للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا وَفَتْحِهَا وَحُكِيَ كَسْرُهَا (تَتَعَيَّنُ) وَالْأَصْلُ فِي تَعْيِينِهَا آيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] وَأَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ كَخَبَرِ «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» وَخَبَرُ «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

جُمِعَ فِيهَا مِنْ الْخَيْرَاتِ، أَوْ لِجَمْعِ خَلْقِ آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِهَا، أَوْ لِاجْتِمَاعِهِ بِحَوَّاءَ فِي عَرَفَةَ، أَوْ لِأَنَّهُ جَامَعَهَا فِيهَا. وَيَوْمُهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَفْضَلُ أَيَّامٍ مُطْلَقًا حَتَّى مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدَيْنِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَنَا أَنَّ عَرَفَةَ أَفْضَلُ وَهُوَ أَيْ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، وَلَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْهُ يَعْتِقُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ عَتِيقٍ مِنْ النَّارِ مَنْ مَاتَ فِيهِ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ، وَعَذَابَهُ، وَفِيهِ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ، وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَلَمْ تَقُمْ بِهَا كَمَا لَمْ تَقُمْ بِهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِخَفَاءِ الْإِسْلَامِ وَأَقَامَهَا أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بِقَرْيَةٍ تُسَمَّى نَقِيعَ الْخَضِمَاتِ بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ، فَقَافٍ مَكْسُورَةٍ، فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ، فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، فَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ، فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ، فَمِيمٍ فَأَلِفٍ. وَآخِرُهُ فَوْقِيَّةٌ اسْمُ قَرْيَةٍ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَصَلَاتُهَا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَبِرْمَاوِيٌّ وز ي.

(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْمِيمِ) وَهُوَ أَفْصَحُ وَهَذِهِ اللُّغَاتُ الْأَرْبَعَةُ فِي غَيْرِ الْأُسْبُوعِ الْمُسَمَّى بِالْجُمُعَةِ فِي قَوْلِك صُمْت جُمُعَةً أَيْ: أُسْبُوعًا أَمَّا هُوَ فَبِالسُّكُونِ لَا غَيْرُ كَذَا قَرَّرَهُ ح ف وَفِي ع ش عَلَى م ر وَأَمَّا الْجُمُعَةُ بِسُكُونِ الْمِيمِ فَاسْمٌ لِأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَأَوَّلُهَا السَّبْتُ. اهـ مِصْبَاحٌ وَعَلَيْهِ فَالسُّكُونُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ (قَوْلُهُ: تَتَعَيَّنُ) أَيْ: تَجِبُ عَيْنًا وَقِيلَ كِفَايَةً. قَوْلُهُ آيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: ٩] إلَخْ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ فِيهَا الصَّلَاةُ وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ السَّعْيِ إلَيْهَا وُجُوبُهَا وَسُمِّيَتْ الصَّلَاةُ ذِكْرًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ جُزْئِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ. وَعِبَارَةُ م ر " فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ " وَهُوَ الصَّلَاةُ وَقِيلَ الْخُطْبَةُ فَأَمَرَ بِالسَّعْيِ. وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَإِذَا وَجَبَ السَّعْيُ وَجَبَ مَا يَسْعَى إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَاحٌ وَلَا يُنْهَى عَنْ فِعْلِ الْمُبَاحِ إلَّا لِفِعْلِ الْوَاجِبِ. اهـ قَالَ: ع ش قَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى وُجُوبِهَا بِالْآيَةِ، وَالْحَدِيثَيْنِ بَعْدَهَا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْآيَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الْجُمُعَةِ إذْ وُجُوبُ السَّعْيِ فِي يَوْمِهَا شَامِلٌ لِنَحْوِ الْعَصْرِ، وَأَيْضًا الذِّكْرُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي خُصُوصِ الصَّلَاةِ فَاحْتَاجَ لِذِكْرِ الْحَدِيثَيْنِ بَعْدَهَا وَلَمْ يَكْتَفِ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونُ الْوُجُوبُ فِيهِ بِمَعْنَى الْمُتَأَكِّدِ فِعْلُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ؛ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَذِكْرُ الثَّانِي تَخْصِيصٌ لِمَا قَبْلَهُ. اهـ.

وَقَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُهُ: " إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ " إلَخْ أَيْ: بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَحَرُمَ اشْتِغَالٌ بِنَحْوِ بَيْعٍ بَعْدَ شُرُوعٍ فِي أَذَانِ خُطْبَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ) عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِالْحَدِيثِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إلَّا أَرْبَعَةً) إنْ نُصِبَ فَذَاكَ وَإِنْ رُفِعَ فَعَلَى تَأْوِيلِ الْكَلَامِ بِالنَّفْيِ كَأَنَّهُ قِيلَ لَا يَتْرُكُ الْجُمُعَةَ مُسْلِمٌ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةٌ. اهـ. سم ع ش وَقَوْلُهُ: إنْ نُصِبَ فَذَاكَ أَيْ: فَذَاكَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامٍ تَامٍّ مُوجَبٍ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ نَصَبَ قَوْلَهُ: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ فَهُوَ بَدَلٌ وَإِنْ رُفِعَ فَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَحَدُهَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَعَلَى تَأْوِيلِ الْكَلَامِ بِالنَّفْيِ، أَوْ عَلَى أَنَّ إلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ، وَأَرْبَعَةٌ مُبْتَدَأٌ مَوْصُوفٌ بِمَحْذُوفٍ مَفْهُومٍ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ بَدَلٌ شَوْبَرِيُّ بِإِيضَاحٍ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ فَالْغَرَضُ مِنْ تَأْوِيلِ الرَّافِعِ بِمَا ذَكَرَهُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ وَصُورَتُهُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ تَامٌّ مُوجِبٌ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ فِيهِ نَصْبُ الْمُسْتَثْنَى فَمَا وَجْهُ تَصْحِيحِ الرَّفْعِ هُنَا؟ وَفِي م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّصْبَ بَعْدَ الْكَلَامِ التَّامِّ الْمُوجِبِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ وَقَالَ: أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عُصْفُورٍ فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَ إلَّا مُوجِبًا جَازَ فِي الِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إلَّا وَجْهَانِ: أَفْصَحُهُمَا النَّصْبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَالْآخَرُ أَنْ تَجْعَلَهُ مَعَ إلَّا تَابِعًا لِلِاسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ فَتَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا بِنَصْبِهِ وَرَفْعِهِ وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ " فَشَرِبُوا مِنْهُ إلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ " بِالرَّفْعِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَلَمَّا تَفَرَّقُوا كُلُّهُمْ أَحْرَمُوا إلَّا أَبُو قَتَادَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ: ابْنُ جِنِّي فِي شَرْحِ اللُّمَعِ وَيَجُوزُ أَنْ تَجْعَلَ إلَّا صِفَةً بِمَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>