السَّبَبُ فِيهَا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُفِيدُ الْإِجْزَاءَ ح ل وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا، أَيْ سُجُودُنَا يَقَعُ شُكْرًا فَلَا يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَتُهُ، وَلَا الْعِلْمُ بِهِ، اهـ. وَاعْتَمَدَهُ ح ف.

(قَوْلُهُ: قَبُولِ تَوْبَتِهِ) أَيْ: مِنْ خِلَافِ الْأَوْلَى الَّذِي ارْتَكَبَهُ لَا مِنْ الذَّنْبِ لِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ أَنَّهُ أَضْمَرَ أَنَّ وَزِيرَهُ إنْ قُتِلَ فِي الْغَزْوِ، تَزَوَّجَ بِزَوْجَتِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ دَاوُد بِذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ نَظِيرِهِ لِآدَمَ وَأَيُّوبَ وَغَيْرِهِمَا؟ قُلْتُ: وَجْهُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُحْكَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَقِيَ مِمَّا ارْتَكَبَهُ مِنْ الْخَوْفِ وَالْبُكَاءِ حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ، وَالْقَلِقِ الْمُزْعِجِ مَا لَقِيَهُ، إلَّا مَا جَاءَ عَنْ آدَمَ، لَكِنَّهُ مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ عَلَى فِرَاقِ الْجَنَّةِ، فَجُوزِيَ بِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَعُلِيِّ قُرْبِهِ، وَأَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَيْهِ نِعْمَةً تَسْتَوْجِبُ دَوَامَ الشُّكْرِ مِنْ الْعَالِمِ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، اهـ. حَجّ وم ر؛ وَلِأَنَّهُ وَقَعَ فِي قِصَّتِهِ التَّنْصِيصُ عَلَى سُجُودِهِ بِخِلَافِ قَصَصِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْهُمْ سُجُودٌ عِنْدَ حُصُولِ التَّوْبَةِ لَهُمْ ع ش عَلَى م ر.

وَوَرَدَ أَنَّ دَاوُد كَانَ عِنْدَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ امْرَأَةً، وَطَلَبَ امْرَأَةَ وَزِيرِهِ أُورْيَا وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا، وَتَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ نَزَلَ لَهُ عَنْهَا، وَكَانَ ذَلِكَ لِسِرٍّ عَظِيمٍ، وَهُوَ أَنَّهُ رُزِقَ مِنْهَا سُلَيْمَانَ كَمَا فِي الْجَلَالَيْنِ، وَحَوَاشِيهِ قَالَ أَبُو السُّعُودِ: وَلَمَّا طَلَبَهَا مِنْ وَزِيرِهِ اسْتَحْيَا مِنْهُ، فَطَلَّقَهَا وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي شَرِيعَةِ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُعْتَادًا فِيمَا بَيْنَ أُمَّتِهِ غَيْرَ مُخِلٍّ بِالْمُرُوءَةِ، فَكَانَ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَنْ يَنْزِلَ عَنْ زَوْجَتِهِ فَيَتَزَوَّجَهَا، إذَا أَعْجَبَتْهُ وَقَدْ كَانَ الْأَنْصَارُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يُوَاسُونَ الْمُهَاجِرِينَ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، إلَّا أَنَّ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ وَارْتِفَاعِ رُتْبَتِهِ، لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَاطَى مَا يَتَعَاطَاهُ آحَادُ أُمَّتِهِ مَعَ كَثْرَةِ نِسَائِهِ، بَلْ كَانَ الْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَغْلِبَ هَوَاهُ، وَيَصْبِرَ عَلَى مَا اُمْتُحِنَ بِهِ، اهـ.

. (قَوْلُهُ: تُسَنُّ عِنْدَ تِلَاوَتِهَا) أَيْ لِلْقَارِئِ وَالسَّامِعِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلُ فِيهَا) أَيْ تَحْرُمُ وَتُبْطِلُهَا وَإِنْ انْضَمَّ لِقَصْدِ الشُّكْرِ قَصْدُ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبْطِلُ وَغَيْرُهُ غَلَبَ الْمُبْطِلُ شَرْحُ م ر وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ قَصْدُ التَّفْهِيمِ مَعَ الْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْمُبْطِلِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْقِرَاءَةِ مَطْلُوبٌ، وَقَصْدَ التَّفْهِيمِ طَارِئٌ بِخِلَافِ السُّجُودِ بِلَا سَبَبٍ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ أَصْلًا ع ش عَلَى م ر وَقَدْ يُقَالُ: لَهَا سَبَبٌ، وَهُوَ التِّلَاوَةُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وَقَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ صَلَاةً.

(قَوْلُهُ: لِقِرَاءَتِهِ) أَيْ لَا بِقَصْدٍ فِي غَيْرِ صُبْحِ الْجُمُعَةِ فَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِي غَيْرِ الم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا م ر وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ آيَةَ سَجْدَةٍ، أَوْ سُورَتَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>