للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْجُمْلَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ اخْتِرَاعُ صُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تُعْهَدْ، وَقَوْلِي: فَأَكْثَرَ مِنْ زِيَادَتِي، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ (أَوْ) نَوَى (قَدْرًا) رَكْعَةً فَأَكْثَرَ (فَلَهُ زِيَادَةٌ) عَلَيْهِ (وَنَقْصٌ) عَنْهُ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (إنْ نَوَيَا، وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ، أَوْ نَقَصَ بِلَا نِيَّةٍ عَمْدًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا نَوَاهُ (فَإِنْ قَامَ لِزَائِدٍ سَهْوًا) فَتَذَكَّرَ (قَعَدَ ثُمَّ قَامَ لَهُ) أَيْ: لِلزَّائِدِ (إنْ شَاءَ) ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ قَعَدَ، وَتَشَهَّدَ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَسَلَّمَ.

. (وَهُوَ) أَيْ: النَّفَلُ الْمُطْلَقُ (بِلَيْلٍ) أَفْضَلُ مِنْهُ بِالنَّهَارِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ (وَبِأَوْسَطِهِ أَفْضَلُ) مِنْ طَرَفَيْهِ إنْ قَسَمَهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ (ثُمَّ آخِرُهُ) أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ إنْ قَسَمَهُ قِسْمَيْنِ، وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسُ الرَّابِعُ، وَالْخَامِسُ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ فَقَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ، وَقَالَ: أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ، أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ كُلَّ رَكْعَةٍ، ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَنْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يُطَوِّلْ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ، أَيْ: بِذَلِكَ التَّشَهُّدِ شَرْحُ م ر وحج قَالَ حَجّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الرُّبَاعِيَّةِ مَثَلًا، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَلَمْ يُطَوِّلْ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَضُرَّ، فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا طَوَّلَ بِالتَّشَهُّدِ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ، لِمَا مَرَّ أَنَّ تَطْوِيلَهُمَا مُبْطِلٌ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْفَرْضِ اسْتَقَرَّتْ، فَلَمْ يَنْظُرْ لِإِحْدَاثِ مَا لَمْ يَعْهَدْ فِيهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ، اهـ. هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَتَى جَلَسَ فِي الثَّالِثَةِ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ مَا فَعَلَهُ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُ حَجّ: لِمَا مَرَّ أَنَّ تَطْوِيلَهَا مُبْطِلٌ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) ، لَعَلَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ عِنْدَ فِعْلِ ذَلِكَ قَصْدًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَأَتَى بِهَا وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ زِيَادَةٌ أُخْرَى، فَقَامَ إلَيْهَا بَعْدَ النِّيَّةِ وَأَتَى بِهَا وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ أُخْرَى فَأَتَى بِهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ أُخْرَى فَأَتَى بِهَا كَذَلِكَ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ وح ف.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ زِيَادَةٌ) أَيْ: وَالْإِتْيَانُ بِمَنْوِيِّهِ أَفْضَلُ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَيَا) أَيْ: الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مُتَيَمِّمٍ لِفَقْدِ الْمَاءِ، وَقَدْ وَجَدَهُ فِي أَثْنَاءِ عَدَدٍ نَوَاهُ، أَمَّا هُوَ فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى، اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَةِ، أَوْ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ وَقَوْلُهُ: سَهْوًا فَتَذَكَّرَ، أَوْ جَهْلًا فَعَلِمَ، اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ. وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: تَبْطُلُ بِشُرُوعِهِ فِي الْقِيَامِ، اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَامَ لِزَائِدٍ) وَصَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ، أَوْ مُسَاوِيًا.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَامَ) أَيْ أَوْ فَعَلَهُ مِنْ قُعُودٍ، اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشَأْ قَعَدَ.) أَيْ: اسْتَمَرَّ قَاعِدًا

. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ) هُوَ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» وَتَقَدَّمَ حَمْلُهُ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: ثُمَّ آخِرَهُ) أَيْ: ثُمَّ مَا هُوَ بِآخِرِهِ، فَهُوَ بِالْجَرِّ أَيْ: نِصْفُهُ الْآخَرُ أَفْضَلُ مِنْ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ بَقِيَّتِهِ وَيُتَّجَهُ أَنَّ السُّدُسَ الْخَامِسَ أَفْضَلُ مِنْ السَّادِسِ، اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: " أَفْضَلُ " يَقْتَضِي أَنَّ آخِرَهُ مُبْتَدَأٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: " أَفْضَلُ " خَبَرٌ لِ " هُوَ " الْمُقَدَّرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ قَسَمَهُ قِسْمَيْنِ) أَيْ: نِصْفَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَسَمَهُ أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَاعًا عَلَى نِيَّةِ أَنَّهُ يَقُومُ ثُلُثًا وَاحِدًا أَوْ رُبْعًا وَاحِدًا وَيَنَامُ الْبَاقِي، فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ مَا يَقُومَهُ آخِرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَسَمَهُ أَجْزَاءً، يَنَامُ جُزْءًا وَيَقُومُ جُزْءًا، ثُمَّ يَنَامُ جُزْءًا، فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ مَا يَقُومَهُ وَسَطًا، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ رُبْعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُومَ الثَّالِثَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ، إذَا قَسَمَهُ أَسْدَاسًا، كَمَا فِي ح ل. وَيَنَامُ السُّدُسَ السَّادِسَ؛ لِيَقُومَ لِلصُّبْحِ بِنَشَاطٍ. وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِنْ الْوَسَطِ وَالْأَخِيرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيُّ الصَّلَاةِ) أَيْ: أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ: جَوْفُ اللَّيْلِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُضْمِرَ فِي الثَّانِي، أَيْ: الْجَوَابَ، وَالتَّقْدِيرُ: فَقَالَ: صَلَاةُ جَوْفِ اللَّيْلِ، وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّقْدِيرِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ) أَيْ: وَسَطُهُ، وَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَبِأَوْسَطِهِ أَفْضَلُ، وَإِنَّمَا كَانَ الثُّلُثُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلَ مِنْ النِّصْفِ الْأَخِيرِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ آخِرَهُ، مَعَ أَنَّهُ أَطْوَلُ لِيَقُومَ لِلصُّبْحِ بِنَشَاطٍ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ: أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ: ثُمَّ آخِرَهُ أَفْضَلُ إنْ قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَخِيرَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الثُّلُثِ الْأَخِيرِ الْمَوْجُودِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، اهـ. شَيْخُنَا ح ف. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ ثَلَاثَ دَعَاوَى: ثِنْتَانِ فِي الْمَتْنِ، وَوَاحِدَةً فِي الشَّرْحِ وَأَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ دَلِيلًا. (قَوْلُهُ: كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ) أَيْ: الْأَوَّلَ، وَإِلَّا لَوْ ضَمَّ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>