بِخِلَافِ الْمُقَارَنَةَ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ لَكِنَّهَا فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي أَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ الْمَفْعُولَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَأْمُورٍ بِهِ فِي الْمُوَافَقَةِ، وَالْمُتَابَعَةِ كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ إذْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَمَاعَةً إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا.
(وَالْعُذْرُ كَأَنْ أَسْرَعَ إمَامٌ قِرَاءَتَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قُيُودٍ كَوْنُهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بِلَا عُذْرٍ وَأَخَذَ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَفْهُومَ الثَّانِي فَتَكُونُ مَفَاهِيمُهَا أَيْضًا خَمْسَةً (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ) مُعْتَمَدٌ وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَصَدَ ذَلِكَ دُونَ مَا إذَا وَقَعَ اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهَلْ الْجَاهِلُ بِكَرَاهَتِهَا كَمَنْ لَمْ يَقْصِدْهَا لِعُذْرِهِ؟ قِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّهُ مِثْلُهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ إطْفِيحِيٌّ.
وَقَوْلُهُ: فِي الْأَفْعَالِ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْهَاءُ لِأَنَّهَا عَائِدَةٌ عَلَى الْمُقَارَنَةِ وَخَرَجَ بِالْأَفْعَالِ الْأَقْوَالُ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ فَتُكْرَهُ الْمُقَارَنَةُ فِي الْأَقْوَالِ كَالْأَفْعَالِ وَتَفُوتُ بِهَا الْفَضِيلَةُ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ إمَامِهِ أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ إلَى فَرَاغِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ لَمْ يُدْرِكْهُ فِي الرُّكُوعِ كَمَا أَفَادَهُ ع ش وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ أَيْ فِي تَفْوِيتِ الْفَضِيلَةِ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مُفَوِّتَةً لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَفُوتُهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا فِيمَا قَارَنَهُ فِيهِ فَإِذَا قَارَنَهُ فِي الرُّكُوعِ فَاتَهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ رُكُوعًا لِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً أَيْ صَلَاةً شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ تَفْوِيتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ مُخَالَفَةِ مَأْمُورٍ بِهِ بَيَانٌ لِلْمَكْرُوهَاتِ فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي سَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ الَّتِي هِيَ مُخَالَفَةُ مَأْمُورٍ بِهِ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمُوَافَقَةِ، وَالْمُتَابَعَةِ فِي بِمَعْنَى مِنْ الْبَيَانِيَّةِ، وَالْمُبَيَّنُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ الَّذِي هُوَ الْمُوَافَقَةُ، وَالْمُتَابَعَةُ وَمَثَّلَ الْمُوَافَقَةَ بِقَوْلِهِ كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ أَيْ عَنْ الصَّفِّ إذْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْمُوَافَقَةِ فِي الصَّفِّ الْمَأْمُورِ بِهَا وَسَكَتَ عَنْ تَمْثِيلِ الْمُتَابَعَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَمِثَالُهَا سَبْقُ الْإِمَامِ بِرُكْنٍ أَوْ بِبَعْضِهِ.
وَقَوْلُهُ: إذْ الْمَكْرُوهُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَلِقَوْلِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ إلَخْ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ الْمَكْرُوهُ) أَيْ لِذَاتِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ لِرُجُوعِ الْكَرَاهَةِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا بَلْ قَالُوا إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْأَمَاكِنِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ أَوْ بِحِرْمَانِ بَعْضِهِ اهـ. م ر ع ش.
(قَوْلُهُ: لَا ثَوَابَ فِيهِ) وَإِلَّا لَكَانَ الشَّيْءُ مَطْلُوبَ الْفِعْلِ مَطْلُوبَ التَّرْكِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ الَّذِي قَارَنَ إمَامَهُ أَوْ خَالَفَ شَيْئًا مَأْمُورًا بِهِ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ وَهَذَا الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِقَوْلِهِ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ وَقَوْلُهُ: جَمَاعَةٌ أَيْ فَتَصِحُّ مَعَهَا الْجُمُعَةُ وَيَخْرُجُ بِهَا عَنْ نَذْرِهِ وَتَصِحُّ مَعَهَا الْمُعَادَةُ وَيَسْقُطُ بِهَا الشِّعَارُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعُذْرُ كَأَنْ أَسْرَعَ إمَامٌ قِرَاءَتَهُ) ، وَالْمُقْتَدِي بَطِيءُ الْقِرَاءَةِ أَيْ لِعَجْزٍ خِلْقِيٍّ لَا لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ طَالَ زَمَنُهَا عُرْفًا أَمَّا الْمُتَخَلِّفُ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهَا لِتَعَمُّدِهِ تَرْكَهَا فَلَهُ التَّخَلُّفُ لِإِتْمَامِهَا إلَى أَنْ يَقْرُبَ إمَامُهُ مِنْ فَرَاغِ الرُّكْنِ الثَّانِي فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهَا لِإِتْمَامِهِ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِيمَا بَعْدَهُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ اسْتِمْرَارِ الْوَسْوَسَةِ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ أَوْ تَرْكِهِ لَهَا بَعْدَهُ إذْ تَفْوِيتُ إكْمَالِهَا قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرٍ بِتَرْدِيدِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ غَيْرِ بُطْءٍ خِلْقِيٍّ فِي لِسَانِهِ سَوَاءٌ نَشَأَ ذَلِكَ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي التَّعَلُّمِ أَمْ مِنْ شَكِّهِ فِي إتْمَامِ الْحُرُوفِ أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا اهـ. شَرْح م ر كَأَنْ شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الْكَلِمَاتِ فِي أَنَّهُ أَتَى بِحُرُوفِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا أَمَّا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضِ الْحُرُوفِ قَبْلَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ وَهُوَ مَعْذُورٌ، وَضَابِطُ الْوَسْوَسَةِ الظَّاهِرَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ حَجّ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّخَلُّفِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ اهـ. ع ش.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ لِلْعُذْرِ أَمْثِلَةً أَرْبَعَةً: الْأَوَّلُ هَذَا، وَالثَّانِي يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا لِشَغْلِهِ بِسُنَّةٍ فَمَعْذُورٌ، وَالثَّالِثُ، وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ: كَمَأْمُومٍ عَلِمَ أَوْ شَكَّ إلَخْ. وَبَقِيَ أَمْثِلَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا م ر وحج وَقَدْ أَوْصَلَ بَعْضُهُمْ الْأَعْذَارَ إلَى اثْنَيْ عَشْرَ، وَقَدْ نَظَمَهَا شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ بِقَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute