للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِتَكْرِيرِ الْآيَةِ) ، وَلَوْ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ، أَوْ رَكْعَةٍ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهَا، نَعَمْ إنْ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى كَرَّرَ الْآيَةَ كَفَاهُ سَجْدَةٌ.

. (، وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ صَلَاةً) فَلَوْ فَعَلَهَا فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ (وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ) كَحُدُوثِ وَلَدٍ، أَوْ مَالٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ النِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ كَالْعَافِيَةِ، وَالْإِسْلَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِ الْعُمْرِ (أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) كَنَجَاةٍ مِنْ هَدْمٍ، أَوْ غَرَقٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَيَّدَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ النِّعْمَةَ، وَالنِّقْمَةَ بِكَوْنِهِمَا ظَاهِرَتَيْنِ لِيُخْرِجَ الْبَاطِنَتَيْنِ كَالْمَعْرِفَةِ، وَسَتْرِ الْمَسَاوِئِ (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) كَزَمِنٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ (أَوْ فَاسِقٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي: (مُعْلِنٍ) بِفِسْقِهِ لِأَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ أَشَدُّ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا، وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا» وَالسُّجُودُ لِلْمُصِيبَتَيْنِ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالسَّامِعِ، اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ، اهـ. ز ي وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: كَفَاهُ سَجْدَةٌ) أَشْعَرَ أَنَّ الْأَوْلَى تَكْرِيرُ السُّجُودِ بِعَدَدِ الْآيَاتِ ع ش وَعِبَارَةُ ز ي وَلَهُ أَنْ يُكَرِّرَ السُّجُودَ بِعَدَدِ الْآيَاتِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ وَعِبَارَةُ حَجّ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِكَفَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِيمَنْ طَافَ أَسَابِيعَ، ثُمَّ كَرَّرَ صَلَوَاتِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ سُنَّةَ الطَّوَافِ لَمَّا اُغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْخِيرُ الْكَثِيرُ، سُومِحَ فِيهَا بِمَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ هُنَا

. (قَوْلُهُ: وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ) وَلَوْ سَجْدَةَ ص، فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ تُسَنُّ أَيْ سَجْدَةُ ص فِي غَيْرِ صَلَاةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ وَهَذَا عَامٌّ لِسَجْدَةِ ص وَغَيْرِهَا، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: نِعْمَةٍ) أَيْ: لَهُ أَوْ لِنَحْوِ وَلَدِهِ، أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَطَرِ عِنْدَ الْقَحْطِ سَوَاءٌ كَانَ يَتَوَقَّعُهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ نَظِيرُهَا؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمُتَعَلِّقِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ م ر وز ي، وَعِبَارَةُ حَجّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ، ظَاهِرَةٍ مِنْ حَيْثُ لَا يُحْتَسَبُ، أَيْ لَا يَدْرِي وَإِنْ تَوَقَّعَهَا كَوَلَدٍ وَلَيْسَ الْهُجُومُ مُغْنِيًا عَنْ الْقَيْدَيْنِ بَعْدَهُ، وَلَا تَمْثِيلُهُمْ بِالْوَلَدِ مُنَافِيًا لِلْأَخِيرِ خِلَافًا لِزَاعِمَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهُجُومِ الشَّيْءِ مُفَاجَأَةُ وُقُوعِهِ الصَّادِقِ بِالظَّاهِرِ وَبِمَا لَا يُنْسَبُ عَادَةً لِتَسَبُّبِهِ، وَضِدُّهُمَا وَبِالظُّهُورِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ عُرْفًا وَبِالْأَخِيرِ أَنْ لَا يُنْسَبَ وُقُوعُهُ فِي الْعَادَةِ لِتَسَبُّبِهِ وَالْوَلَدُ وَإِنْ تَسَبَّبَ فِيهِ لَكِنَّهُ لَا يُنْسَبُ حُصُولُهُ فِي الْعَادَةِ لِتَسَبُّبِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ مَا لَوْ تَسَبَّبَ فِيهِمَا تَسَبُّبًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِحُصُولِهِمَا عِنْدَهُ فَلَا سُجُودَ، كَرِبْحٍ مُتَعَارَفٍ لِتَاجِرٍ يَحْصُلُ عَادَةً عَقِبَ أَسْبَابِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اعْتِبَارِ تَسَبُّبِهِ فِي حُصُولِ الْوَلَدِ بِالْوَطْءِ وَالْعَافِيَةِ بِالدَّوَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْسَبُ فِي الْعَادَةِ إلَى فِعْلِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: هُجُومِ نِعْمَةٍ، أَيْ حُصُولُهَا فِي وَقْتٍ لَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَهَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَرَقَّبُهَا، اهـ. فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْهُجُومِ وَالتَّرَقُّبِ؛ لِأَنَّ التَّرَقُّبَ فِي أَيِّ زَمَانٍ كَانَ. (قَوْلُهُ: كَحُدُوثِ وَلَدٍ) وَلَوْ مَيِّتًا أَيْ إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ) أَيْ: حَلَالٍ م ر ع ش.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ: هُجُومِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَبُولَ تَوْبَةِ سَيِّدِنَا دَاوُد نِعْمَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ فَلَعَلَّ السُّجُودَ لَهَا مُسْتَثْنًى وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، أَيْ فَكَانَ تَذَكُّرُ التَّوْبَةِ بِقِرَاءَةِ الْآيَةِ حُدُوثًا لِلنِّعْمَةِ يَتَجَدَّدُ كُلَّ وَقْتٍ، فَلَا اسْتِثْنَاءَ سم بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: نِعْمَةٍ أَيْ أَوْ هُجُومِ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، اهـ. حَجّ وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: أَوْ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ أَيْ عَنْهُ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ أَوْ عَنْ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ يَتَوَقَّعُهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمُتَعَلِّقِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ.

(قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ الْبَاطِنَتَيْنِ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النِّعَمَ الْبَاطِنَةَ كَالظَّاهِرَةِ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَقْعٌ م ر. (قَوْلُهُ: كَالْمَعْرِفَةِ) أَيْ لِلَّهِ وَهَذَا مِثَالٌ لِحُدُوثِ النِّعْمَةِ الْبَاطِنَةِ، وَمَا بَعْدَهُ مِثَالٌ لِانْدِفَاعِ النِّقْمَةِ الْبَاطِنَةِ، اهـ.

(قَوْلُهُ: وَسَتْرِ الْمَسَاوِئِ) أَيْ: عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ السُّجُودَ لِحُدُوثِ الْمَعْرِفَةِ، وَحُدُوثِ سَتْرِ الْمَسَاوِئِ أَوْلَى مِنْ السُّجُودِ لِحُدُوثِ كَثِيرٍ مِنْ النِّعَمِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ احْتِرَازًا عَمَّا لَا وَقْعَ لَهُ، كَحُدُوثِ فَلَسٍ، وَعَنْ عَدَمِ رُؤْيَةِ عَدُوٍّ، لَا ضَرَرَ فِيهَا وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّعْمَةُ لَهَا وَقْعٌ، اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى أَوْ فَاسِقٍ) الْمُرَادُ بِرُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ أَوْ ظَنِّهِ بِنَحْوِ سَمَاعِ كَلَامِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَكَرُّرُ السُّجُودِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِيمَنْ هُوَ سَاكِنٌ بِإِزَائِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِهِ كَذَلِكَ، إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ أَهَمُّ مِنْهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ، اهـ. حَجّ. (قَوْلُهُ: مُبْتَلًى) بِفَتْحِ اللَّامِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ قَالَ ع ش: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ، وَهُوَ قَرِيبٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِقٍ) مِثْلُهُ الْكَافِرُ م ر بَلْ مِثْلُهُ الْعَاصِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا كَمُرْتَكِبِ الصَّغِيرَةِ مِنْ غَيْرِ إصْرَارٍ، فَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: مُعْلِنٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ ز ي لَكِنْ اعْتَبَرَهُ م ر وَعِ ش سَلَّمَهُ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فَمُقْتَضَاهُمَا أَنَّهُ قَيْدٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ أَشَدُّ) أَيْ: وَقَدْ أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا بِرُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى، فَعَلَى السَّلَامَةِ مِنْ مُصِيبَةِ الدِّينِ بِرُؤْيَةِ الْفَاسِقِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُمَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>