بَلْ يُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ وَإِنْ اخْتَصَّ بِصِفَاتٍ مُرَجِّحَةٍ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ أَنْ لَا يُحَافِظَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَيُكْرَهُ أَيْضًا الِائْتِمَامُ بِمُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ وَإمَامَةُ مَنْ يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ شَرْعًا لَا الِائْتِمَامُ بِهِ
(وَقُدِّمَ وَالٍ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ) الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى لِلْخَبَرِ الْآتِي وَلِأَنَّ تَقْدِيمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ (فَإِمَامٌ رَاتِبٌ) مِنْ زِيَادَتِي. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا نَعَمْ إنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالسَّاكِنِ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ إلَخْ) إضْرَابٌ إبْطَالِيٌّ عَمَّا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَعَدْلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ مِنْ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى وَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِالْفَاسِقِ، وَالْمُبْتَدِعِ لَمْ يُكْرَهْ الِائْتِمَامُ بِهِمَا وَقَالَ ح ل: قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ أَيْ كَمَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَيْضًا الِائْتِمَامُ بِمُبْتَدِعٍ) أَيْ كَمَا تُكْرَهُ الْإِمَامَةُ لَهُ ح ل، وَفِيهِ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ دَاخِلٌ فِي الْفَاسِقِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ انْتَفَى عَنْهُ الْفِسْقُ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا نُكَفِّرُهُ) أَيْ بِبِدْعَتِهِ خَرَجَ مَنْ نُكَفِّرهُ بِبِدْعَتِهِ كَالْمُجَسِّمَةِ وَمُنْكَرِي الْبَعْثِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَعْدُومِ أَوْ بِالْجُزْئِيَّاتِ لِإِنْكَارِهِمْ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِكُفْرِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمُجَسِّمَةِ عَدَمُ التَّكْفِيرِ. اهـ. ز ي أَيْ مَا لَمْ يُجَسِّمْ صَرِيحًا وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ فَيَكْفُرُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَالْجِهَوِيُّ الْقَائِلُ: إنَّ اللَّهَ فِي جِهَةٍ لَا يَكْفُرُ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الْجِهَةِ الْجِسْمِيَّةُ؛ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبُ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ (قَوْلُهُ: وَإِمَامَةُ مَنْ يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ شَرْعًا) أَيْ لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ فِيهِ شَرْعًا كَوَالٍ ظَالِمٍ أَوْ لَا يَحْتَرِزُ عَنْ النَّجَاسَةِ أَوْ يَمْحَقُ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ أَوْ يَتَعَاطَى مَعِيشَةً مَذْمُومَةً أَوْ يُعَاشِرُ أَهْلَ الْفِسْقِ وَنَحْوَهُمْ أَوْ شَبْهَ ذَلِكَ نَصَبَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ كَرِهَهُ دُونَ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَكْثَرُ لَا لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا فَلَا كَرَاهَةَ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَرَاهَةِ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ بِصِفَةِ الْكَرَاهَةِ أَمْ لَا فَيُعْتَبَرُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِمَعْنًى يَفْسُقُ بِهِ كَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ كُرِهَ لَهُ الْإِمَامَةُ وَكُرِهَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ التَّرْكِ فِتْنَةً أَوْ ضَرَرًا اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.
(قَوْلُهُ: أَكْثَرُهُمْ) بِخِلَافِ نِصْفِهِمْ أَوْ أَقَلِّهِمْ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ ح ف فَإِنْ كَرِهَهُ كُلُّهُمْ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر قَالَ الْبَرْمَاوِيُّ: وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ الشَّخْصُ قَوْمًا فِيهِمْ أَبُوهُ وَأَخُوهُ الْأَكْبَرُ؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ «وَلِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمَهُ، وَفِيهِمْ أَبُوهُ» اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا الِائْتِمَامُ بِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا
. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ، وَالٍ) وَلَوْ فَاسِقًا، وَالْمُرَادُ الْمُتَوَلِّي كَالْبَاشَا، وَالْقَاضِي وَنَائِبِهِ، وَالْبَاشَا مُقَدَّمٌ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ أَعَمُّ أَيْ إذَا كَانَتْ وِلَايَتُهُ شَامِلَةً لِلصَّلَاةِ كَمَا فِي ع ش وَقَرَّرَهُ ح ف، وَالْمُرَادُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ، وَالسَّاكِنِ بِحَقٍّ إذَا أَذِنَ بِالصَّلَاةِ فِي مَسْكَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْجَمَاعَةِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَزِدْ زَمَنُهَا عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ وَإِلَّا اُحْتِيجَ لِإِذْنٍ فِيهَا أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَيُقَدَّمُ الْوَالِي حَتَّى عَلَى الْإِمَامِ الرَّاتِبِ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْإِمَامَةَ لَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّمَ عَلَى الْمَالِكِ فَهَذَا أَوْلَى وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نَصْبُ الْفَاسِقِ إمَامًا فِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَلَيْسَ مِنْهَا أَنْ يُوقِعَ النَّاسَ فِي صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ نَصْبِ كُلِّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَنَاظِرُ الْمَسْجِدِ كَالْوَاقِفِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. شَرْحُ م ر، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ حَرُمَتْ التَّوْلِيَةُ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ التَّوْلِيَةُ اهـ. حَجّ.
وَيَحْرُمُ عَلَى أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَالْخَيْرِ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْفَاسِقِ، وَالْمُبْتَدِعِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَحْسِينِ الظَّنِّ بِهِمْ كَمَا فِي الْبَرْمَاوِيِّ وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْوَالِي فِي غَيْرِ إمَامَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَمَّا فِيهَا فَالْقَرِيبُ أَوْلَى مِنْهُ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَالْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَيْ الْقَرِيبَ الذَّكَرَ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَوْ امْرَأَةً مِنْ الْوَالِي، وَالْقَدِيمُ تَقْدِيمُ الْوَالِي ثُمَّ إمَامِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيِّ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَفَرَّقَ الْجَدِيدُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَدُعَاءُ الْقَرِيبِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ لِتَأَلُّمِهِ وَانْكِسَارِ قَلْبِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَالِي عَلَى الْوَلِيِّ قَطْعًا فَافْهَمْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ اهـ. (قَوْلُهُ: الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) وَمِنْ ذَلِكَ الْبَاشَا مَعَ قَاضِي الْعَسْكَرِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَإِمَامٌ رَاتِبٌ) وَلَوْ فَاسِقًا، وَالْإِمَامُ الرَّاتِبِ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ أَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ. شَرْحُ م ر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute